عرض مشاركة واحدة

  #2  
قديم 28-11-2009, 01:31 AM
الصورة الرمزية أحمد سالم
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
كاتب نشيط
 




افتراضي

[align=center]--- تابع ---

ولعل إنشاء نقابة أو هيئة موريتانية تسهر على الحفاظ على هذه الأنساب غدا أمرا ملحا، حيث تفتح سجلات تدون فيها من يثبت لديها شرفه، وتعطيه صَكًّا مُصَدَّقًا بثبوت شرفه، وتسجل المواليد والوفيات وحالات الزواج والطلاق، إلى غير ذلك من الإجراءات الصارمة التي من شأنها صيانة النسب النبوي في هذه البلاد من الشوائب، والمتاجرة به، وجمع الصدقات به، و"إنما هي أوساخ لا تجوز لمحمد ولا لآل محمد" كما في الحديث النبوي الشريف.
إن قيام نقابة للأشراف في موريتانيا من شأنه ضمان الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للشرفاء، وحماية كرامتهم وحرمتهم. وقد تقدم هذه النقابة بوضع شارات مميزة لهم، حتى لا يظلوا تحت مطرقة غياب التدوين، وطغيان الرواية الشفوية المتحيِّزة أو الطاغية، وسندان انعدام العناية بالأنساب في أوساط الشباب الموريتاني الذي يعتبر الأنساب والانتساب من بقايا التخلف والبداوة.
على أن ظاهرة الاستشراف والطعن فيه في موريتانيا يستدعيان من ناحية تدوين الأنساب الشريفة الصحيحة ونشرها وقيام نقابة أو ولاية للأشراف تتولى شؤونهم العامة والخاصة، خاصة وأنهم كثيرون، فهم إما حَسَنِيُّونَ أو حُسَيْنِيُّونَ أو طَالِبِيُّونَ، وقد سرد المختار بن حامد في جزء الجغرافيا من كتابه ((حياة موريتانيا)) اثنتي عشرة مجموعة أغلبها من الحسنيين نسبة إلى الحسن بن علي بن أبي طالب، وأقلهم من الحسينين نسبة إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وهذا علاوة على قبائل بني حسان التي ثبت نسبها إلى جعفر الطيار بن أبي طالب شهيد مُؤْتَة.
ونود أن نسرد هنا للتذكير فقط شرفاء موريتانيا الواردين في كتاب ابن حامد المذكور آنفا:
أولا: الأدارسة أبناء عبد الله بن إدريس: شرفاء تيشيت: أهل الشريف حمى الله وأبناء الشريف أحمد، وأبناء محمدو بن الإمام وأبناء بَوْبَه الشريف وأبناء الإمام، وأبناء فاظل، وأهل أحمد شريف (أهل المنتقى في إدوالحاج) وأهل الشريف لكحل (في لغلال) وأهل سيدي الشريف وأهل الحاج الغربي وأهل الشريف الطاهر (في تجكانت) وأهل الطالب محمد في (ألاك).
أبناء عمر بن إدريس: أهل مولاي الزين، وأهل سيدي الشريف.
أبناء محمد بن إدريس:
*أولاد أبي السباع
* الركيبات
* إدكجمل
* إداب لحسن
*القلاقمة وهم: أولاد الشريف محمد الملقب بأبي بزوله وهم إدكفوديه وفالات كنار، وأولاد الفقيه حبيب الله وإداشغره وأولاد سيدي عال: أهل الشيخ محمد فاضل وفروعهم: وأولاد محمد فاضل وهم السماسيد وأيضا إكمليلين.
* أهل مولاي أمشيش (في لغلال).
* أهل مولاي ارشيد (في كنته)
أبناء القاسم بن إدريس: ومنهم تاكنات.
ثانيا: وينسب إلى الأدارسة أيضا: أهل الشريف المكي وأهل الشريف هاشم وأهل مولاي الحبيب وأهل عبد الله بن حامد (في لغلال) وأهل احمدنا لله وأهل مودي مالك (في أولاد ديمان) وأهل الشريف بُو غُبَّه.
ثالثا: أبناء الشريف علي السجلماسي: أهل الشريف البخاري وأهل المرتجي وأهل مولاي الحسن بن عبد القادر.
رابعا: أبناء عبد القادر الجيلاني: أهل الطالب اجود، وأهل سيدي محمد الصعيدي، وأهل احمد الاسود، وأهل سيدي يعرف، وأهل مولاي العباس.
خامسا: أبناء عبد الله بن الحسن المثنى: أهل محمد بن الشرفاء.
سادسا: أبناء جعفر بن عبد الله بن الحسن المثلث: السماليل.
سابعا: أبناء سليمان بن عبد الله الكامل: إدوعل وإداجفغ.
ثامنا: أبناء الحسين بن علي: أهل مولاي عمر بن مولاي ابراهيم، وأهل المبارك وأهل الصقلي.
تاسعا: أبناء الإمام الحضرمي: إدوكدشل وأهل اتشفغ الْحُمُّدْ وأهل جِدُّ وأهل لمتونه وأهل شلوحه.
عاشرا: قبائل بني حسان في أنحاء البلاد.
إن هذه هي أبرز المجموعات الشريفة التي ذكرها النسابون الموريتانيون وهي وافرة فيما يبدو ونتطلب هيئة تجمعها وتعتني بأمورها كما حث على ذلك العلماء الذين قسموا الشرفاء إلى طبقات حسب ثبوت النسب كما يقول ابن السكاك:
"اعلم أن الشرفاء عندنا على أربع مراتب:
*الأولى: وهي أعلى الطبقات وأرفعها وهي المرتبة المقطوع بها، التي إذا رأيت واحدا من أفرادها لا يصيبك ريب ولا شك في كونك رأيت ذَاتًا مكرمة من آل البيت الكرام، فمِمَّا يتأكد فيمن كان من أمة سيد الأكوان حين رؤيته لأحد من هذه الرتبة أن يحبه ويدعو له ويود نسبه.
* الرتبة الثانية: مشاهير بالشرف، غير أنهم في القطع مثل الرتبة الأولى، بل لهؤلاء غلبة الظن، فالواجب مع هؤلاء الإكرام والتعظيم ويزاد أولئك بفضل عظيم وحقوق الكرام.
* الرتبة الثالثة: قوم واردون من بلاد نائية فهؤلاء يصدقون على نسبهم، فيجب لهم من الإكرام والتعظيم مثل ما تقدم لأن للمرتبتين قبلهما من الزيادة ما تقدم.
* المرتبة الرابعة: قوم أغلب الظن عدم شرفهم لضعف أشبهتهم. لكنهم استعانوا على ذلك بولاية سلطنة أو ضخامة جاه أو فرط خدمة لأهل الْحَلِّ والعَقد من ولاة أمر أَيِّ أمير كان، فالواجب علينا في مثل هؤلاء، الكف مخافة أن يكونوا على بصيرة فنقع في آل البيت".
*** ***
على أننا هنا لا نود تصنيف شرفاء موريتانيا حسب الطبقات أو حسب التواتر، لأنهم جميعا لن يرضوا إلا بأن يكونوا من المرتبة أو الطبقة الأولى، إن لم يكونوا فوقها. ولكن من واجب هؤلاء الأشراف أن يقوموا بإنشاء رابطة، أو نقابة عامة، تحمي شرفهم وتصونه من عبث العابثين وطعن الطاعنين، واتجار المتاجرين، وإرجاف المرجفين، بواسطة السجل العام الذي تدوَّن فيه الأسماء والصكوك التي تحمل الخاتم والشعار، والنظام الأساس والداخلي الذي يحكم سير النقابة، وينظم مقتضيات تسجيل المواليد لدى البلديات والمقاطعات و المستشفيات والقنصليات الموريتانية. فهذه الإجراآت وحدها من شأنها ضبط الانتساب إلى البيت النبوي الشريف، كما عرف في التاريخ الإسلامي.
*** ***
لقد كان للأشراف في الدولة العباسية علامات خضراء على العمائم في عهد الخليفة المأمون الذي اتخذ لهم شعارا أخضر وثيابا خضرا والتي صارت شعارا لأبناء فاطمة الزهراء، وتطورت ألبسة الشرفاء حتى تحولت إلى قطعة خضراء توضع على العمامة ثم إلى عصابة خضراء في الشام ومصر، كما أنشئت ولايات ونقابات في الدولة الإسلامية تعظيما لآل البيت. وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان يعظم مَنْ يَدَّعي الشرف ولو لم يثبت عنده شرفه لعله يكون صادقا في دعواه.
وكان الفقهاء يفتون بِأنَّ مَن ادعى الانتساب كذبا إلى آل البيت يضرب أو يسجن ردعا لأمثاله، وصونا لهذا البيت من الدخلاء الأشرار والفسقة ...
*** ***
وما دام الدستور الموريتاني قد كفل حرية إنشاء النقابات، واعترفت الدولة بنقابة الحلاقين، والسيارات -مثلا- فإنها قد تعترف بنقابة الشرفاء يسيرها مكتب تنفيذي منتخب من الجمعية العامة للأشراف. ويكون من مهمات هذا المكتب التدقيق في ملف كل مَنْ يدعي الشرف؛ فإذا ثبت لديه شرفه أعطاء شجرة مصدقة وبطاقة عضوية تحمل صورته. إن الذي يود إثبات شرفه عليه أن يقدم طلبا خطيا إلى نقابة الأشراف، مشفوعا بالوثائق المصدقة، ويحضر الشهود المبرزين، ثم تقوم النقابة بعد ذلك بدراسة طلبه، والقيام بالتحريات اللازمة، فإن كانت القرائن المتاحة في صالح الطلب، سلمت له وصلا وبطاقة عضوية طبقا لما ينص عليه النظام الداخلي، وإن دلت على كذبه عُوقب بما روي عن مالك بن أنس أنه كان يرى: "أن من انتسب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم كذبا، يضرب ضربا وجيعا، وَيُشهَّرُ ويحبس طويلا حتى تظهر توبته لأنه استخف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم".
إن تقنين قوانين حماية الشرف النبوي تحميه من ادعاء وضيع ورذيل كالبغي أو المخنث أنه شريف، وإن انتشار ظاهرة التسول وراغبي الهدية وطالبي الصدقة أدى ذلك كله إلى أن يبادر بعض الناس بالاتجار بالنسب النبوي طلبا للهدية حتى ولو كان من قطاع الطرق والمومسات. والبيت النبوي طهره الله من الرجس، فلا ينبغي أن يدنس بمثل هؤلاء.
كما أن سيطرة النـزعة الاستهلاكية المادية وصعوبة المعاش، أدتا إلى زواج الشريفات بالأراذل. والسياسة الشرعية تحمي هذا النسب من الإهانة، والقذارة، ولذلك اعتبر الفقهاء أن ولاية أو نقابة الأنساب الشريفة من الأحكام السلطانية والولايات الدينية التي درسها العلماء، وألفوا فيها كما فعَل أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي (ت450هـ) الذي صنف كتابه "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" القيم.

--- يتبع ---[/align]

 

 

التوقيع :
رد مع اقتباس