عرض مشاركة واحدة

  #2  
قديم 03-08-2009, 02:05 AM
الفزازي الفزازي غير متواجد حالياً
كاتب نشيط
 





افتراضي

[align=center]المبحث الرابع : مذهبه وعقيدته ومشربه :
تفقه رحمه الله تعالى أولا على المذهب السائد في بلده وهو المذهب المالكي،ولكنه لما دخل مصر تركه،وانتسب شافعيا.ثم تركه واتبع الدليل وترك التقليد .

يقول رحمه الله تعالى:"كنت في بداية أمري مالكيا ،وضاع من عمري عامان كاملان في مختصر خليل !!،قرأته فيهما من أوله إلى كتاب النكاح بشرح الدردير وحاشية الدسوقي،وما كنت أذهب إلى الدرس إلا وأنا أعلم به من الأستاذ ،لأني كنت أحفظه شرحا ،وأحيط بجميع ما في الحاشية من الأقوال،وكنت دائما أتحرج من تلك الأقوال المجردة عن الدليل ،ولا تكاد نفسي تسلم منها شيئا دون معرفة دليلها،إلى أن زار مصر شيخنا أبو حفص عمر بن حمدان المحرسي المدني،وصرت أقرأ عليه الحديث،فقلت لَه يوما:إني متضجر من كتب المالكية لعدم ذكرهم دليل الفروع،فقال:إذا أحببت أن تقف على أدلة المسائل فعليك بمطالعة كتب الشافعية ولو أصغرها كشرح التحرير لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ،فيادرت إلى ذلك متعطشا إليه،فلما رأيت الشافعية لا يذكرون مسألة إلا بدليلها ،وعرفت أن مذهب مالك مخالف للدليل في كثير من فروعه انتقلت إلى مذهب الشافعي...ثم بعد هذا مَنَّ الله علينا فبنذنا التقليد جملة وتفصيلا،وما بقينا نعتبر مذهبا من المذاهب أصلا!!،والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله"( جؤنة العطار 2/7-9 بتصرف).

وقال رحمه الله :"ومذهبه في الفروع الاجتهاد المطلق والعمل بالدليل سواء وافق الجمهور،فضلا عن الأربعة ،فضلا عن وأحد منهم،أو خالفهم ما لم يخرق الاجماع المعتبر شرعا" ( البحر العميق 1/40).

وأما عقيدته ، فقد كان ينسبها إلى السلف الصالح ومحققي الصوفية.
وكان ينبذ تأويل الصفات ،ويرى التفويض مع التنزيه،ويحكم على ما عداه بأنه بدعة وضلالة،

وفي هذا يقول ( جؤنة العطار 2/52):

ما هكذا التوحيد في إيماننا كـلا ولا التأويل ديـن المسلم
آمنت بالله العظيم كما أتى وتركت تأويل الصفات لمن عمى
ونبذت للجهمي بدعة رأيه علنا وما باليـت لـوم اللـوم
وتركت للتيمي خبث مقاله وأخذت بالدليـل الحنيف القيم


وأما في السلوك:

فقد كان رحمه الله صوفي المنزع،شاذلي المشرب،خلف أباه على الطريقة الصديقية،يحب الصوفية الصادقين منهم ويعتقدهم،ويدافع عنهم بلسانه وقلمه،فم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية في اعتقاده،بما وهبهم الله من أذواق ومعارف وأسرار،ولهذا كان شديد الوطأة على من يخالف نحلتهم،أو يطعن في منهجهم.
وكان له ذوق خاص ومحبة صادقة لأهل البيت والدفاع عنهم وعداوة النواصب وتعريتهم .



المبحث الخامس : مكانته العلمية :

يعد الشيخ أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله أحد أعلام المحدثين الذين برزوا في القرون المتأخرة،ولا أدل على ذلك من كتبه وأجزائه الحديثية الكثيرة،التي برز فيها سعة اطلاعه،وتمكنه في الصناعة الحديثية،وقوة استحضاره للمتون،وبراعته في توظيف القواعد الحديثية،ومعرفته التامة بالرجال وطبقاتهم،الشيء الذي أهله لأن يدعي لنفسه الإجتهاد في التصحيح والتضعيف،والرد والقبول،بل والتجريح والتعديل.

يقول رحمه الله :"ومنها – أي من نعم الله عليه – بلوغه في الحديث إلى درجة الحفاظ الأقدمين أهل النقد والتجرير والإجتهاد والتحقيق فيه،ما لم يصل إليه أحد من المحدثين بعد الحافظ ابن حجر والسخاوي،بل وفي بعض المسائل لَه اليد المطلقة أكثر منهما وإن لم يصل إلى درجة الحفظ والإطلاع إلى درجتهما لعدم وجود الأصول التي وقفا عليها،ولو تيسرت لَه الأصول التي تيسرت لهما لما انحطت رتبته عنهما،ولله الحمد" ( البحر العميق، ص:65).

والذي يدل على تأهله لذلك أنه صحح أحاديث حكم عليها الحفاظ المتقدمون بالوضع بله الضعف،وضعف أحاديث أو حكم ببطلانها إذ حكموا هم عليها بالصحة أو الحسن.

وقد شهد بنبوغه وتفوقه في علم الحديث شيوخه الذين احتاجوا إليه في حياتهم،كالشيخ بخيت،واللبان،والخضر حسين،وعبد المعطي السقا،والمسند الطهطاوي،وعمر حمدان،ويوسف الدجوي،وغيرهم،وأخباره مع مشايخه المذكورين سطرها في (( البحر العميق في مرويات ابن الصديق )).

كما شهد له بذلك العديد ممن ترجموا له وعرفوه.

-يقول الأستاذ الفقيه ابن الحاج السلمي رحمه الله تعالى:"فقيه،علامة،صاحب مشاركة في كثير من العلوم الإسلامية،وضروب الثقافة العربية الرصينة الأصيلة،إلا أن لَه تخصصا وتبريزا وتفوقا في حلبة علوم الحديث على طريقة الحفاظ الأقدمين،متنا وسندا،ومعرفة تراجم الرواة،وطرق الجرح والتعديل،وقد كون فيها نفسه بنفسه،دون أن يتتلمذ لأحد"( إسعاف الإخوان الراغبين،ص:38).

-ويقول عنه الشيخ العلامة الفقيه المؤرخ عبد السلام بن عبد القادر بن سودة رحمه الله تعالى:"الشيخ الحافظ المحدث المسند الناقد الراوية الكاتب المقتدر الفقيه..يعد من أكبر المحدثين اليوم بالديار المغربية" ( سل النصال للنضال،ص: 181).

-وقال عنه الشيخ العلامة أحمد بن محمد مرسي النقشبندي المصري رحمه الله تعالى :"أنه بلغ درجة إمارة المؤمنين في علم الحديث " ( مقدمة كتاب الكنز الثمين ،ص: د ).

-ويقول شقيقه العلامة المحدث سيدي عبد الله بن الصديق رحمه الله عند تعداده شيوخه:
"أخي أبو الفيض السيد أحمد بن الصديق ،العلامة الحافظ،كان يعرف الحديث معرفة جيدة،وصنف فيه التصانيف العديدة،وانقطع لَه،فأخرج لنا مصنفات ذكرتنا بالحفاظ المتقنين،كـ (( المداوي لعلل الجامع وشرح المناوي )) في ستة مجلدات ضخام،و(( هداية الرشد في تخريج أحاديث ابن رشد )) في مجلدين،واستخرج على (( مسند الشهاب )) ،وعلى (( الشمائل المحمدية ))،وكتب أكثر من خمسين جزءا حديثيا ،لا يعرف أن يكتبها أحد في عصرنا،خاصة (( فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ))،و ((درء الضعف عن حديث من عشق فعف ))،وله غير ذلك من المصنفات في الحديث والفقه وغيرهما" ( سبيل التوفيق في ترجمة عبد الله بن الصديق ، ص: 62).

يتبع[/align]

 

 

التوقيع :
إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل
رد مع اقتباس