[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:{{وتوكل على الحي الذي لايموت}} [الفرقان:58]. وقال تعالى:{{ وعلى ربهم يتوكلون }} [الأنفال : 2 ] . وقال تعالى {{ ومن يتوكل على الله فهو حسبه }} [ الطلاق : 3 ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ( ص ) قال : (( يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير )) . رواه مسلم .قيل : معناه متوكلون ، وقيل : قلوبهم رقيقة . وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله ( ص ) قال (( لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتعود بطانا )) ، وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : {{ يا داود من دعاني أجبته ، ومن استغاثني أغثته ، ومن استنصرني نصرته ، ومن توكل علي كفيته ، فأنا كافي المتوكلين وناصر المستنصرين ، وغياث المستغيثين ، ومجيب الداعين}} .
ويحكى أن حاتما الأصم كان رجلا كثير العيال ، وكان له أولاد ذكور وإناث ، ولم يكن يملك حبة واحدة ، وكان قدمه التوكل ، فجلس ذات ليلة مع اصحابه يتحدث معهم ، فتعرضوا لذكر الحج ، فداخل الشوق قلبه ، ثم دخل على أولاده ، فجلس معهم يحدثهم ، ثم قال لهم : لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا ، ويدعو لكم ماذا عليكم لو فعلتم ؟
فقالت زوجته وأولاده : أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا ونحن على ما ترى من الفاقة ، فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحالة ؟
وكان له إبنة صغيرة فقالت : ماذا عليكم لو أذنتم له ولا يهمكم ذلك ، دعوه يذهب حيث شاء . فإنه مناول للرزق ، وليس برزاق ، فذكرتهم بذلك ، فقالوا : صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا انطلق حيث أحببت ، فقام من وقته وساعته وأحزم بالحج ، وخرج مسافراً ، وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم كيف أذنوا له بالحج ، وتأسف على فراق أصحابه وجيرانه فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون : لو سكتي ما تكلمنا ، فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء ،
وقالت : إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك وأنك لا تضيعهم فلا تخيبهم ، ولا تخجلني معهم .
فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا ، فأنقطع عن عسكره وأصحابه، فحصل له عطش شديد ، فأجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم ، فاستسقى منهم ماءً ، وقرع الباب فقالوا : من أنت ؟ قال : الأمير ببابكم يستسقيكم ، فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت : إلهي وسيدي سبحانك البارحة بتنا جياعا ، واليوم يقف الأمير على بابنا يستسقينا .
ثم إنها أخذت كوزا جديدا وملأته ماء وقالت للمتناول منها : أعذرونا ، فأخذ الألأمير الكوز وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال : هذه الدار لأمير فقالوا : لا والله بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم .
فقال الأمير:لقد سمعت به, فقال الوزير: يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا, وأخبرت أنهم البارحة باتوا جياعا,
فقال الأمير: ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم, وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم, ثم حل الأمير منطقته من وسطه ورمى بها في الدار, ثم قال لأصحابه: من أحبني , فليلق منطقته, فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ، ثم انصرفوا، فقال الوزير: السلام عليكم أهل البيت ، لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق ، فلما أنزل الأمير رجع إليهم الوزير ، ودفع إليهم ثمن المناطق مالاً جزيلاً واستردها منهم . فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاءً شديداً فقالوا لها : ماهذا البكاء ؟ إنما يجب أن تفرحي ، فإن الله قد وسع علينا ، فقالت : يا أمي والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعاً ، فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة ، فأغنانا بعد فقرنا ، فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد طرفة عين .
اللهم انظر إلى أبينا ، ودبره بأحسن التدبير ، هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر حاتم أبيهم ، فإنه لما خرج محرماً ولحق بالقوم توجع أمير الركب ، فطلبوا له طبيباً فلم يجدوا ، فقال : هل من عبد صالح ، فدل على حاتم ، فلما دخل عليه وكلمه دعا له فعفي الأمير من وقته ، فأمر له بركب ، وما يأكل ، وما يشرب ، فنام تلك الليلة مفكراً في عياله ، فقيل له في منامه : يا حاتم{{ من أصلح معاملته معنا أصلحنا معاملتنا معه }} ، ثم أخبر بما كان من أمر عياله ، فأكثر الثناء على الله ، فلما قضى حجه ورجع تلقته أولاده ، فعانق الصبية الصغيرة وبكى ، ثم قال : (صغار قوم كبار قوم آخرين) .
إن الله لا ينظر إلى أكبركم ولكن ينظر إلى أعرفكم به ، فعليكم بمعرفته والإتكال عليه فإنه من توكل على الله فهو حسبه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]