قالها في مناسبة زيارته لضريح الولي العالم الشيخ محمد بن سيدي محمد التيشيتي، حيث قال:
لقد كان ذاك القطــــــــــب سيـد محمـد
بتيشيت إن الدهر جم العجـــــائـب
ومنهـا إلى شنقيــــــــــــط سافـر تابعـا
لصوصا أغــــاروا هو أول راكب
أغاروا على الأكدال لغريب غــاصبيـــ
ــن نوقا كراما عنده في المسـاغب
وكان نهوض الشيـــــخ كالليث سافـرا
وصاحبه التلميذ خيـر مصـــاحـب
قطيـع سمـا عن أمهــــــــــــات جبائـر
ومنه مطـــايا القطب بدر الغياهب
تشكـل للغـــــــــــــريـب أحسـن ثـروة
قطيـع تــــــــلاد لم يشب بشوائـب
ومـر بشنقيــط وقضـى ليـــــــــــــاليـا
يقيم الليــــــالي للورى لم يخاطـب
وفي المسجد الشنقيطي كانت صــلاته
أخير مصل للتــــــراويـح ناصـب
فلما أتى وقـت التحــــــــــدي لشيخنـا
تجلـى همــــــــام حافـل بالمناقـب
فأتحفـه المولـى بنصــــــــــــر مـؤزر
ولا غـرو في خــذلانه للمشاغـب
فأضحـى إمـامـاً في البــــــلاد مبجـلا
وكــان إلـى تيـشيـت أول آئـــــب
لذا صــار (آفلواط) أبـــــرز عصــره
مرافقــه الأعلى وأعظــم حاجـب
وآبا إلـى تيشيت وســط رفـاقهــــــــم
فمن بنقـض العــــزم أكبر واهـب
ثم رجع سيدي محمد التيشيتي السباعي وبعض تلاميذه إلى (شنقيط)، ومنها طلب منه أفلواط بن مولود مرافقته إلى قومه (أهل بارك الله) في صحراء (تيرس)، حيث قام بتدريسه هو وأبنائه ومن جاورهم ممن يطلب العلم وأصبح مربيا روحيا له، وقد بالغ آفلواط في إكرامه، فطاب الثواء للشريف سيدي محمد التيشيتي في (آل بارك الله)، وكان قبل سكناه مع (آل بارك الله) يقال له سيدي محمد السباعي، ولما استوطن بلاد (تيرس) نسبه تلميذه أفلواط بن مولود إلى (تيشيت) التي كان يتعلم العلم فيها خوفا عليه من أعداء قبيلته أولاد أبي السباع في بلاد (تيرس) وغيرها من بلاد (الساحل)، فعرف بسيدي محمد التيشيتي، ثم أطلقت هذه النسبة على ذريته من بعده، وما زالوا بعرفون بها إلى الآن. قال القاضي دبه سالم في قصيدته التي ذكرنا منها البعض:
وكان سماه بالسباعي بـــــــــــرهة
فلقِّـب بالتيشيتي بيـن الأجــــــــانـب
لأجل حـــــــــروب بين أبناء عمه
مع البعض لا تبقي حروب مصائب
وكان شجـاعاً صارماً ومبجــــــلا
وصـــرح أن السلم أكبـــــر واجـب
وبعد استقراره واستقامة حاله في (آل بارك الله) تزوج إمرأة من فخذ (الأعمام) من قبيلة (إديقب)(3) اسمها مريم بنت يرشيد بن محمد بن المامي بن المختار بن العم بن يوقب أي (يعقوب) الجد الجامع لقبيلة (إديقب)، وقد ولدت مريم بنت يرشيد هذه للشريف سيدي محمد التيشيتي أربعة أولاد ذكور وبنتا واحدة وهم: الشيخ محمد، والخليل، والحبيب، وأبو بكر، وصفية، وله ولد آخر اسمه سيدي أحمد أمه جارية. قال القاضي دبه سالم فيهم:
ومن بنت يرشيد قد أنجــــب نخبـــةً
محمد نجــــم من بنيها الكواكب
بنوه كـرام في العلــــــــــوم تفوقـوا
وفي الشعر كل ثــاقب تلو ثاقب
فمن كالحبيب العالم البطل الرضى
ومن كأبي بكر جزيل المواهب
سراج الورى في سيد أحمد فخـرنا
وما زائر القطب الخليل بخائب
هذا، وقد عاش سيدي محمد التيشيتي في (تيرس) عالما، مربيا، تقيا، عابدا، ورعا لا يأل جهدا في تعليم العلم ونشره، وكان ناصحا لعامة المسلمين، وكان فاضلا كريما جوادا، قال فيه القاضي محمد الأمين بن محمد عبد الله بن عبد القادر بن محمد بن محمد سالم المجلسي في قصيدة له طويلة:
تبدى بنشر العلـــــم سيدي محمد
وكان من الأشراف ألوية الندى
وقال فيه محمد بن محمد الأمين بن عبد القادر بن محمد سالم في قصيدة له:
فسيـدي محمـد شهـم نصـــــوح
على العلياء في الأصــــــل الأصيل
شريف من شريف من شريـف
إلى أصل الشــــــريف لدى البتــول
وقال فيه أيضا:
ألم يان تذكـــاري لسيد محمـد
أبيه الذي في المجد يربو على زحل
الهوامش:
(1): إديقب: أو آل يعقوب هي إحدى قبائل تشمش الخمس وأصلها من ذرية عبيد الله (بالتصغير) بن حسان.
(2): أهل الساحل: كلمة حسانية تطلق اصطلاحاك على سكان مناطق وادي الذهب والساقية الحمراء.
(3): أﯖدالة: هي إحدى القبائل الصنهاجية الحميربة الأربع التي نزحت من جبال (سوس) بالجنوب المغربي في أوائل القرن الثالث الميلادي على الإبل حتى وصلت صحراء موريتانيا، وشيدت هي وأخواتها مدينة (أودغست) التي تقع أنقاضها على بعد 70 كلم شمال مدينة (تامشكط) إحدى مقاطعات ولاية الحوض الغربي بموريتانيا.
المصدر:
ـ سيدات ابن الشيخ المصطفى الأبييري، إماطة القناع عن شرف أولاد أبي السباع، ج.2، طباعة مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين، نواكشوط، 1422 هـ/2001 م، ص.93-98.