*من ذاكرة التاريخ الإسلامي
الإمام العارف بالله العلامة الرباني الشيخ "عبد الرحمان الثعالبي" الجزائري رحمه الله -1384م1471م
إن الجزائر في أحوالها عجــــب *** ولا يدوم بها للناس مكــــروه
ما حل عسر بها، أو ضاق متسع *** إلا، ويسر من الرحمان يتلوه
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
*حدث في مثل هذا اليوم
*حصار الملك شارل كنت للجزائر العاصمة
*يوم 24 أكتوبر 1541
الأخوان عروج وخير الدينبرباروسا
المجاهدان أميرا البحار وحصار الجزائر في 24 أكتوبر 1541من طرف شارل كنت
اتجه الإسبان بعد سقوطالأندلس في أيديهم إلى شمال إفريقيا، متطلعين إلى بسط أيديهم على تلك المناطق،فاحتلوا "المرسى" الكبير في غرب الجزائر سنة (911هـ = 1505م)، واستولوا على مدن: مليلة، والجزائر، وبجاية، وطرابلس، ووهران، وغيرها من المدن الساحلية، وكان ذلكخطرًا داهمًا هدد المسلمين في شمال إفريقيا، ولم تكن هناك قوى منظمة يمكنها دفعهؤلاء الغزاة الجدد. وأثار هذا الخطر عددًا من البحارة المسلمين من سكان تلكالمناطق، فتحركت في نفوسهم نوازع الجهاد والغيرة على بيضة الإسلام، وكانوا قد خدموامن قبل في الأسطول العثماني، فتكونت لديهم خبرة جيدة بالبحر وبفنون القتال،فتعاهدوا على مواجهة الغزاة الجدد، واتخذوا من جزيرة "جربة"، التونسية مركزًاللقيام بعملياتهم الحربية في البحر المتوسط، وكان يقوم على هذه العمليات الأخَوَان "عروج" و"خير الدين بارباروسا".
وقد أثمرت سياسة هؤلاء البحارة فيمهاجمة سفن الإسبان، فتوقفوا عن مهاجمة الثغور الإسلامية، وأحجمت الدول الأوروبيةالتي كانت تنوي انتهاج هذه السياسة. وتوج الأخوان جهودهما باستعادة ميناء "بجاية" الجزائري من الإسبان سنة (921 هـ = 1515م) ونقل عروج قاعدة عملياته البحرية إلىميناء "جيجل" الجزائري؛ ليتمكن من توجيه ضربات موجعة للإسبان.
استطاع عروج أنيقيم حكومة قوية في الجزائر، وأن يطرد الإسبان من السواحل التي احتلوها، ويوسع مننطاق دولته حتى بلغت "تلمسان". وفي هذه الأثناء اتصل بالسلطان العثماني "سليمالأول"، وكان قد تمكن من ضم مصر إلى دولته، وأعلن طاعته وولاءه للدولة العثمانية،غير أن إسبانيا هالها ما يفعله "عروج" ورجاله، ورأت في ذلك خطرًا يهدد سياستهاالتوسعية، ويقضي على أحلامها ما لم تنهض لقمع هذه الدولة الفتية، فأعدت حملة عظيمةبلغت خمسة عشر ألف مقاتل، تمكنت من التوغل في الجزائر ومحاصرة تلمسان، ووقع عروجأسيرًا في أيديهم، وقتلوه في (شعبان 924 هـ = أغسطس 1518م).
ولاية خير الدين علىالجزائر
خلف "خير الدين بارباروسا" أخاه في جهاده ضد الإسبان، ولم تكن قواتهتكفي لمواجهة خطر الإسبان، فاستنجد بالدولة العثمانية طالبًا العون منها والمدد،فلبّى السلطان "سليم الأول" طلبه، وبعث إليه قوة من سلاح المدفعية، وأمده بألفين منجنوده الإنكشارية الأشداء، ثم واصل السلطان "سليمان القانوني" هذه السياسة، ووقفخلف خير الدين يمده بالرجال والسلاح.
ولم يكن خير الدين أقل حماسة وغَيْرة منأخيه، فواصل حركة الجهاد، وتابع عملياته البحرية حتى تمكن من طرد الإسبان من الجيوبالتي أقاموها على ساحل الجزائر، وضمّ إلى دولته مناطق جديدة، وقادته رغبته الجامحةفي مطاردة الإسبان إلى غزو السواحل الإسبانية، الأمر الذي أفزع الغزاة، وألقى الهلعفي قلوبهم، ثم قام خير الدين بعمل من جلائل الأعمال؛ حيث أنقذ سبعين ألف مسلمأندلسي من قبضة الإسبان الذين كانوا يسومونهم سوء العذاب، فنقلهم في سنة (936هـ = 1529م) على سفنه إلى شمالي إفريقيا.
خير الدين في إستانبول
قام السلطانسليمان القانوني باستدعاء خير الدين بارباروسا إليه في إستانبول، وعهد إليه بإعادةتنظيم الأسطول، والإشراف على بناء عدد من سفنه، ثم وكل إليه مهمة ضم تونس إلىالدولة العثمانية، قبل أن يتمكن السلطان الإسباني "شارل الخامس" من الاستيلاءعليها، وكانت ذات أهمية كبيرة لموقعها المتوسط في السيطرة على الملاحة في حوض البحرالمتوسط.
غادر خير الدين العاصمة العثمانية على رأس ثمانين سفينة وثمانية آلافجندي، واتجه إلى تونس، ونجح في القضاء على الدولة الحفصية التي كانت تحكم تونس،وأعلن تبعيتها للدولة العثمانية سنة (941 هـ = 1534م).
أثار هذا النصر شارلالخامس وزاده حنقًا، ورأى فيه تهديدًا للمواصلات البحرية التي تربط بين إيطالياوإسبانيا، وانتصارًا للإسلام، وتشجيعًا لمجاهدي شمال إفريقيا على مواصلة الهجوم علىالسواحل الإسبانية واستنقاذ المسلمين الأندلسيين؛ ولهذا تحرك على الفور، وقاد حملةجرارة على تونس، تمكنت من الاستيلاء عليها في السنة نفسها، ورد خير الدين على هذاالانتصار بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط، فأسر ستة آلاف منالإسبان، وعاد بهم إلى قاعدته في الجزائر، ووصلت أنباء هذه الغارة إلى "روما" وسطاحتفالات البابوية بانتزاع تونس من المسلمين.
قادة الأسطول العثماني
أرادالسلطان سليمان القانوني مكافأة خير الدين على جهوده وخدماته للإسلام، فعيّنهقائدًا عامًّا للأسطول العثماني، وجعل في منصبه بالجزائر ابنه "حسن باشا"، الذيواصل جهود أبيه في مهاجمة الإسبانيين في غرب البحر المتوسط.
وقاد "خير الدينبارباروسا" عدة حملات بحرية موفقة، كان من أشهرها فوزه العظيم في معركة "بروزة" بالبحر المتوسط. كانت معركة هائلة تداعت لها أوربا؛ استجابة لنداء البابا في روما،فتكوّن تحالف صليبي من 600 سفينة تحمل نحو ستين ألف جندي، ويقوده قائد بحري من أعظمقادة البحر في أوربا هو "أندريا دوريا"، وتألفت القوات العثمانية من 122 سفينة تحملاثنين وعشرين ألف جندي، والتقى الأسطولان في بروزة في (4 من جمادى الأولى 945 هـ = 28 من سبتمبر 1538م)، وفاجأ "خير الدين" خصمه قبل أن يأخذ أهبته للقتال، فتفرقتسفنه من هول الصدمة، وهرب القائد الأوروبي من ميدان المعركة التي لم تستمر أكثر منخمس ساعات، تمكن في نهايتها خير الدين من حسم المعركة لصالحه.
وقد أثار هذاالنصرُ الفزعَ والهلعَ في أوربا، وأعاد للبحرية العثمانية هيبتها في البحر المتوسط،في الوقت الذي استقبل فيه السلطان سليمان القانوني أنباء النصر بفرحة غامرة، وأمربإقامة الاحتفالات في جميع أنحاء دولته.
*حصار الجزائر العاصمة في 24 أكتوبر 1541
بعدما تولة خير الدين بربروسا (ذي اللحية الحمراء) زمام الحكم بعد مقتل أخيه و الذي وجد نفسه يواجه حملة مكونة من 40 سفينة حربية أرسلها شارلكان ملك اسبانيا وإمبراطور الدولة الرومانية المقدسة، التي تضم كل من اسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا وإيطاليا بهدف القضاء على القوة البحرية الجزائرية.
ونزلت القوات الاسبانية «بسيدي فرج» غرب مدينة الجزائر والتحمت مع القوات الجزائرية بقيادة خير الدين، فانهزم الأسبان هزيمة كبرى، بعدها تمكن خير الدين من إخضاع معظم الأراضي الجزائرية. وفي سنة 1529م طرد الأسبان من قلعة برج الفنار (صخرة البنيون) التي كانت تهدد مدينة الجزائر.
ومن اجل رد هزيمته السابقة جاء شارل الخامس (شارلكان) ملك اسبانيا غازيا بنفسه الجزائر على رأس حملة بحرية تحتوي على 65 بارجة و451 سفينة نقل تحمل 35730 مقاتلا وعـُهد بقيادتها إلى قادة شجعان وذوي خبرة وهم أندريا دوريا وفيرانتي الأول غونزاغا وهرنان كورتيس. ورست الحملة أمام مدينة الجزائر في الخامس عشر من اكتوبر 1541م وعملت على محاصرة العاصمة. ونشبت الحرب بين الطرفين طوال 12 يوما، ثارت خلالها الزوابع البحرية وهاجت العواصف الجوية واضطربت الأمواج، فقتل فيها 12000 من الأسبان، كما حطمت زوبعة بحرية أزيد من 250 سفينة من الأسطول الاسباني. واضطر شارلكان ان ينسحب منهزما ولله الحمد و فرح سكان العاصمة الجزائرية و شكروا الله في كل المساجد و الزوايا.
بسم الله الرحمن الرحيم
"إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النَّبيِّ يا أيُّها الَّذين آمنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليما" اللهم صل مولانا محمد روضة الأنس العلمية وغاية كل جاد وباحث، وصل على مولانا محمد ما نبت نبات وحرث حارث، وصل على مولانا محمد و آله ذي الأخلاق الكريمة الدوامث، ما أشرق نورهم فكان للقلوب خير باعث، وصل على مولانا محمد الذي كان قاب قوسين أو أدنى ليلة المعراج، وصل على مولانا محمد قوة الحق الظاهرة في جميع الفجاج، وصل على مولانا محمد محيط العظمة المتلاطم للأمواج، وصل على مولانا محمد واجعل لنا ببركته مخلصاً من الهم عظيم الإنفراج، وصل على مولانا محمد وآله وصل على مولانا محمد صاحب الوجه الجميل والجبين الوضاح.