العودة   ديوان الأشراف الأدارسة > ديوان الأشراف الأدارسة > تاريخ وجغرافيا الأشراف الأدارسة
 

تاريخ وجغرافيا الأشراف الأدارسة التطرق لتاريخ وجغرافية دولة الأدارسة ودراسته وتحليله من خلال الكتب والمراجع.

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 07-02-2011, 03:12 PM
الصورة الرمزية هشام الريماوي
هشام الريماوي هشام الريماوي غير متواجد حالياً
كاتب نشيط
 




افتراضي فاس القديمة

[align=right]باسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله و على آله الطيبين الطاهرين و منهم أهلنا الأدارسة الكرام

يشرفني أن أتحدث في موضوعي هذا عن فاس القديمة كما كلفت به من قبل سجاني بديوان الأشراف الأدارسة الثقافي المبارك و المفيد. و الشرف شرفين بالنسبة لي؛ فبفاس مرقد جدنا مولاي إدريس الأزهر و بها أيضا مسقط رأسي. فشكرا لإتاحتي هذه الفرصة و نحن على بعد أيام قليلة من ذكرى مولد جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة و السلام.

فاس القديمة، هي من اكثر المدن العربية حفاظا على التراث والاصالة من خلال الحرف اليدوية القديمة التي لا تزال على حالها منذ عدة قرون. أسوارها صمدت بوجه الغزاة و قاومت غطرسة الطبيعة، أسوارها احتضنت الإسلام بمسجد القرويين أحد أقدم المساجد ببلاد المغرب،

مدينة حفر اسمها في كتب التاريخ وراء جدران أزقتها الضيقة، تدخلها و الدهشة تتملك حواسك من كثرة الإنطباعات التي تصول و تجول ما بين القلب و العقل، فتجعلك تبيت تشعر كأن الوقت يتهاوى ماضيا إلى الخلف و تشعر كأنك فرد من جيش عقبة بن نافع تحمل رسالة السلام إلى شعب السلام.
أناسها على قدر كبير من الطيبة و النقاء، وجوههم صافية شفافة كنوافذ مدخرفة تطل على أزقة ضيقة مفحمة بعبق الأصالة، تلك الأصالة النابضة بنمط اجتماعي بات منقرضا في معظم المدن العربية.

كل من يدخلها يأمل التعرف على وجوهها المتعددة لكن لا يستطيع التمعن بأي من معالمها، فتمر المشاهد كأحلام طفل رضيع يلتمس الدفئ في حنايا صدر أمه. نعم، لا يتسنى للزائر التعرف إلا على القليل من معالمها التي أكسبتها شهرة تجاوزت الحدود عبر كل الأزمنة منذ تأسيسها فصنفتها ضمن التراث الإنساني العالمي.

و أول ما يخطر على بال الزائر لها من معالمها هو ضريح مؤسسها جدنا مولاي إدريس الأزهر الذي يمثل حسب باحثي الأنطروبولوجيا و المؤرخين قلب التعبد الشعبي حيث يرفع الدعاء و تقام التوسلات من طرف جموع السائلين و الحائرين و ذوي الحاجة لله عز و جل، ثم جامع القرويين الذي يقع بجانبه، و بعض المدارس العتيقة و الصناعة التقليدية الفاسية الأصيلة. فهذه هي المحاور الثلاث التي سأتطرق لها في معرض حديثي عن فاس القديمة ملتمسا المعذرة في التقصير.

[mark=#ffcc66]1 ضريح مولاي إدريس الأزهر[/mark]

يفتح الضريح أبوابه على طول اليوم لاستقبال الزوار الذين تختلف مستوياتهم الإجتماعيها و المعرفية و انتماء اتهم الجغرافية هيث يشكل مركز السياحة الروحية بالمدينة. وحسب المؤرخين، فإن طابع القداسة الذي اكتسبه الضريح لا يضرب بعيدا في التاريخ. فقد عمل الأمراء الزناتيين الذين خلفوا الأدارسة على الغاء تقاليد الاحتفال بالضريح. لكن في سنة 841ه / 1147 م، لحظة ترميم مسجد الشرفاء، وجد أن قبر الولي وجثمانه لم تنل منهما مظاهر التلف مما كان له صدى في قلوب الناس الذين انصرفوا الى إحياء تقليد الاحتفال بذكرى مؤسس فاس. ويقول المؤرخون إن المولى ادريس الأزهر اتسم بخصال روحية استثنائية حيث أتم منذ عامه الإحدى عشر تكوينه الديني والأدبي. وعلى مدى 25 عاما من حكمه، عرف كرجل دولة كبير، وأيضا كشاعر واسع الثقافة وقف في وجه الضغوط الأجنبية وخصوصا تلك التي مارسها العباسيون والخوارج. كما أبان المولى ادريس الأزهر، المعروف بتقواه وزهده، عن شجاعة متفردة في الدفاع عن الدين الاسلامي.

[mark=#ffcc66]2[/mark] [mark=#ffcc33]جامع القرويين و بعض المدارس العتيقة[/mark]

أ. جامع القرويين

اعتبر علماء في التاريخ الاسلامي جامع القرويين بمدينة فاس بالمغرب أول جامعة في العالم، كما كان لها دورها العلمي والسياسي والاقتصادي الحضاري في استيعاب أصحاب الديانات الأخرى.
وأشاروا إلى ان اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة من بيعة وحرب وسلم كانت تخرج بتوقيعات علماء جامع القرويين، وهو ما دفع المستعمر الفرنسي للمغرب آنذاك إلى تسميتها بـ"البيت المظلم"، وكانت أوقاف القرويين تكفي لإعانة المغرب في مواجهة أية أزمة اقتصادية طارئة.

وتجمع الدراسات التاريخية على أن مسجد القرويين أو"جامع الشرفاء" بنته فاطمة الفهرية في عهد دولة الأدارسة في رمضان من سنة 245 هجرية أي 30 يونيو (حزيران ) 859 ، حيث وهبت كل ما ورثته لبناء المسجد. كان أهل المدينة وحكامها يقومون بتوسيع المسجد وترميمه والقيام بشؤونه. وأضاف الأمراء الزناتيون بمساعدة من أمويي الأندلس حوالي 3 آلاف متر مربع إلى المسجد وقام بعدهم المرابطون بإجراء توسع آخر.

ويذكر المؤرخ الدكتور عبد الهادي التازي ـ الذي خصص أطروحته لنيل الدكتوراه، في جامعة القرويين من حيث بناؤها العمراني وأدوارها الفكرية والعلمية أن حفر أساس مسجد القرويين اتخاذ قرار بنائه الأول كان بموافقة العاهل الإدريسي يحيى الأول.
بعد بناء الجامع قام العلماء بإنشاء حلقات لهم فيه، كان يجتمع حولها العديد من طلاب العلم، وبفضل الاهتمام الفائق بالجامع من قبل حكام المدينة المختلفين تحولت فاس إلى مركز علمي ينافس مراكز علمية ذائعة الصيت كقرطبة وبغداد.

يعتقد أن جامع القرويين قد انتقل من مرحلة الجامع إلى مرحلة البداية الجامعية في العهد المرابطي، حيث قام العديد من العلماء باتخاذ المسجد مقرا لدروسهم. حسب النصوص المتوفرة فإن جامع القرويين دخل مرحلة الجامعة الحقيقية في العصر المريني حيث بنيت العديد من المدارس حوله وعزز الجامع بالكراسي العلمية والخزانات.

تخرج فيها العديد من علماء الغرب، وقد بقي الجامع والجامعة العلمية الملحقة به مركزا للنشاط الفكري والثقافي والديني قرابة الألف سنة. درس فيها سيلفستر الثاني (غربيرت دورياك)، الذي شغل منصب البابا من عام 999 إلى 1003م، ويقال أنه هو من أدخل بعد رجوعه إلى أوروبا الأعداد العربية. كما أن موسى بن ميمون الطبيب والفيلسوف اليهودي قضى فيها بضع سنوات قام خلالها بمزاولة التدريس في جامعة القرويين.

درّس فيها الفقيه المالكي أبو عمران الفاسي وابن البنا المراكشي وابن العربي وابن رشيد السبتي وابن الحاج الفاسي وابن ميمون الغماري، زارها الشريف الإدريسي ومكث فيها مدة كما زارها ابن زهر مرات عديدة ودون النحوي ابن آجروم كتابه المعروف في النحو فيها. ولقد اشتهر من فاس جماعة من أهل العلم ونسبوا إليها منهم أبو عمرو عمران بن موسى الفاسي فقيه أهل القيروان في وقته. وأبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان الشهير بابن البناء وهو أشهر رياضي في عصره، وأبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ الشهير بابن باجة وكان ممن نبغوا في علوم كثيرة منها اللغة العربية والطب وكان قد هاجر من الأندلس وتوفي بفاس. ومن العلماء الذين أقاموا بفاس ودرسوا بجامعتها ابن خلدون المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع، ولسان الدين بن الخطيب، وابن عربي الحكيم وابن مرزوق.

ب. مدرسة العطارين

تعتبر مدرسة العطارين من أكبر وأهم المدارس العتيقة في مدينة فاس والتي مازالت تعد تحفة فنية في فن المعمار والهندسة رغم بنائها يرجع الى القرن الثاني عشر ( 1323م) في عهد الدولة المرينية. وخضعت عمليات الترميم لهذه البناية التاريخية الى المقاييس العلمية الدقيقة، واستعين في ذلك على نفس المواد التي استعملت في بنائها سواء تعلق الامر بالطين او الخشب او الرخام. وسميت هذه المدرسة بالعطارين لانها كانت على مقربة من سوق تباع فيه العطور.

ج. المدرسة المصباحية

تحيط بجامع القرويين الشهير في مدينة فاس، وقد تم بنائها سنة 1346 ميلادية في عهد السلطان أبي الحسن المريني، وتستهدف عمليات الترميم في هذه المدرسة اعادتها الى طابعها الاصلي الذي كان عليه منذ عدة قرون، وسميت بالمصباحية لان اول من درس بها هو الشيخ أبا الضياء مصباح الياصوني. وتميزت عمارة هذه المدرسة بالمرمر الابيض الذي جلب من الاندلس.

اما الشكل المعماري العام لهذه المدارس فيتميز بوجود صحن واسع مستطيل الشكل يحيط بقاعات الدرس والصلاة، وغرف خاصة للمعلمين، بالاضافة الى غرف خصصت كمكتبات للمطالعة وتحفظ بها المخطوطات، اما في الطبقات العليا للمدرسة توجد غرف إقامة الطلبة. ويمتاز معمار هذه المدارس بأقواسها الجميلة المحملة على ساريات منقوشة بالرخام،ويكتب على جنباتها آيات من القرآن الكريم، ويبلغ متوسط غرف هذه المدارس نحو 20 غرفة ما بين الطابق الارضي والطبقتين العلويتين التي يسكن عادة فيها الطلاب.

الى جانب مدرستي العطارين والمصباحية، توجد مدارس عتيقة أخرى بعضها اندثرت معالمها، وبعضها مازال قائما مثل مدرسة الصفارين التي تعتبر اول المدارس التي بنتها الدولة المرينية سنة 1271، وكانت تعرف في السابق بإسم مدرسة الحلفاويين، وعرفت ايضا بالمدرسة اليعقوبية، وماتزال تحتفظ بأثار فنية بديعة،ومن المدارس الاخرى التي اشتهرت بها مدينة فاس، مدرسة دار المخزن، ومدرسة الصهريج، ومدرسة السبعين، ومدرسة الوادي،والمدرسة العنانية، وهي كانت آخر مدارس دولة بني مرين.

3 [mark=#ffcc66]الصناعة التقليدية الفاسية الأصيلة[/mark]

فاس القديمة تحولت عبر مرور الزمن إلى قلب نابض بالتراث المغربي، ففيها تنتشر كل أطياف الصناعة التقليدية، أحياء بكاملها مكرسة لصناعة الجلد من الألف إلى الياء و أحياء أخرى تحتضن صناع الأخشاب و أخرى للفوانيس النحاسية.
للسجاد حصة الأسد في هذه المدينة على اعتبار أنه صناعة لا تزال تجري بالطرق اليدوية التقليدية القديمة و بنفس الوسائل و الأدوات التي كانت سائدة في القرون الماضية. حتى عمليات نقل البضائع لا تزال على حالها، لا بل تنقل الزائر معها إلى تلك العصور التي باتت أوهاما تائهة في الذاكرة

كل السياح و من كل بلد أحبوا المنتوج الصناعي التقليدي الفاسي، خاصة عندما يعاينون كيفية عمل '' المعلم'' أو الصانع التقليدي يجدون أنفسهم يعشقون هذا المنتوج أكثر، فكل شيء يتم يدويا و بمواد أولية طبيعية من جودة عالية.

هذا ما يجعل فاس مدينة عربية ساحرة بامتياز.[/align]

 

 

رد مع اقتباس
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir