عرض مشاركة واحدة

  #10  
قديم 09-09-2009, 09:04 AM
الصورة الرمزية رائـد الدباغ
رائـد الدباغ رائـد الدباغ غير متواجد حالياً
كاتب متألق
 




Lightbulb تابع

غير أن أحوال المسلمين في صقلية بدأت تتغير بعد وفاة رجار الثاني وتولى ابنه غليالم الأول في سنة 1152 ( 547 – 548 هـ ) ، فإن الولد لم يرث من ملكات أبيه إلا القليل وقد كان كسولاً عنيفاً متعالياً وبخيلاً ، كما يقول معاصروه من المؤرخين النصارى ، ولم يحسن إلى جانب ذلك اختيار نصحائه ورجال دولته ، ولهذا فقد شقي به رعاياه جميعاً مسلمين وغير مسلمين ، ثم إن الظروف كانت قد تغيرت من حوله ، فقد اشتد ساعد الإمبراطورية التيوتونية وأخذ رجالها يتأهبون لانتزاع جنوب إيطاليا من النرمان ، ومن ناحية أخرى استقام الأمر للموحدين وأقبلوا يضيضمون شتات المغرب ويستعيدون ما كان النرمان قد استولوا عليه من مواضع على الساحل الإفريقي ، ومالت طائفة من رجال الدولة من النصارى إلى الأباطرة أو الباباوات ، وطبيعي أن تميل أفئدة المسلمين إلى الموحدين أو الأيوبيين ، وهو ميل طبيعي من جماعة إسلامية غلبت على أمرها وباتت ترجو الخلاص ، وسنرى بعد قليل أن آل حمود الصقليين لم يقتصروا على مجحرد الرجاء ، بل سعوا بالفعل نحو الخلاص .

والمهم لدينا الآن أن ظنون غليالم الأول ساءت فيمن حوله من كبار رجال الدولة ، فوقعت الفتنة فيما بينهم من ناحية ، وبينهم وبينه من ناحية أخرى ، وكان لهذا أثره على آل حمود وبقية مسلمي الجزيرة . وقد بدأت الثورة عليه في أملاكه في أبوليا وقلورية وأيدها آل كومنين أباطرة الدولة البيزنطية بأسطول ، وبعد لأي ما استطاع غليالم إطفاء هذه الفتنة وعقد مع البيزنطيين في سنة 1157 ( 552 هـ ) ، قم وثب أهل صفاقس بالنرمان وتزعمهم أبو الحسن الغربياني وابنه ، وقامت الثورة كذلك في معظم جهات الشاحل الافريقي ، ولم تلبث جييوش الموحدين المظفرة أن أقبلت يقودها الخليفة عبد المؤمن بن علي ، واستردت معاقل الشاطيء الافريقي كلها حتى طرابلس .

وعلى أثر ذلك انقض نصارى بلرم على مسلميها نصارى بلرم على مسلميها على حين غفلة ، وكان المسلمون يسكنون أغنى أحياء المدينة ، وكان يسمى حي قصارة Cassara وأنزلوا بهم مذبحة دامية ، وقتلوا منهم المئات ، من بينهم الشاعر يحيى بن التيفاشي القابسي ، ويظن أن الادريسي ترك بلرم في هذه الآونة ، فقد كان يعيش منذ وفاة رجار الثاني على مقربة من القصر مشتغلاً بتأليف كتابه (( روض الأندلس ، ونزهة النفس )) ، وكان ذلك في سنة 577 ( 1161 ) ، وهذه آخر مرة نسمع فيها بذكر جغرافينا العظيم ، وذهب العماد في (( الخريدة )) إلى أن هذه المذبحة كانت سنة 550 ( 1155 – 1156 ) ، ولكن الغالب أنه خلط بينها وبين فتن أخرى مما وقع للمسلمين في صقلية في هذه الفترة العصيبة .

وقد ذكر الحسن الوازن الذي عرف باسم ليون الافريقي في رحلته أن الادريسي مات في صقلية سن ة516 هـ ، وهو وهم من الناسخ صححه دي سلين إلى 560 ( 1164 – 1165 ) ، ومن هنا نرى أن تاريخي مولد ووفاة أعظم أنجب العرب من الجغرافيين أخذهما عن مصدرين مشكوك في سلامتهما ، الأول راهب ماروني والثاني رحالة ارتد عن الإسلام .


يتبع..

 

 

التوقيع :


أمتي هل ما زلت متيقظة لما يدور حولك !!





[motr1]سأكون هنا بكل تفاصيلي



[/motr1]
رد مع اقتباس