عرض مشاركة واحدة

  #2  
قديم 25-02-2009, 01:06 PM
محمد البوخاري
زائر
 
افتراضي

. وفي ولايته يقول أبو محمد غانم بن وليد المخزومي الأديب من أبيات :
واستقبل الملك إمام الهدى ... في أربع بعد ثلاثينا
خلافة الله سمت نحوه ... وهو ابن خمس بعد عشرينا
إني لأرجو يا إمام الهدى ... أن تملك الدنيا ثمانينا
لا رحم الله امرأ لم يقل ... عند دعائي لك : آمينا !
وفيه يقول أبو زيد عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني من قصيدته المشهورة التي يتداولها القوالون لعذوبة ألفاظها وسلاستها :
وكأن الشمس لما أشرقت ... وانثنت عنها عيون الناظرين
وجه إدريس بن يحيى بن علي ... بن حمود أمير المؤمنين
خط بالمسك على أبوابه : ... ادخلوها بسلام آمنين
ملك ذو هيبة لكنه ... خاشع لله رب العالمين
وإذا ما رفعت راياته ... خفقت بين جناحي جبرئين
وإذا أشكل خطب معضل ... صرع الشك بمفتاح اليقين
وإذا راهن في السبق أتى ... وبيمناه لواء السابقين
يا بني أحمد يا خير الورى ... بأبيكم كان رفد المسلمين
نزل الوحي عليه فاحتبى ... في الدجى فوقهم الروح الأمين
خلقوا من ماء عدل وتقى ... وجميع الناس من ماء وطين
وأول هذه القصيدة :
ألبرق لائح من أندرين ... ذرفت عيناك بالدمع المعين
لعبت أسيافه عارية ... كمخاريق بأيدي اللاعبين
ومنها :
ومصابيح الدجى قد أطفئت ... في بقايا من سواد الليل جون
وكأن الطل مسك في الثرى ... وكأن النور در في الغصون
والندى يقطر من نرجسه ... كدموع أسلمتهن الجفون
والثريا علقت في أفقها ... كقضيب زاهر من ياسمين
وهذا من أحسن ما قيل في تشبيه الثريا
وكان إدريس هذا متناقض الأمور : كان أرحم الناس قلبا كثير الصدقة يتصدق كل يوم جمعة بخمسمائة دينار ورد المطرودين إلى أوطانهم وصرف إليهم ضياعهم وأملاكهم ولم يسمع بغيا في أحد من الرعية . وكان أديب اللقاء حسن المجلس يقول من الشعر الأبيات الحسان . ومع هذا فكان لا يصحب ولا يقرب إلا كل ساقط نذل ولا يحجب حرمه عنهم وكل من طلب منهم حصنا أعطاه إياه . وسلم وزيره ومدبر إمامته وصاحب أبيه وجده موسى بن عفان إلى أمير صنهاجة فقتله وكان الصنهاجي سأل ذلك منه وكتب إليه فيه فلما أخبر إدريس موسى بن عفان بذلك وبأنه لابد من تسليمه إليه قال له : " افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " . وهو القائل بديها وقد غنى ما لم يرضه في مدحه فقال للمغني : " أعد الصوت وقل :
إذا ضاقت بك الدنيا ... فعرج نحو إدريسا
إذا لاقيته تلقى ... رئيسا ليس مرءوسا
إمام ماجد ملك ... يزيل الغم والبوسا "
هؤلاء خاتمة الأدباء من الملوك العلوية والمروانية لذهاب سلطانهم وانقراض ملكهم بالأندلس والمغرب في هذه المائة الخامسة واستيلاء الثوار على الأقطار
وفيها أيضا كان انقراض الدولة العبيدية بإفريقية على يدي المعز بن باديس الصنهاجي

 

 

رد مع اقتباس