بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريا ته وبعد .
تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ( تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ يَعْنِي بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْعُمُرِ)
قوله : ( تعلموا من أنسابكم ) أي من أسماء آبائكم وأجدادكم وأعمامكم وأخوالكم وسائر أقاربكم ( ما ) أي قدر ما
( تصلون به أرحامكم ) فيه دلالة على أن الصلة تتعلق بذوي الأرحام كلها لا بالوالدين فقط كما ذهب إليه البعض . والمعنى تعرفوا أقاربكم من ذوي الأرحام ليمكنكم صلة الرحم وهي التقرب لديهم والشفقة عليهم والإحسان إليهم , فتعلم النسب مندوب ( فإن صلة الرحم محبة ) بفتحات وتشديد موحدة مفعلة من الحب ,. قال القاري : وفي نسخة يعني من المشكاة بكسر الحاء أي مظنة للحب وسبب للود ( في الأهل ) أي في أهل الرحم ( مثراة في المال ) بفتح الميم وسكون المثلثة . وفي النهاية : هي مفتعلة من الثرى وهو الكثرة أي سبب لكثرة المال وهو خبر ثان ( منسأة ) بفتح الهمزة مفعلة من النساء وهو التأخير ( في الأثر ) بفتحتين أي لأجل , والمعنى أنها سبب لتأخير الأجل وموجب لزيادة العمر , وقيل باعث دوام واستمرار في النسل . وقال في اللمعات : والمراد بتأخير الأجل بالصلة إما حصول البركة والتوفيق في العمل وعدم ضياع العمر فكأنه زاد , أو بمعنى أنه سبب لبقاء ذكره الجميل بعده , أو وجود الذرية الصالحة . والتحقيق أنها سبب لزيادة العمر كسائر أسباب العالم . فمن أراد الله تعالى زيادة عمره وفقه لصلة الأرحام انتهى بتصرف من تحفة الأحوذي.
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وقوله ( { الرحم شجنة } ) بكسر المعجمة وسكون الجيم بعدها نون وجاء بضم أوله وفتحه رواية ولغة , وأصل الشجنة عروق الشجر المشتبكة , والشجن بالتحريك واحد الشجون , وهي طرق الأودية , ومنه قولهم : الحديث ذو شجون , أي يدخل بعضه في بعض ( من الرحمن ) أي أخذ اسمها من هذا الاسم كما في حديث عبد الرحمن بن عوف في السنن مرفوعا : " أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي " . والمعنى أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها , فالقاطع لها منقطع من رحمة الله تعالى . وقال الإسماعيلي : معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة , وليس معناه أنها من ذات الله , تعالى الله عن ذلك , ذكره الحافظ في الفتح ..
وفي الأدب المفرد للإمام البخاري ما نصه :
* باب صلة الرحم تزيد في العمر.عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه )قال الشيخ الألباني : صحيح .
* باب من وصل رحمه أحبه الله . عن ابن عمر قال : (من اتقى ربه ووصل رحمه نسىء في أجله وثرى ماله وأحبه أهله )قال الشيخ الألباني : حسن.
*باب بر الأقرب فالأقرب عن المقدام بن معدى كرب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله يوصيكم بامهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب )قال الشيخ الألباني : صحيح
*باب إثم قاطع الرحم عن ابن شهاب أخبرني محمد بن جبير بن مطعم أن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (لا يدخل الجنة قاطع رحم ) قال الشيخ الألباني : صحيح
عن عيينة بن عبد الرحمن قال سمعت أبى يحدث عن أبى بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغى )قال الشيخ الألباني : صحيح
*باب تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم عن الزهري قال حدثني محمد بن جبير بن مطعم أن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول على المنبر : (تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم لأوزعه ذلك عن انتهاكه ) قال الشيخ الألباني : حسن الإسناد وصح مرفوعا
عن ابن عباس أنه قال : احفظوا انسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا بعد بالرحم إذا قربت وإن كانت بعيدة ولا قرب بها إذا بعدت وإن كانت قريبة وكل رحم آتيه يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها قال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد وصح مرفوعا. هكذا أيها الأعزاء في موقع الأشراف الأدارسة تجمعكم شجنة الرحم وكلما ازداد الأعضاء ازدادت الرحمات من الله عز وجل فلكم أطيب المتمنيت والسلام عليكم .