الزوايا ورفع راية الجهاد ضد المستعمر بالمغرب
[align=right]في أواخر العهد الوطاسي استولى البرتغاليون على سبتة وأصيلا وطنجة وعلى بعض المدن بالشواطئ الجنوبية. فنشأت على إثر ذلك حرب مقدسة بناحية طنجة أولا، ومنذ احتلال المدينة على إثر وصول دعاة الجهاد من الداخل، بعد ظهور تعاليم الجزولي.
فقد عاش الجزولي آخر العهد الوطاسي فرأى انتكاسة العالم الإسلامي أمام الغزو الصليبي خاصة بلاد المغرب الأقصى فدفعته همته، وتعاليم طريقته الشاذلية إلى رفع سيف الجهاد في وجه أعداء الملة وجعل هذا العمل أول هدف لطريقته، بل جعله فرض عين على كل مغربي قادر عليه. وحمل مسؤولية تلك الانتكاسة للفقهاء والقادة الذين عجزا عن الدفاع عن ثغور الإسلام.وذهب الجزولي يخطط لإصلاح ديني وسياسي في نفس الوقت وبدأ عمله بآسفي ولما علم واليها بنواياه أخرجه منها، فاتجه الجزولي إلى آفوغال ببلاد سوس وأسس هناك زاويته، ومنها كان يبث أفكاره الإصلاحية، ويحرض الناس على الجهاد . ومن أقوال الإمام الجزولي في الجهاد قوله: " إن دولتنا دولة المجتهدين المجاهدين في سبيل الله المقاتلين لأعداء الله"(1) واستجابت له عامة الشعب ودهاؤهم حتى كثر أتباعه، وأنشأت زوايا والرباطات في كل أنحاء البلاد فتخوفت السلطان ومن صار على نهجه من الفقهاء، فدسوا له السم فتخلصا منه. وحمل عبء الجهاد بعده تلامذته.
وكان من نتائج حملة الجزولي الإصلاحية ظهور الأشراف السعديين بسوس بلاد الجزولي ووعقل أفكاره فقد اجتمع سكان سوس على السلطان محمد القائم بأمر الله على أن يجاهد فيهم العدو الذي أصبح يتهدد بلادهم جهد أن تمكن من التغور الشمالية وذهبت هيبة الملك من النفوس فقبل بيتهم وخاض بهم حملة الجهاد بالجنوب إلى أن تمكن من إنشاء دولته وكان من ابن هذا الملك المجاهد واعترافا منه بجميل أفضال الجزولي على المجاهدين أن دفن والده(1) القائم عند ضريح الجزولي، ثم نقل رفاتهما إلى مراكش ودفنهما بالقرب من بعضهما.
ومن أشهر الفقهاء الذين أنجبتهم حركة الجزولي والذين أخبروا لمحاربة العدو وجهاده باللسان والسنان أبو محمد عبد(2) الله بن محمد الهبطي الصنهاجي من صنهاجة طنجة وكان يجوب المداشر والقرى يحث الناس على الجهاد وأبو عبد الله محمد القصري المعروف(3) بسقين والذي قتله النصارى عند ضريح مولاي أبو سلهام، والشيخ أبو الحسن علي بن عثمان (4) الشاوي وهو من أصحاب الشيخ الغزواني وأصحاب الشيخ أبي الشتاء وقد قتل في إحدى الغزوات خارج أصيلا سنة 1533، والشيخ أبو الحسن علي بن مصباح الحسني(5) والد صاحب دوحة الناشر، وقد كان علاقة بأولاد البقال بالحرائق وأولاد ابن ريسون بتازروت بقبيلة بني عروس وكل العائلتين عرفا بالجهاد، وقد أسر علي بن مصباح مرة بطنجة من طرف البرتغاليين.
ومن أشهر الزوايا التي رفعت راية الجهاد في وجه عبدة الصليب زاوية أولاد المصباح الزناتيين(6) وزواياهم بالغرب وناحية القصر الكبير أكثر من أن تحصى عددا وأشهرها زاوية سيدي الحسن المصباحي(7) بالدعداعة من بلاد طليق وهو والد المجاهد عيسى ابن الحسن الذي استشهد في معركة وادي امراح عند طنجة سنة 1574 هـ وقد اشتهر أولاد المصباحي من دون سائر زوايا الغرب والمغرب الشمالي بالجهاد حتى قيل في تحريك همتهم للجهاد:
1- الاستقصا ج 5 ص: 15.
2- دوحة الناشر ص: 7.
3- الاستقصا ج 4 ص: 111. الدوحة ص: 58.
4- الاستقصا ج 4 ص: 111. مدن وقبائل المغرب – البيضاء والشاوية ج 1ص: 155.
5- الاستقصا ج 4 ص: 111.
6- مدن وقبائل المغرب طنجة ونواحيها ج
[/align]