[read] كلمة عن الشريف الإدريسي محمد الأمين بن محمد عبد الله ابن عبد الودود: [/read]
هو الشريف محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود بن عبد الوهاب بن حبيب بن الحاج احمد الدميسي السباعي.
ولد سنة 1337هـ /1918م بمدينة الجديدة المغربية (منطقة دكاله) التي تسكنها عدة قبائل من بينها مجموعات من السباعيين كـ (لمدادحه) وغيرهم...
وأم الشريف محمد الأمين الشريفة منين بنت محمد بن المراكشي بن مسكة من أهل سيد عبد الله بن الحاج امحمد بن الحاج احمد السباعي. وبعد ميلاده بست سنين ذهب به والده محمد عبد الله إلى موريتانيا وذلك سنة 1343هـ/1924م وبعد مرور تسع سنين من قدومهما من المغرب توفي والده عام تساقط النجوم أي 1352هـ/1933م بعد أن علمه القرآن وبعض علوم الدين، وعاش بعده محمد الأمين ثماني عشرة سنة وخلال هذه الفترة القصيرة سجل محمد الأمين شهرة وصيتا لم يعرفهما أحد في ذلك العصر وقد مارس التجارة المتنقلة على ظهور الجمال بين موريتانيا والمغرب وشارك في المواسم التجارية التي كانت تقام آنذاك وتسمى (آمُكَّارْ) في كل من المغرب والجزائر وكان مقرهُ التجاريُّ الرسميُّ في مدينة القوارب، وقد التقى بكثير من المشاهير والزعماء في عصره مما أعطاه شهرة واسعة. وإلى جانب التجارة مارس التنمية الحيوانية وانتجاع المراعي في جميع أنحاء موريتانيا وخاصة إينشيري وتيجريت وتيرس وضواحي ولاية اترارزه متنقلا بين الجنوب والشمال. وقد عرف الشريف محمد الأمين بحبه للعلم، كما عرف بالصدق والزهد في الدنيا وملذاتها والصبر على تحمل الأعباء والتواضع لله عز وجل كما تميز بالنباهة والذكاء والجد في جميع الأمور والحلم والوفاء بالعهد وإكرام الضيف... فهو في العلم والعناية به كما يقول الشاعر محمدو بن محمدي العلوي في قبيلته الشرفاء السباعيين من قصيدة له:
**فَصِرْنَا نَجُوبُ الْبِيدَ فَوْقَ خِفَافِهَا** إِلَى عُصْبَةِ الأَخْيَارِ مِنْ آلِ هَاشِمِ**
**إِلَى حَيْثُ يُلْفَى الْعِلْمُ وَالْحِلْمُ وَالنَّدَى** وَحَوْزُ الْمَعَالِي وَاجْتِنَابُ الْمَآثِمِ**
**إِلَى حَيْثُ تُلْفَي الْكُتْبُ شَتَّى مُعَدَّةً** لِتَدْرِيسِ أَقْوَالِ الإِمَامِ ابْنِ قَاسِمِ**
**وَأَشْهَبَ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَزِيزَةٍ** وَيُونَسَ وَابْنِ الْمَاجَشُونِ وَسَالِمِ**
وكما يقول الشيخ سيد محمد (سيدن) بن الشيخ سيديا:
**فَإِنْ يَكُنْ جَامِعًا أَشْتَاتَ كُلِّ عَلاً** فَإِنَّهُ لَيْسَ بِدْعاً فِي الَّذِي جَمَعَا**
**أَبُوهُ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي صِغَرٍ** وَالْعِلْمَ فِي كِبَرٍ وَالدِّينَ وَالْوَرَعَا**
وهو في الزهد كما قال الشافعي:
**إِنَّ للهِ عِبَادًا فُطَنَا** طَلَّقُوا الدُّنْيَا وَخَافُوا الْفِتَنَا**
**فَكَّرُوا فِيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا** أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا**
**جَعَلُوهَا لُجَّةً وَاتَّخَذُوا** صَالِحَ الأَعْمَالِ فِيهَا سُفُنَا**
وهو في الصبر والقناعة متصف بقول الشاعر:
**الدَّهْرُ أَدَّبَنِي وَالصَّبْرُ رَبَّانِي** وَالْقُوتُ أَقْنَعَنِي وَالْيَأْسُ أَغْنَانِي**
**وَحَنَّكَتْنِي مِنَ الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ** حَتَّى نَهَيْتُ الَّذِي قَدْ كَانَ يَنْهَانِي**
وقول الآخر:
**إِنِّي رَأَيْتُ الصَّبْرَ خَيْرَ مُعَوَّلٍ** فِي النَّائِيَاتِ لِمَنْ أَرَادَ مُعَوَّلا**َ
**وَرَأَيْتُ أَسْبَابَ الْقَنَاعَةِ أُكِّدَتْ** بِعُرَى الْغِنَى فَجَعَلْتُهَا لِي مَعْقِلاَ**
**فَإِذَا نَبَا بِي مَنْزِلٌ جَاوَزْتُهُ** وَجَعَلْتُ مِنْهُ غَيْرَهُ لِي مَنْزِلاَ**
**وَإِذَا غَلاَ شَيْءٌ عَلَيَّ تَرَكْتُهُ** فَيَكُونُ أَرْخَصَ مَا يَكُونُ إِذَا غَلاَ**
وقول الآخر:
**لإِنْ صَبَرَتْ نَفْسِي لَقَدْ أُمِرَتْ بِهِ** وَخَيْرُ عِبَادِ اللهِ مَنْ كَانَ أَصْبَرَا**
**وَكُنْتُ ابْنَ أَحْذَارٍ وَلَوْ كُنْتُ خَائِفًا** لَكُنْتُ مِنَ الْعَصْمَاءِ فيِ الطَّوْدِ أَحْذَرَا**
ورغم أنه كان تاجرا، والتجارة تتنافى مع البذل، والعطاء، ومن دعائمها الأساسية التدنيق، والاقتصاد في النفقات، فقد كان رحمه الله زاهدا في الدنيا، همه منها ما ينفقه في سبيل الله تعالى، وما يصنع به المعروف، أو يسد خلته الخاصة، إذ كان سخيا، منفقا في سبيل الله تعالى، ومحبا للفقراء والمساكين، وعطوفا على الضعفاء، وذوي العاهات، وحنونا على ذوي الرحم، وملاطفا للجميع، دمث الأخلاق، شديد التواضع، والصدق، والوفاء، والأمانة، والعفة، والكرم، والشجاعة، والإباء، والنخوة، وصبورا على اللأواء، صارما، قوي الإرادة، كما كان بشوشا في وجوه الضيوف، والزوار، وذوي الحاجات، ومرحا في أوقات الشدة، وساعات الضائقة، ومحبا للعلماء، والصالحين، والشرفاء، ومكرما للجميع، وحريصا على سد خلات المسلمين، لا يميز بين عنصر، وعنصر، ويولي أولى أرحامه ذكرانا وإناثا أكبر عناية، ويتفقد الأرامل بدراهمه يوميا، ومن كانت به خصاصة من جيرانه المؤمنين.
قال الشاعر من قصيدة له في مدح الشريف محمد الأمين:
**فَلَيْسَ بِنَاسٍ مِنْ دُنَاهُ نَصِيـبَهُ**وَلاَ هُوَ عَنْ أُخْرَاهُ مِنْ ذَاكَ فِي شُغْلِ**
**مِنَ الْقَوْمِ مَنْ يُنْمَوْنَ لِلْبَضْعَةِ الَّتِي** سَمَتْ بِأَبِيهَا وَالْبَنِينَ وَالْبَعْلِ**
**وَقَدْ صَحَّ هَذَا عَنْ عُدُولٍ كَثِيرَةٍ**كَمَا صَحَّحُوهُ بِالْكَرَامَةِ وَالْبَذْلِ**