بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
بوركتي سيدتي وبركتم جميعا أخوتي الكرام
الخلفيات التاريخية للزوايا في المغرب ما قبل درقاوة
ارتبط ظهور الزوايا في المغرب الإسلامي أساسا بظروف سياسية وتاريخية واجتماعية خاصة، كالفراغات السياسية التي كانت تنتج عن غياب السلطة المخزنية المركزية، أو تعرض البلاد إلى كوارث طبيعية مزلزلة كموجات القحط والجراد والفيضانات، أو تعرض المجتمع لتهديدات خارجية حقيقية مشرقية وأوربية؛ فاستغل أهل الطرق وشيوخ الزوايا مختلف هذه الأوضاع في المغرب، وتحركوا من أجل تعبئة المجتمع واستنهاضه ضد ما يحدق به من أخطار. فاعتبرت مؤسسة الزاوية خاصية من خصائص تاريخ المغرب الذي لا يمكن تناول أية فترة منه، أو أي حدث من أحداثه، دون أن نأخذ بعين الاعتبار حضور الزاوية والطرق في تشكيل جزء كبير منه، وهو ما جعل الكتابات التاريخية حول المغرب تبقى متفطنة ومدركة ما لهذا المعطى من أهمية في تفسير الكثير من الظواهر والقضايا التي يحفل بها التاريخ المغربي، معتبرة أن الطرقية تبقى منذ قرون الشكل الأكثر عمومية والأكثر شعبية والأكثر حيوية في المغرب الإسلامي، منذ أن اختمر الفكر الطرقي في البلاد المغربية وتجذر في أوساطه الشعبية بواسطة الطريقة الشاذلية على يد مؤسسها الأول أبي الحسن علي الشاذلي في القرن 13م، فازداد دور الزوايا أهمية في تاريخ المغرب بعد القرن 14م بفعل ضعف السلطة المركزية المخزنية المرينية والوطاسية من جهة، وبفعل الهجمات المسيحية الأيبيرية على الأراضي المغربية من جهة ثانية، وما كان لها من وقع في نفوس المغاربة الذين وجدوا في أهل الزوايا متنفسا لهم لقيادة عملياتهم الجهادية ضد الاحتلالات الأجنبية المتواصلة، ومن ثم بات من الصعب الفصل بين الديني والسياسي لدى هذه الزوايا وخاصة بعد ظهور الطريقة الجزولية التي أسسها زعيمها محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر الجزولي المتوفى عام 1465م/870هـ ، والذي ساند قيام الإمارة السعدية وكان من البدائل الهامة التي اعتمدها المغاربة للخروج من هول الصدمة الأيبيرية بعد احتلال العديد من المدن والمناطق المغربية كأﮔـادير(1405م) ومليلية(1509م) وسبتة (1415م) وغيرها.