ولد الشريف عبدالعالي بن الشريف أحمد بن إدريس في عام 1246هـ /1830م وكان في السابعة من عمره عند وفاة والده .
في عام 1847م ذهب لأداء فريضة الحج فقابل في مكة المكرمة السيد محمد بن علي السنوسي قادما من الجبل الأخضر بليبيا ، فأبقاه عنده ثم انتقل الشريف عبدالعالي مع السنوسي إلى برقه بليبيا في العام 1269هـ /1852م ولازمة إلى أن توفي السنوسي في التاسع من صفر 1276هـ الموافق السابع من سبتمبر 1859 في الجغبوب .
عقب وفاة السنوسي غادر الشريف عبدالعالي الجغبوب قاصدا إلى الحجاز وقد مر في طريقه بالقاهرة حيث قابل الشيخ علي عبدالحق أحد تلاميذ الشريف أحمد بن إدريس بصعيد مصر ، ورجاه أن يقوم بزيارة الصعيد حيث تلاميذ ومحبي والده . فاستجاب لرجائه ورافقه إلى (الزينية) حيث وجد استقبالات حاشده ، وهناك ترجاه تلاميذ والده أن يتزوج أحدى بناتهم. تزوج الشريف عبدالعالي من أربعة نساء رزق منهن جميعا بتسعة أبناء وبنتين (8):
* محمد اشرف ولد بقوص سنة 1281هـ 1865م * المأمون ولد بقرية السلامية سنة 1287هـ 1871م * السنوسي ولد بالزينية 1289هـ 1873 * المرتضي ولد بقرية السلامية سنة 1290هـ 1874م * مصطفي ولد بالزينية 1291هـ 1875م * إدريس ولد بالزينية 1292هـ 1876م * العربي ولد بالزينية 1293هـ 1877م * أبوالحسن ولد بالزينية 1295هـ 1878 م * أمين ولد بالزينية 1295هـ 1878 م وفاطمة وخديجة ولدتا بالزينية (9).
أرسل الشريف عبدالعالي ببعض أبنائه لأبن السنوسي بليبيا لتلقي العلم وأرسل آخرين للسيد سرا لختم الميرغني بمصر . وكان السيد سرا لختم الميرغني قام بتربية الشريف محمد إدريس بن الشريف علي بن محمد بن أحمد بن إدريس.
مكث الشريف عبدالعالي بالزينية حوالي الأنثى عشر عاما قرر بعدها في العام 1249هـ /1877م الذهاب إلى صبيا عن طريق السودان وقد رافقه أبنه الأكبر الشريف محمد . وعند وصوله إلى منطقة دنقلا العرضي ، استقبله أهالي المنطقة وعلى رأسهم السيد مصطفى ياور حاكم دنقلا من قبل الحكومة التركية . طلب منه السيد مصطفى باسم الأهالي أن يمكث بينهم بعض الوقت فاستجاب الشريف لمطلبهم وأقام معهم فترة خمسة أشهر توفى بعدها إلى رحمة الله في مساء الجمعة 28 ذي القعدة 1296هـ الموافق 24 نوفمبر 1878م ودفن في مدينة دنقلا.
استقر الشريف محمد عبدالعالي بعد وفاة والده في دنقلا وتزوج فيها . وفي عام 1887م أخلت القوات البريطانية مدينة دنقلا فغادرها الشريف محمد عبدالعالي وأسرته إلى درواة في صعيد مصر ، إلا أنه عاد بعد عشر سنوات أي في العام 1897م إلى دنقلا واستقر بها حيث أسس المساجد في كل من دنقلا وامدرمان والخرطوم .
في يوليو عام 1936م توفى الشريف محمد عبدالعالي مخلفا ورائه ستة أبناء هم :
ميرغني ، أحمد ، الحسن ، وإدريس (والدتهم رقية بنت عديل من الحربياب)
أما شمس الدين ، والمعز.فوالتهما من الخلايفه
خلف الشريف ميرغني والده . وكان يقيم في جزيرة تنقسي بشمال السودان في عام 1905- 1906 وفي العام 1908 أصدر مدير مديرية دنقلا أمرا بمغادرة الشريف ميرغني لدنقلا متعللا بتدخله في الشؤون الحكومية وعرقلة سير سياستها في المنطقة ، فانصاع الشريف ميرغني للأمر وغادر إلى امدرمان ومكث بها عاما واحدا عاد بعده إلى دنقلا .
في أغسطس من العام 1913م أختلف مدير مديرية دنقلا مع الشريف ميرغني فكتب أن الأمن لن يستتب مع وجود الشريف ميرغني فغادرها مع والده إلى صعيد مصر . إلا أنه عاد إلى دنقلا في العام 1918م. ثم قام الشريف ميرغني بزيارة أهله الأشراف الأدارسة في عسير ومنه نزل القاهرة حيث مكث بها مقيما إلى وفاة والده في 1936م.
أنجب الشريف ميرغني أبنا واحدا هم السيد الأنور الذي تنازل عن مشيخة الطريقة لعمه الشريف الحسن بعد وفاة والده.
أما الشريف أحمد الابن الثاني لعبدالعالي فقد قام جل وقته ببلدة دراوه بمحافظة أسوان . وكان يقوم بمهمة الإشراف على أراضي والده الزراعية . وقد أسهم في نشر تعاليم الطريقة الادريسية بدراوه التي أنشأ بها ساحة ومسجدا . وقد توفي السيد أحمد بدراوه عام 1958م مخلفا ثلاثة أبناء هم السادة محمد وأبو القاسم الذي توفي ودفن في مطلع يونيو 1977م , ومصطفى .
ونسبة لوفاة السيد احمد الابن الثاني للسيد محمد عبد العال , في حياة السيد ميرغني فقد ألت زعامة الطريقة إلى السيد الحسن الابن الثالث للسيد محمد عبد العال .
ولد السيد الحسن ببلدة دراوه بصعيد مصر عام 1890م , ثم نزح مع أسرته إلى قرية بيوض بمنطقة دنقلا في بداية الحكم الثنائي وكان منذ حداثته ميالا للزهد ولا يعير الأمور الدنيوية كثير اهتمام .
قام السيد الحسن بزيارة إلى مصر والحجاز في عام 1931م ثم عاد الى السودان حيث زار مدينة أم درمان وشارك في تأثيث مسجد الأدارسة الذي سبق أن شيده السيد محمد عبدالعالي بالمورده . كما شيد مسجدا بمدينة الثورة بامدرمان وآخر بقرية بيوض بمنطقة دنقلا.
تزوج السيد الحسن في عام 1936م من السيده اللقية بنت يوسف محمد حمد الملك :عمدة ارتقاشي , وأنجب من الأبناء : كامل ومحمد أبن إدريس وعبد الوهاب(10) وعبدالعال وعبدالعزيز الدباغ ومحمد المهدي . ثم تزوج من السيده حسونه المحسية وأنجب منها : المجدد ، والمرتضى ، ومحمد شريف ، وأبوالقاسم، وخديجه، وأسماء . وقد توفي السيد الحسن ودفن بحي الموردة بمدينة أم درمان في عام 1968م . وانتقلت بذلك مشيخة الطريقة الى ابنه السيد كامل الا انه قد تنازل عنها لشقيقه الأصغر السيد محمد المقيم بأم درمان وآثر هو الإقامة بأرقو ليتفرغ لادارة شئون الأسرة الادريسية.
ولد السيد إدريس الابن الرابع للسيد محمد عبد العال بدراوه سنة 1896م وتلقى تعليمه بالأزهر الشريف ثم أخذ الطريقة عن والده وبعض كبار الخلفاء . وقد أقام ببلدة ارقو وانشأ بها عددا من المشاريع الزراعية التي كانت سببا في كف الطريقة عن الاعتماد على هبات الأتباع لتمويل مشاريعها .
تزوج السيد إدريس في سنة 1930م ابنة العمدة حمد الملك بمنطقة ايماني شرق دنقلا . وقد توفيت الى رحمة مولاها مخلفة ابنا واحدا هو السيد مصطفى الذي أقام بمنطقة ايماني . وفى اواخر الثلاثينات تزوج السيد إدريس ابنة الخليفة عثمان علي قورتي عمدة جزيرة بدين ورزق منها السيد محمد الذي أستقر ببدين بصورة مستديمة . ثم اقترن السيد إدريس بابنة الشيخ أحمد الخليفة بأرقو وأنجب منها السيد أحمد الذي لازم والده في أم درمان... وقد تزوج السيد أحمد من روضه أمين حسون وأنجب منها مواهب، ورحاب، ومحمد ، وهاجر، وحسون ، ورقية.
قام السيد ادريس برحلات عديدة شملت معظم انحاء السودان لنشر التعاليم واستقطاب الاتباع واستقر منذ الاربعينات بمدينة ام درمان وادخل الكثير من التحسينات على المسجد الذي شيده والده بحي الموردة وقام بمعاونة بعض اتباع الطريقة في تشييد مسجد بحي العرضة بامدرمان.
اما السيد شمس الدين الابن الخامس للسيد محمد عبد العالي فقد ولد ونشأ بارقو واشتغل منذ صباه بتدريس العلم وعقد حلقات الوعظ والارشاد وكان دائم السفر والترحال بين انحاء السودان المختلفة وجمهورية مصر العربية .وتوفي الى رحمة مولاه ودفن بارقو عام 1975م دون أن ينجب .
وولد السيد المعز الابن السادس للسيد محمد عبد العالي بأرقو وشب وتعلم بها . وقد كرس جهده لنشر تعاليم الطريقة في أنحاء دنقلا حتى وفاته بأرقو والتي دفن بمسجدها عام 1971م. وله من الأبناء السيد محمد والسيد ابن إدريس .
من الملاحظ ان المسجد قد لعب دورا بارزا في نشر تعاليم الطريقة الادريسية في السودان . فقد اسس ابناء وأحفاد السيد أحمد ابن ادريس بجانب كبار اتباع الطريقة عددا من المساجد بمنطقة دنقلا في كل من منطقة دنقلا وارقو وبيوض والقعب وارتقاسة وايماني والترعة . وبمنطة ام درمان في كل من حي الموردة والعرضة والثورة كما قام السيد محمود شداد , احد كبار الاتباع بتشييد مسجد بالخرطوم جنوب . وشيد المرحوم عبد العزيز شروني مسجدا اخر بمنطقة الخرطوم نمرة اثنين . بينما شيد الحاج علي المغربي مسجدا بحلفاية الملوك وظلت معظم هذه المساجد قاعدة للاتباع وملتقى لهم خاصة في المناسبات الدينية كمالمولد النبوي الشريف وليلة القدر والحوليات التي تقام لاحياء ذكرى السيد احمد بن ادريس في الحادي والعشرين من رجب . والسيد عبد العال في الثامن والعشرين من ذي القعدة . كما تقام بها الأذكار الجماعية في ليلتي الاثنين والجمعة من كل أسبوع .
ويتضح مما سلف ذكره ان ابناء واحفاد السيد احمد بن ادريس قد اسهموا اسهاما فعالا في نشر تعاليم الاسلام في السودان بوجه عام وفي منطقتي دنقلا وأم درمان على وجه الخصوص نسبة لتمركز قيادة طريقتهم بها .
هذا وقد لعب الأشراف الادارسه دورا ثقافيا واجتماعيا هاما في تاريخ السودان كان نتاجه هذا الوعي الديني والاجتماعي الذي لا تخطئه العين في شمال السودان ووسطه.
ــــــــــــــ (1) ابن ادريس الحسن الادريسي : الحركة السنوسية وأثرها في شمال إفرييا : رسالة ماجستير لجامعة القاهرة 1979 ص 77 (أنظر ايضا محمد بن علي اليمني : مناقب السيد أحمد بن ادريس : الزينية : نشرت ضمن كتاب المنتقى النفيس لصالح الجعفري
(2) أحمد المصطفى عبدالعالي : أحمد بن ادريس : الأقصر 1408هـ ص 6
(3) عبدالهادي التازي : مقال في مجلة دعوة الحق عن تاريخ تازه في عدد اكتوبر 1984م
(4) عبدالملك الليبي : الفوائض الجلية في تاريخ العائلة السنوسية: دمشق 1966م ص 21
(5) علي محمد السنوسي :السماط الممدود في بساط المحبة والعهود: مجلة المنهل عدد محرم 1396هـ
(6) السيد محمد عثمان الميرغني : مناقب أحمد بن ادريس
(7) يوجد أصل الرسالة بالزينية بالأقصر في صعيد مصر (راجع مدرسة أحمد بن إدريس المغربي للدكتور يحي محمد إبراهيم)
(8) د. علي صالح كرار : الطريقة الإدريسية في السودان بيروت 1991م ص 70
(9) رواية الشريف أحمد مصطفي عبدالعالي للدكتور يحي محمد إبراهيم.
(10) هو البروفسير عبدالوهاب الحسن الإدريسي عميد كلية الطب بجامعة ام درمان الإسلامية سابقا