عرض مشاركة واحدة

  #14  
قديم 13-06-2008, 06:45 PM
الصورة الرمزية الشريف محمد أدهم
الشريف محمد أدهم الشريف محمد أدهم غير متواجد حالياً
كاتب متألق
 




Thumbs up تاريخ الادارسة

تاريخ الأدارسة
________________________________________
الأدارسة
يقصد بالأدارسة الدولة التي قامت في المغرب الأقصى سنة 172هـ /789م على يد الإمام إدريس بن عبد الله ، و به سميت الدولة ، وينسب إدريس هذا إلى الفرع الحسنى ، فوالده هو عبد الله الكامل بن الحسن المثنى ابن الحسن بن على بن أبى طالب ، وكان عالما جليلا ، وقد احتل منزلة مرموقة في مجتمعه ، وهو شيخ بني هاشم ورئيس العلويين في ذلك الوقت (1) ، وقد نشأ على جانب من اليسر.
وبعد مقتل الإمام على بن أبى طالب عليه السلام ، أخذ البيت العلوي يصارع في سبيل الوصول إلى مقعد الخلافة ، وقد استمر هذا الصراع في عهد الدولتين: الأموية والعباسية لأنهم كانوا يرون أنهم أصحاب الحق الشرعي في منصب الخلافة لذا اندلعت عدة ثورات ومن هذه الثورات ثورة أحد زعماء البيت العلوي وهو الحسين بن على بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب في المدينة 169هـ/786م واشترك فيها الإمام إدريس(2) ابن عبد الله ثم انتقل الثوار إلى فخ وهو مكان قريب من مكة وكان اللقاء بين الثوار والعباسيين وانتهى بمقتل الحسين ومائة من أهل بيته ومن بقى من أهل البيت اختلط بالحجاج (3) أما الإمام إدريس بن عبد الله قد فر إلى مصر ومنها إلى بلاد المغرب الأقصى حيث توجه إلى مدينة (وليلى) وهناك نزل على زعيم قبيلة أوربة وهو إسحاق بن محمد ابن عبد الحميد الأوربي(4) الذي رحب به وأكرم وفادته وبايعه بالإمامة هو وقبيلته ثم دعا بقية القبائل لمبايعته سنة 172هـ/789م (5) وبذلك قامت دولة الأدارسة.
وقد تضافرت عدة عوامل على مبايعة الإمام إدريس بن عبد الله منها معرفة البربر بأحداث المشرق ، وتطلع قبائل البرير إلى زعامة دينية وسياسية مع مميزات شخصية في الإمام إدريس ثم تأييد قبيلة اوربة للدولة الجديدة.
ما أن استقرت الأمور في (وليلى) عاصمة الدولة حتى خرج الإمام إدريس بن عبد الله على رأس جيشه لإخضاع بقية مناطق المغرب لذا خرج في ثلاث حملات الأولى إلى الجنوب والغرب والثانية إلى الجنوب وذلك للقضاء على الضلالات المنتشرة في تلك المناطق أما الثالثة فكانت إلى الشرق حيث استولى على مدينة تلسمان ، هذا النجاج أقلق الخليفة هارون الرشيد في بغداد ومن ثم دبر مؤامرة لاغتياله على يد أحد أتباعه وهو سليمان جرير المعروف بالشماخ وقد نجح في تنفيذ مهمته وقتل الإمام إدريس بن عبد الله بواسطة السم سنة 175هـ/791م(6).
تولى راشد وزعماء البربر كفالة إدريس بن إدريس بعد مقتل والده حتى بلغ أشده وبويع سنة 188هـ/804م. وشهدت البلاد في عهده رخاء واستقرارا مع هجرة كثير من القبائل العربية من القيروان والأندلس إلى (وليلى) مما اضطر معه الإمام إدريس بن إدريس إلى البحث عن مكان جديد للعاصمة ووقع الاختيار على مدينة فاس سنة 192هـ/808م(7) ثم تابع الإمام إدريس بن إدريس نشاط والده العسكري فخرج في حملتين الأولى تجاه بلاد المصامدة والثانية إلى تلمسان وقد حقق نجاحا كبيرا حتى إذا كانت سنة 213هـ/828م توفى الإمام إدريس بن إدريس ليتولى خلفا له ابنه محمد الذي قسم مناطق الدولة على إخوته وذلك بمشورة جدته كنزه التي رأت أن ذلك في صالح الدولة؛ إلا أن هذا التقسيم حمل في طياته بذور الخلاف والشجار ، وحدث صراع بين الأخوة ثم تعاقب أمراء الأدارسة على المناطق المختلفة ، وبدأت الدولة تفقد وحدتها وتماسكها حتى وصل القائد وصالة بن حبوس المكناسى أحد قادة الدولة الفاطمية سنة 305هـ/917م.
لقد كان للأدارسة دور مؤثر وخطير في حياة المنطقة إذ نجح الأدارسة في توحيد المغرب الأقصى ، وذلك نتيجة عدة خطوات منها إقامة حكومة مركزية في وليلى ثم في العاصمة الجديدة "فاس" تخضع لها مختلف القبائل ؛ كما كانت الحملات العسكرية المتكررة مجالا لحشد هذه القبائل تحت راية واحدة وصهرها في مجتمع واحد متجانس يضاف إلى ذلك ترحيب الأدارسة بالوفود العربية القادمة وما ترتب على ذلك من نشر للثقافة الإسلامية والعربية وإنشاء العاصمة الجديدة فاس التي ضمت مختلف هذه العناصر.
وفى مجال نشر الإسلام وخدمة الدين الحنيف فقد بذل أمراء الأدارسة خطوات كبرى في هذا المجال ومن هذه الخطوات القيام بحركة مقدسة الغرض منها القضاء على الوثنية المنتشرة في المنطقة ، وكذلك القضاء على المذاهب الخارجية التي استشرى خطرها في البلاد فضلا عن الاستقرار السياسي والاقتصادي ودورهما المؤثر في دخول البربر في الإسلام ، وكان المذهب المالكي هو مذهب الدولة.
ومن أبرز أعمال الأدارسة في المنطقة والتي خلدت اسمهم في التاريخ بناء مدينة فاس التي لعبت دورا كبيرا في تقدم المنطقة وازدهارها إذ أنها أسهمت في تبديل الصورة القبلية التي كانت تعيشها المنطقة إلى نظام حضاري يسهم في نشر الإسلام والثقافة العربية وإليها أقبل الدارسون من كل مكان ومنها انطلق العلماء لنشر الإسلام والثقافة العربية وما زالت مدينة فاس تلعب دورها الحضاري حتى يومنا هذا.



________________________________________
الهامش:
1- مقاتل الطالبين (ص180).
2- النويرى: نهاية الأرب في فنون الأدب 23 /71 الهيئة العامة للكتاب.
3- ابن الأثير: الكامل في التاريخ 5 /76.
4- الأنيس المطرب ابن أبى نرع 1 /15.
5- المرجع السابق نفسه.
6- ابن خلدون العبر 4 /7.
7- ابن أبى زرع 1 /50.
8- الدر النفيس ص248.
مراجع الاستزادة:
1- الكامل في التاريخ ابن الأثير: تحقيق عبد الوهاب النجار 1357هـ.
2- الدر النفيس أبى العباس أحمد: الحلبي 1314هـ.
3- العبر وديوان المبتدأ والخبر ابن خلدون: بولاق 1284هـ.
4- الأنيس المطرب المغرب ابن أبى زرع على بن محمد 1936م.
5- مقاتل الطالبين أبو الفرج الأصفهاني على بن الحسن: تحقيق أحمد صقر 1949م.

 

 

رد مع اقتباس