الفقـيه العـــلامــة
سيـــدي الحــاج محمـــد البــوشــــواري
دفين أيت باها
لبسـم الله الرحمن الرحيـم
تمهيــد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد أشرف المرسلين ، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : فإن مما أنعم الله به على بلدنا هذا أن جعله أرض العلم والعلماء ، وموطن الصالحين والأولياء ، فما من مدينة إلا وتجد فيها لولي من أولياء الله مقاما ، وما من قبيلة إلا وتجد فيها سيدا إماما ، حتى قيل عن المغرب أنه بلد المائة ألف ولي ، وما ذلك إلا لأن بلدنا بلد العلم والعلماء ، والولايةُ إنما تدرك بمعرفة الله تعالى ، والتقرب إليه بما فيه رضاه.
فالعلماء أكثر الخلق معرفة بالله تعالى ، قال الله عز وجل }شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ<!--[if !supportFootnotes]-->[1]<!--[endif]-->{وهم من يخشى الله ويتقيه حق التقوى }إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ <!--[if !supportFootnotes]-->[2]<!--[endif]-->{
وبالعلم تحيا الأرض وتزدهر ويعمها النور والضياء ، وتنجلي عنها ظلمات الجاهلية الجَهْلاَء ، فهم ورثة الأنبياء ، وقد قال عنهم رسول اللهr )إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ ، كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ ، يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فَإِذَا انْطَمَسَتْ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ <!--[if !supportFootnotes]-->[3]<!--[endif]-->(
وإذا رزق الله تعالى بلدا من البلدان عالما من العلماء الأفذاذ ، فإن ذاك البلد يعمه الخير والبركة والنماء ، ويكون له عز وشرف بين كل البلدان ، وقديما قيل عن المغرب "لولا عياض ما عرف المغرب" فعالم واحد قد يرفع شأن موطنه إلى عاليات المجد.
وقد نالت أرض "سوس" – ولله الحمد على ذلك - من مجد العلم الحظ الكامل ، والنصيب الأوفر ، فسوس موطن العلم ومنبت الفضلاء ، أكرمها الله برسوخ العلم فيها منذ قرون وقرون ، ففي كل قبيلة مدرسة علمية أصيلة ، وفي كل بلدة علماء أجلاء ، وفقهاء أتقياء ، نشروا العلم وحاربوا الجهل.
من أعالي قمم الأطلس الصغير ، إلى مشارف سواحل أيت باعمران ، مرورا بسهول شتوكة ، في كل موضع تجد منبعا صافيا ، يزيل عن العقول أدران الجهل ، ويسبغ عليها تلألأ المعرفة وأنوار العرفان.
في سوس العالمة أسر علمية ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ ، منها من يمتد به النسب إلى الدوحة النبوية الشريفة ، كئال "البوشواريين" الذين هم فروع من أصل تلك الشجرة اليانعة ، المنبثقة من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وفاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نذكر من فروع البشواريين :
فرع ءال تيفيراسين
وفرع أيت واغزْن وءال تِيِّيْوت
وفرع المرسِيِّين
وفرع ءال تيكْنَاتِين
وفرع ءال تَموجّوت
وفرع ءال تاغرَّبوت
ونخص بالذكر من هذه الفروع فرعا يانعا زاخرا بالثمار ، يؤتي أكله كل حين ، هو فرع ءال تيفيراسين ، فهذا الفرع الشريف عامر بالعلماء الأجلاء ، وفيه من أهل الصلاح والتقوى ما يجل عن الإحصاء.
فمن هذه الأسرة الشريفة ينحدر العالم العلامة الفقيه الشريف سيدي الحاج محمد بن سيدي الحاج عبد الرحمن البوشواري ، دفين أيت باها ، فهو المقصد من هذه الكلمات ، ومن أجله سطرنا هذه الورقات ، لنذكر شيئا من ترجمته ، ونطلع على شيئ من أخبار هذه الأسرة الكريمة ، التي بلغت من المجد أوجَه ، ومن الشرف ذِروته.