ثانياً:- النظام الإداري في أواخر عهد أولاد امحمد في مرزق :
كان النظام الإداري في مرزق في عهد السلطان محمد بن محمد المنصور (1790 – 1804م ) والسلطان محمد المنتصر بن محمد المنصور (1804 – 1813 م) يسير بدرجة كبيرة على الأسس التي وضعها أجدادهما .
ويأتي منصب السلطان على قمة الهرم الاداري في الدولة يجمع في يديه السلطتين القضائية والمدنية، وكانت لدى السلطان سلطات مطلقة على الأقاليم التابعة له غير أنه بموجب معاهدة 1626 م التي سبق ذكرها، فإن طرابلس أصبحت تخاطب سلطان مرزق بلقب ( الشيخ ) أي شيخ فزان وتعني كلمة الشيخ هنا الزعيم ولذلك،لم يستخدم سلاطين مرزق لقب الشيخ إلا في مراسلاتهم الرسمية بينهم وبين طرابلس فقط .
وقد لاحظ الرحالة هرونمان أثناء تواجده في مرزق ما بين عامي 1798 م – 1800 م أن السلطان محمد المنصور في مخاطبته لمناطق نفوده كان يستخدم لقب سلطان للدلالة على حكمه القوي وكذلك لقب أمير المؤمنين لإضفاء صبغة دينية على حكمه وكان السلطان يستخدم ختماً كبيراً نقش فيه لقب سلطان، لختم المراسلات التي يوجهها إلى المناطق الواقعة تحت نفوده في فزان، في حين كان يختم رسائله المعنونة إلى طرابلس بختم صغير يحمل لقب (( شيخ )) .
وقد أورد حبيب الحسناوي مجموعة من صور وأختام سلاطين فزان ويظهر على أثنين منها من أختام السلطان محمد الطاهر لقب الشيخ والجدير بالذكر أن منصب السلطان ظل وراثياً في أسرة أولاد امحمد حتى انتهاء نفودها وكان السلاطين يحرصون دائماً على أن يكون نظامهم الإداري في خدمة مؤيديهم من رجال القبائل والمرابطين الذي يتلقون مكافآت مجزية وأراضي واسعة للانتفاع منها .
كما أهتموا بتوفير العدالة لأتباعهم. ولذا أصبح من مهام السلطان البت في بعض القضايا التي تعرض عليه بإعتباره يمثل محكمة الإستئنــاف الأخيرة. ويقوم السلطان بتصريف شؤون الدولة عن طريق إدارته الحكومية التي تعرف بالمخزن والتي كانت تتخذ من المحكمة مقراً لها .
وقد حرص السلطان على تحقيق التوازن المنشود بين الشرائح المختلفة في المجتمع بمستوياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي كان المخــــزن يضمها في اجتماعاته للتشاور فيما بينها تحقيقاً لمصالحها وهناك أصحاب ثلاث وظائف رئيسية في دولة أولاد امحمد كانوا يساعدون السلطان في إدارة دفة البلاد.
وقد تلقبوا بألقاب يرى حبيب الحسناوي أنها مستوردة من برنو وهي كلمة كلديمة وصاحبها يعرف بالوزير الأول، أما الوظيفة الثانية، فهي وظيفة كيجوما ومعناها الوزير الثاني، في حين أن الأمير الوارث للعرش فقد تلقب بلقب بريمه ومن الوظائــف القيـــــــــــــادية الأخرى التي كانت سائدة في أواخر أيام دولة أولاد امحمد الفاسي ما يلــــــــــــــــي :-
(1)- القـــائد : يتم تعيينه من قبل السلطان حاكماً لإحدى الأقاليم التابعة لسلطته ويقوم بقيادة الإدارة المدنية وتنفيد المسائل القضائية في دائرة إقليمية.
(2)- المقـــدم : يقوم السلطان بتعيينه لقيادة القوات المحلية والسطرة عليها، فضلًا عن استخدام سلطته العسكرية في تنفيد اوامر السلطان والقائد العام للجيش بالإضافة إلى تحصيل الضرائب من الذين يمتنعون عن دفعها طواعية.
(3)- الشيــــخ : هو عامل محلي أعطي صلاحيات كبيرة في تصريف شؤون قبيلته أو قريته تصريفاً كاملاً مع مراعاة تنفيد توجيهات السلطان وأوامره . وكان النظام الإداري في دولة أولاد امحمد يعتمد على شيوخ القبائل إعتماداً كبيراً.
وفي أواخر عهد أولاد امحمد، كانت فزان تضم مائة وواحداً من المدن والقرى . وأصبحت هذه القرى والمدن تقع تحت تسع مناطق إدارية، هي سوكنة، غدامس، غات، مرزق، القطرون، زويلة، قطه { في وادي الشاطئ }، القلعة وتكركيبة في
{ وادي الحياة }.
المصدر
كتـــــاب عنوانه مدينة مرزق وتجارة القوافل الصحراوية
خلال القرن التاسع عشر
رجب نصير الأبيض