السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الباب هو أحد أبواب صحيح البخاري رحمه الله وهو في كتاب المناقب رقم 61 من صحيح البخاري والباب الرابع فيه هو ( باب نسبة اليمن إلى إسماعيل ) وبالطبع يقصد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وأعلم أن هذا المبحث محل خلاف كبير ولكن لكون هذا الباب أحد أبواب صحيح البخاري والذي يعتبر أصح كتب الحديث النبوي سأنقله هنا بُغية الفائدة كما سأنقل معه شرح الامام ابن حجر العسقلاني للباب من كتابه ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) 6 / 621 الطبعة السلفية
نص البخاري في صحيحه :
4 - بَاب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ
مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ
3507 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ فَقَالَ ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ مَا لَهُمْ قَالُوا وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ قَالَ ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ
_____________________________________________
شرح ابن حجر العسقلاني للحديث في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري 6 / 621 الطبعة السلفيّة :
( بَاب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ
قَوْله : ( بَاب نِسْبَة الْيَمَن إِلَى إِسْمَاعِيل )
أَيْ اِبْن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل . وَنِسْبَة مُضَر وَرَبِيعَة إِلَى إِسْمَاعِيل مُتَّفَق عَلَيْهَا ، وَأَمَّا الْيَمَن فَجِمَاع نَسَبهمْ يَنْتَهِي إِلَى قَحْطَان ، وَاخْتُلِفَ فِي نَسَبه فَالْأَكْثَر أَنَّهُ اِبْن عَابِر بْن شَالِخ بْن أرفشخذ بْن سَام بْن نُوح ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ وَلَد هُود عَلَيْهِ السَّلَام ، وَقِيلَ اِبْن أَخِيهِ . وَيُقَال إِنَّ قَحْطَان أَوَّل مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ وَالِد الْعَرَب الْمُتَعَرِّبَة ، وَأَمَّا إِسْمَاعِيل فَهُوَ وَالِد الْعَرَب الْمُسْتَعْرِبَة ، وَأَمَّا الْعَرَب الْعَارِبَة فَكَانُوا قَبْل ذَلِكَ كَعَادٍ وَثَمُود وَطسم وجديس وعمليق وَغَيْرهمْ . وَقِيلَ : إِنَّ قَحْطَان أَوَّل مَنْ قِيلَ لَهُ أَبَيْت اللَّعْن وَعِمْ صَبَاحًا ، وَزَعَمَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار إِلَى أَنَّ قَحْطَان مِنْ ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل وَأَنَّهُ قَحْطَان بْن الهميسع بْن تَيْم بْن نَبْت بْن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام ، وَهُوَ ظَاهِر قَوْل أَبِي هُرَيْرَة الْمُتَقَدِّم فِي قِصَّة هَاجَر حَيْثُ قَالَ وَهُوَ يُخَاطِب الْأَنْصَار " فَتِلْكَ أُمّكُمْ يَا بَنِي مَاء السَّمَاء " هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَجَّح فِي نَقْدِي ، وَذَلِكَ أَنَّ عَدَد الْآبَاء بَيْن الْمَشْهُورِينَ مِنْ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ وَبَيْن قَحْطَان مُتَقَارِب مِنْ عَدَد الْآبَاء بَيْن الْمَشْهُورِينَ مِنْ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ وَبَيْن عَدْنَان ، فَلَوْ كَانَ قَحْطَان هُوَ هُودًا أَوْ اِبْن أَخِيهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ عَصْره لَكَانَ فِي عِدَاد عَاشِر جَدّ لِعَدْنَان عَلَى الْمَشْهُور أَنَّ بَيْن عَدْنَان وَبَيْن إِسْمَاعِيل أَرْبَعَة آبَاء أَوْ خَمْسَة
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل نَحْو أَرْبَعِينَ أَبًا فَذَاكَ أَبْعَد ، وَهُوَ قَوْل غَرِيب عِنْد الْأَكْثَر ، مَعَ أَنَّهُ حَكَاهُ كَثِيرُونَ وَهُوَ أَرْجَح عِنْد مَنْ يَقُول إِنَّ مَعْد بْن عَدْنَان كَانَ فِي عَصْر بُخْتُنَصّر ، وَقَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ اِضْطِرَاب شَدِيد وَاخْتِلَاف مُتَفَاوِت حَتَّى أَعْرَضَ الْأَكْثَر عَنْ سِيَاق النَّسَب بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل ، وَقَدْ جَمَعْت مِمَّا وَقَعَ لِي مِنْ ذَلِكَ أَكْثَر مِنْ عَشْرَة أَقْوَال ، فَقَرَأْت فِي كِتَاب النَّسَب لِأَبِي رُؤْبَة عَلَى مُحَمَّد بْن نَصْر " فَذَكَرَ فِيهِ فَصْلًا فِي نَسَب عَدْنَان فَقَالَ : قَالَتْ طَائِفَة هُوَ اِبْن أَدّ بْن أَدَد بْن زَيْد بْن مَعْد بْن مُقَدَّم بْن هميسع بْن نَبْت بْن قيدار بْن إِسْمَاعِيل ، وَقَالَتْ طَائِفَة : اِبْن أَدَد بْن هميسع بْن نَبْت بْن سَلَامَان بْن حَمَل بْن نَبْت بْن قيدار ، وَقَالَتْ طَائِفَة : اِبْن أَدَد بْن هميسع الْمُقَوِّم بْن ناحور بْن يَسْرَح بْن يَشْجُب بْن مَالِك بْن أَيْمَن بْن نَبْت بْن قيدار ، وَقَالَتْ طَائِفَة هُوَ اِبْن أد بْن أَدَد بْن الهميسع بْن يَشْجُب بْن سَعْد بْن بَرِيح بْن نُمَيْر بْن حَمِيل منحيم بْن لافث بْن الصَّابُوح بْن كِنَانَة بْن الْعَوَّام بْن نَابِت بْن قيدار ، وَقَالَتْ طَائِفَة : بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل أَرْبَعُونَ أَبًا قَالَ : وَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَاب رَخِيَا كَاتِب أَرْمَيَا النَّبِيّ ، وَكَانَ رَخِيَا قَدْ حَمَلَ مَعْد بْن عَدْنَان مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب لَيَالِي بُخْتُنَصّر خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ مَعَرَّة الْجَيْش فَأَثْبَتَ نَسَب مَعْد بْن عَدْنَان فِي كُتُبه فَهُوَ مَعْرُوف عِنْد عُلَمَاء أَهْل الْكِتَاب . قَالَ : وَوَجَدْت طَائِفَة مِنْ عُلَمَاء الْعَرَب قَدْ حَفِظَتْ لِمَعْد أَرْبَعِينَ أَبًا بِالْعَرَبِيَّةِ إِلَى إِسْمَاعِيل ، وَاحْتَجَّتْ فِي أَسْمَائِهِمْ بِأَشْعَارِ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِأَمْرِ الْجَاهِلِيَّة كَأُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت ، قَالَ : فَقَابَلْته بِقَوْلِ أَهْل الْكِتَاب فَوَجَدْت الْعَدَد مُتَّفِقًا وَاللَّفْظ مُخْتَلِفًا . ثُمَّ سَاقَ أَسْمَاء أَرْبَعِينَ أَبًا بَيْنهمَا . وَقَدْ وَجَدْت لِغَيْرِهِ حِكَايَة خِلَاف أَزْيَد مِمَّا حَكَاهُ ، فَعِنْد اِبْن إِسْحَاق أَنَّهُ عَدْنَان بْن أَدَد بْن يَشْجُب بْن يَعْرُب بْن قندر ، وَعَنْهُ أَيْضًا عَدْنَان بْن أَدّ بْن مُقَوِّم بْن نَاحُور بْن يَبْرَح بْن يَعْرُب بْن يَشْجُب بْن نَابِت بْن إِسْمَاعِيل ، وَعَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر هُوَ عَدْنَان بْن أَدّ بْن أَدَد بْن الهميسع بْن نَابِت بْن إِسْمَاعِيل ، وَحَكَاهُ مُرَّةُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان الْمَدَنِيّ فَزَادَ فِيهِ بَيْن أَدَد والهميسع زَيْدًا
وَحَكَى أَبُو الْفَرَج الْأَصْبِهَانِيّ عَنْ دغفل النَّسَّابَة أَنَّهُ سَاقَ بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل سَبْعَة وَثَلَاثِينَ أَبًا فَذَكَرَهَا وَهِيَ مُغَايِرَة لِلْمَذْكُورِ قَبْل ، وَقَالَ هِشَام بْن الْكَلْبِيّ فِي " كِتَاب النَّسَب " لَهُ وَنَقَلَهُ اِبْن سَعْد عَنْهُ قَالَ : أُخْبِرْت عَنْ أَبِي وَلَمْ أَسْمَع مِنْهُ أَنَّهُ سَاقَ بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل أَرْبَعِينَ أَبًا . قُلْت : فَذَكَرَهَا وَفِيهَا مُغَايَرَة لِمَا تَقَدَّمَ ، قَالَ هِشَامٌ : وَأَخْبَرَنِي رَجُل مِنْ أَهْل تَدْمُر يُكَنَّى أَبَا يَعْقُوب مِنْ مُسْلِمِي أَهْل الْكِتَاب وَعُلَمَائِهِمْ أَنَّ رَخِيَا كَاتِب أَرْمِيَاء أَثْبَتَ نَسَب مَعْد بْن عَدْنَان وَالْأَسْمَاء الَّتِي عِنْده نَحْو هَذِهِ الْأَسْمَاء ، وَالْخِلَاف مِنْ قِبَل اللُّغَة . قَالَ : وَسَمِعْت مَنْ يَقُول : إِنَّ مَعْد بْن عَدْنَان كَانَ عَلَى عَهْد عِيسَى اِبْن مَرْيَم ، كَذَا قَالَ ، وَحَكَى الْهَمْدَانِيُّ فِي الْأَنْسَاب مَا حَكَاهُ اِبْن الْكَلْبِيّ ثُمَّ سَاقَ الْأَسْمَاء سِيَاقَة أُخْرَى بِأَكْثَر مِنْ هَذَا الْعَدَد بِاثْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ ، وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْقَل وَلَا يُذْكَر وَلَا يُسْتَعْمَل بِمُخَالَفَتِهَا لِمَا هُوَ الْمَشْهُور بَيْن النَّاس ، كَذَا قَالَ ، وَالَّذِي تَرَجَّحَ فِي نَظَرِي أَنَّ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا قَالَهُ اِبْن إِسْحَاق أَوْلَى ، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيُّ ، مِنْ حَدِيث أُمّ سَلَمَة قَالَتْ : عَدْنَان هُوَ اِبْن أَدّ بْن زَيْد بْن بَرِيّ اِبْن أَعْرَاق الثَّرَى ، وَأَعْرَاق الثَّرَى هُوَ إِسْمَاعِيل ، وَهُوَ مُوَافِق لِمَا ذَكَرْته آنِفًا عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان ، وَهُوَ مُوَافِق مَنْ يَقُول إِنَّ قَحْطَان مِنْ ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل لِأَنَّهُ وَالْحَالَة هَذِهِ يَتَقَارَب عَدَد الْآبَاء بَيْن كُلّ مِنْ قَحْطَان وَعَدْنَان وَبَيْن إِسْمَاعِيل ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُون مَعْد بْن عَدْنَان كَمَا قَالَ بَعْضهمْ فِي عَهْد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا فِي عَهْد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ، وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ عَدَد الْآبَاء بَيْن نَبِيّنَا وَبَيْن عَدْنَان نَحْو الْعِشْرِينَ ، فَيَبْعُد مَعَ كَوْن الْمُدَّة الَّتِي بَيْن نَبِيّنَا وَبَيْن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَتْ سِتّمِائَةِ سَنَة كَمَا سَيَأْتِي فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مَعَ مَا عُرِفَ مِنْ طُول أَعْمَارهمْ أَنْ يَكُون مَعْد فِي زَمَن عِيسَى ، وَإِنَّمَا رَجَّحَ مَنْ رَجَّحَ كَوْن بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل الْعَدَد الْكَثِير الَّذِي تَقَدَّمَ مَعَ الِاضْطِرَاب فِيهِ اِسْتِبْعَادهمْ أَنْ يَكُون بَيْن مَعْد وَهُوَ فِي عَصْر عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَبَيْن إِسْمَاعِيل أَرْبَعَة آبَاء أَوْ خَمْسَة مَعَ طُول الْمُدَّة ، وَمَا فَرُّوا مِنْهُ وَقَعُوا فِي نَظِيره كَمَا أَشَرْت إِلَيْهِ ، فَالْأَقْرَب مَا حَرَّرْته وَهُوَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ مَعْد بْن عَدْنَان كَانَ فِي زَمَن عِيسَى فَالْمُعْتَمَد أَنْ يَكُون بَيْنه وَبَيْن إِسْمَاعِيل الْعَدَد الْكَثِير مِنْ الْآبَاء وَإِنْ كَانَ فِي زَمَن مُوسَى فَالْمُعْتَمَد أَنَّ بَيْنهمَا الْعَدَد الْقَلِيل ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .