ثورة بني إدريس على أخيهم محمد :
الحمد لله حمدا كثيرا ، والصلاة والسلام على سيدي وسيد خلق الله أولهم وآخرهم الذي أرسله رب العباد للبشرية جمعاء هاديا ومبشرا ونذيرا وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم إلى يوم الدين .
إنه لمما شك فيه أن ما أورده صاحب كتاب مصابيح البشرية في أبناء خير البرية في باب نبذة عن المولى القاسم بن المولى إدريس الأزهر هو جزء من الحقائق التاريخية التي تناولت حياة هذا الأمير وثورته على أخيه الإمام محمد . هذه الثورة التي تضاربت في شأنها الأقوال :
* فقد أورد هذه الفرضية صاحب كتاب الدرر البهية والجواهر النبوية والذي مما لاشك فيه أنه كان أحد المراجع التي اعتمد عليها الشيباني في مؤلفه السالف الذكر.
* ومنهم من ينسبها لعيسى بن إدريس كصاحب كتاب الإبانة عن المغمور في نسب شرفاء أهل الناظور ونبذة عن وثائقهم ، إذ يقول في الصفحة 55 من مؤلفه المذكور : قلنا أن الإمام محمد بن إدريس كتب إلى أخيه القاسم يأمره بالزحف على أخيهما عيسى لإخضاعه بالقوة ، ولكن القاسم أحجم عن القيام بهذه المهمة واعتذر إليه عن عدم تنفيذ أوامره بأبيات من الشعر أوردها صاحب الحيلة السيراء (1/132-133)فيها يقول :
سأترك للراغب الغرب هبا * وإن كنت في الغرب قيلا وندبا
وأسمو إلى الشرق في همة * يعز بها رتبا من أحبا
وأترك عيسى على رأيه * يعالج في الغرب هما وكربا
ولو كان قلبي عن قلبه * لكنت له في القرابة قلبا
وان أحدث الدهر من ريبه * شقاقا علينا وأحدث حربا
فإني أرى البعد سترا لنا * يجدد شوقا لدينا وحبا
ولم نجد قطعا لأرحامنا * نلاقي به آخر الدهر عتبا
وتبقى العداوة في عقبنا * وأكرم به حين نعقب عقبا
وأوفق من ذاك جوب الفلاة * وقطع المغارم نقبا فنقبا
* القول الثاني ويسير على هذا المنوال وهو الذي أورده ابن ريسون في مخطوطه فتح العليم الخبير :.....فقاموا ولات على بلاد المغرب فضبطوا ثغورهم وحكموا بلادهم وحسنت سيرتهم إلى أن خرج منهم على الإمام محمد أميرهم أخوه عيسى بمدينة شالة وبلاد تامسنا ونكث البيعة ونبذ الطاعة واستبد لنفسه فكتب الإمام لأخيه القاسم يأمره بحربه فامتنع من ذلك وعجز عنه فكتب إلى عمر بذلك فسارع إليه وجمع عسكرا عظيما من قبائل البربر ....فأوقع بأخيه عيسى وهزمه هزيمة عظيمة وأخرجه من مدينة شالا وعن سائر عمله فكتب إلى أخيه بالظفر فشكر فعله وولاه عمله وأمره بالمسير إلى أخيه القاسم الذي عصى أمره وامتنع من حرب عيسى فسار إليه بجيوشه ....فكانت بينهما حروب عظيمة هزم فيها القاسم واحتوى عمر على ما بيده من البلاد .
*أما القول الثالث هو ما أورده إسماعيل حمت في مؤلفه تاريخ المغرب والذي نسب الثورة والخروج عن طاعة الإمام محمد إلى كلتا الأميرين معا ، وأن من قام بتأديبهما هو أخوهما عمر بأمر من أخيه محمد .