إن يبين لأصغر مماليكه إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي بن عيسى ابن عبد الله أبي الآمر، ما عجز عنه من بيان وعلم وصلته بإدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يجده عند أحد إلا ما يحكيه بعد: وهو أن مملوكه لما حصل بدمشق ورام تصحيح نسبه صار مع خاله الشريف المحنك أبي المنصور يحيى بن سليمان بن علي الحسني إلى الشريف النقيب نظام الدين أبي العباس أحمد بن طاهر بن حيدر بن أبي الجن الحسيني رحمه الله، فقال الشريف نظام الدين: إنتسب، فانتسبت النسب المذكور، وقلت: عبد الله أبو الآمر بن محمد، وزاد خال المملوك زيادة على ذلك فقال: محمد أظنه ابن القاسم ابن يحيى بن يحيى أو ابن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن إدريس، فقام الشريف النقيب إلى بيته وأتى برسالة الحسين بن علي الفارسي في أخبار الملحدة وقال: عيسى ابن أبي الآمر عبد الله هو الفقيه المذكور هنا، فكان نسبه: عيسى بن أبي الآمر عبد الله بن الأمير أبي المطول محمد الأكبر بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس، ابن إدريس، فوصل النسب على ما رأيت بخطه وهو أحد الآمرين اللذين ذكرهما المحنك.
وأنت أدام الله أيامك فكعبة هذا الأمر والعلم وغيره، وقد رأيت على محمد ويحيى ابني القاسم نصييبتين فيما حكاه شيخ سيدنا الشريف شرف الدين ناصر الدين العمري بن الصوفي رحمه الله، فلا أدري ما معنى وضعهما، أفتنا يرحمك الله مأجوراً موفقاً.
قال مؤلف هذا الكتاب: وقد خلد هذا الخط بمجلس النسب على العادة في مثله حجة على كاتبه وجهله، وتلوه جوابنا على فصوله: أما قوله عن نفسه: إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي بن عيسى ابن عبد الله أبي الآمر، فهذه أسماء لا يشهد له بها سواه، اذ لم يتضمنها مسطور نسب ولا مقتضاه، ولا يصح لمنتم بها منتماه. وذكر أن أحداً من أئمة النسب لم يرو في شيء مما ألفوه وجردوه وصنفوه اسماً مما إدعاه هذا الدعي من ثالثة ولا رابعة ولا خامسة ولا سادسة، وبسط القول، ثم قال: وسؤاله فيما تضمنه تمويهه ومحاله، ومقاله أن أبين له ما عجز عنه من بيان وعلم وصلته بإدريس، فهذا أمر دال على التمويه والمحال والتدليس، لأن إدريس بن إدريس أعقب من جماعة كثير عددهم، جم مددهم، فإذا لم يتضح للنسابة من يعزى إليه المنتسب إليه من الطرفين، فحصول العلم من أين? ثم قال في الجواب عما ذكره خاله، ثم قوله: أنه قال: أظنه فلان بن فلان بن فلان، والأنساب لا تثبت بالظن في الانتساب، فلا يحتج بالظنون إلا كل مرتاب دعي كذاب، كلامه مضطرب الهندام، كأنه تجربة الأقلام.
ثم قال: وقوله: فقام الشريف نظام الدين إلى بيته وأتى برسالة الحسين بن علي الفارسي في أخبار الملحدة، وقال: عيسى بن أبي الآمر عبد الله هو الفقيه المذكور هنا؛ وهذا قول طريف، لا يوجب الشرف لشريف، لأن من يشهد على قوله بعيسى بن أبي الآمر عبد الله من النسابين، ثم من يشهد بأن عيسى بن عبد الله، وأن كنيته أبو الآمر، وأن عبد الله هو ابن محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى على ما رتبه المدعي في قاعدة دعواه، وهو لا يصح أولاه ولا أخراه.
وشيخنا غمام النسابين أبو الحسن علي بن محمد العمري رحمه الله قد ذكر الأخوين محمد بن القاسم، ويحيى بن القاسم، وأورد ليحيى دون محمد العقب إلى ثالث ولد وخرج ولم يذكر لمحمد بن القاسم ولداً ولا عليه عرج، ووافقه على ذلك الأئمة أهل طبقته ورفقته، وبعده ممن نحا نحوه، وقصد قصده.
وقد يكون عيسى بن عبد الله المذكور من البرابر المعتزين إلى بني يحيى بن يحيى، المجاورين لهم كما قدمنا ذكرهم فيما يلونه فقيها أو عالماً نبيهاً، أو ديناً عفيفاً لا يكون علويا شريفا؛ [mark=#CCFF99]ولو فرضنا أن يتضمن المسطور عيسى بن عبد الله أنه ابن محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس لما ثبت لذلك حقيقة، ولا استقامت إليه طريقه، لكون محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى لم يذكر له ولد، ولا أورد عقبه أحد، انقطع عقبه، وانبت سببه، والمورود ولده، والمحصور عدده أخوه يحيى بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس، فإنه أورد في كتب الأئمة وشجراتهم ولده، وولد ولده، وولد ولد ولده دون أخيه محمد، حجة على كذب مدعيه.[/mark]