القذافيات: دعما لأشراف ليبيا
بقلم : رمضان مصباح
رحم الله الحسن الثاني فقد كان من الأوائل الذين انتبهوا الى أن شيئا ما غير عادي سيخرج من
أكمام القذافي – على غرار السحرة- وليس من عقله؛فنعت خرجاته ,وبصفة خاصة بحثه المتواصل عن الشعوب لإمبراطوريته, بالقذافيات.
بعده انتبه أنور السادات الى أن شيئا ما غير عادي أيضا يحدث وراء العينين الذئبيتين لجاره
قذاف الدم,فقال : " ايه الواد الصايع ده بتاع ليبيا".
أما رونالد ريغان فقد انتبه إلى أن النسخة الأرضية لبرنامجه "حرب النجوم" ستطلع من ليبيا فنعت القذافي ب" كلب الشرق الأوسط المسعور".
مضى هؤلاء ,وغيرهم, وبقي القذافي ؛يؤلف عن الخضرة وينزل فقرات كتابه الغريب حتى خلق واقعا غريبا ,وحتى جعل "ثورته" تلد ثورا.
اليوم ,وبعد أن ظهر القذافي على حقيقته مهددا جماهيريته بالحرق ؛متحديا بكونها له ومن حقه أن يفعل بها ما يشاء ؛وهو في هذا صادق لأنها لا تمت بصلة لأي نظام من الأنظمة السائدة في الكون. اليوم فقط ينتبه العالم الى أن الحمقى أيضا يصلون الى سدة الحكم.
اليوم فقط يتأكد أن شأن الحكام ,حتى وهم ينتخبون من طرف شعوبهم, يجب أن يكون- بكيفية أو بأخرى- شأنا دوليا أيضا؛لأن العالم غدا مطبخا صغيرا كل ما يحدث فيه يهم الجميع لترابط المصالح وتشابكها.
نعم هناك آليات دولية للمحاسبة ؛وهناك منظمات حقوقية ؛لكن القابض على الزناد ليس بينه وبين الإبادة سوى حركة إصبع.إن الزناد أسبق إلى الجريمة من المادة القانونية الرادعة,حتى حينما تتحرك.
لقد أصابتني انتفاضة القذافي في آخر خطابه بالذهول :لقد دمدم وفرقع ,لوح وضرب وهز كتفيه
في حركة لا يعرفها الا من يعرف رقصة "اليعلاوي" الوجدية ؛ثم انطلق تتلقفه الأذرع بالعناق وهو يبتسم بكل بله .
قلت بيني وبين نفسي :طيب هذا شعب عربي ليبي,مستضعف بين يديه ؛وقد أباد فيه كل شيء على مدى عشرات السنين , ولا أحد يلتفت- دوليا- إلى إجهازه عليه ؛كما فعل مع سجنائه سابقا (1200),دون أن يلتفت إليهم أحد؛لكن ما ذا لو بدا له الإجهاز على الأجانب ببلده أو على الأقل اتخاذهم دروعا بشرية تقيه زحف الثوار؟
ماذا لو كان يملك أسلحة كيماوية ,يحرق بها البلاد والعباد ؛وقد حذر وزير عدله المستقيل من
كونه قد يفعل أي شيء.
لا يكفي أن نقول عنه بأنه أحمق بل يجب أن نعي تبعات كونه أحمق ؛على مواطنيه وعلى العالم.
لعل هذا ما كان يفكر فيه الشيخ يوسف القرضاوي حينما طلب من كل من هو قريب من القذافي
ويملك سلاحا أن ينجي الليبيين منه.
إن الحالة اليوم في ليبيا استثنائية ,بمعنى أنها لا تنضبط للقوانين والأعراف الدولية واللغة الديبلوماسية ؛وحتى للعقوبات كيفما كان نوعها.انها حالة منفلتة كحالة فاقد العقل الذي يعربد
بالشارع العام ,ويجهز على كل من اقترب منه.
إن تدخل القوة السريعة الحاسمة لا يجب أن يخضع للطعن من أحد . لا يتعلق بوضعية سياسية عادية ,أو حتى عسكرية, يترك فيها الأمر للدولة المعنية تصرفها كما شاءت.
إن الذين أفتوا بخيانة كل من يتطلع إلى تدخل أجنبي ,وفي نفس الوقت يشهدون أمام العالم بأن الرئيس أحمق يناقضون أنفسهم.
لا مجال للخيانة في هذا الأمر ؛ودرء المفسدة مطلوب شرعا. لقد شاهد الجميع كم قتل القذافي من الأمنيين والعسكريين- حتى لا نتحدث الا عن هؤلاء- ولو حيل بينه وبين ذلك ,بأي وسيلة, من محيطه لما حصل ما حصل ؛وتبقى كل الاحتمالات واردة ما دام يصدر أوامر مطاعة.
حتى لا يحكم الحمقى في هذا العالم ,إلى جانب عقلائه , يجب التفكير في آلية دولية ما.
لطالما فكرت في كل الحكام العرب وغير العرب الذين جالسوا القذافي ,وائتمروا معه
ولم يكن منهم غير الثناء ,أو الصمت ,أو الضحك في أحسن الأحوال.وقلة قليلة من انتبهت الى
أن " الود الصايع دا ابتاع ليبيا" أضناه الحلم بأن تصبح له شخصية ,وشعبية, البطل عمر المختار فما استطاع الى ذلك سبيلا لأنه ,بكل بساطة, ليس من طينة الأبطال.
لا يكفي أن يكون لون كتابك أحمر لتكون ماو تسي تونغ.