ذكر من اسمه إدريس
إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي ابن عيسى بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الإدريسي الحسني، أبو الحسن بن أبي علي الاسكندراني، من أبناء الأكابر، ونجل الأمراء بالمغرب، وكان فاضلاً أديباً شاعراً مجيداً بصيراً بالحكمة وعلوم الأوائل، عارفاً بالأدب، قيما بعلم النسب، عالماً بأيام العرب، قيما بالتاريخ والأخبار، راوية للدواوين والأشعار، له مصنفات عديدة ومجاميع في الأنساب والتواريخ مفيدة.
سمع من الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، وابنه أبي محمد القاسم بن علي، وأبي المعالي عبدالله بن عبدالرحمن بن صابر السلمي والقاضي الفاضل عبدالرحيم بن علي البيساني وغيرهم.
دخل حلب مراراً متعددة وقطنها بالأخرة إلى أن مات بها، وحدث بها ببعض كتاب النسب للزبير بن بكار بروايته عن الحافظ أبي القاسم الدمشقي.
روى عنه العماد أبو عبدالله محمد بن محمد بن حامد في كتاب الخريدة، وروى لنا عنه شيئاً من شعره القاضي أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب، والشريف أبو المحاسن عبدالله بن محمد بن عبدالله الهاشمي الحلبيان.
وكان فاسقاً مدمناً لشرب الخمر، منهمكاً في الخلاعة فأعرض الناس عن السماع علي لذلك، أدركته بحلب ولم يتفق لي الاجتماع به البته، وكان أول دخلوه إلى حلب على ما قرأته بخطه في بعض تعاليقه في جمله الملك العادل محمود ابن زنكي بن آق سنقر في المحرم سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
وسمعت الصدر القاضي بهاء الدين أبا محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب الحلبي يقول: ورد الشريف الادريسي إلى حب بعد الستين والخمسمائة، وأقام بها واختلط بأهلها، وهو على طريقة حسنة من التزمت والوقار.
قال: وغلب عليه في آخر عمره حب الخمر والتهتك فيه ومعاشرة الأراذل والسفلة.
قال لي: وكنت إذا اجتمعت به أو لقيته ألومه على ذلك، وأعنفه فيقول لي: إن هؤلاء اللفيف الأخساء إذا جلست معهم لا أعبأ بهم، ولا أتحفظ منهم، وتحصل لي الراحة بصغر أقدارهم واطراحهم، وأنا فمكب على النسخ، متى جلست معهم لا أكلمهم ولا يكلمونني، ولا يكلفوني شططاً.
وقد ذكر قصته معهم في قصيدته الرائية التي نظمها بعد الستمائة، وهي مشهورة يعرض فيها بالمباحية وغيرهم، أولها: أعلي إن خلعت فيك العذارا حسبةً أو لزمت فيك الوقارا
وأعرضت عن ذكر القصيدة، وإن كانت من لطيف الشعر، لما فيها من السخف والخلاعة وذكر ما لا يليق ذكره بأهل العلم.
قال لي القاضي أبو محمد: وبالجملة فقد كان عنده من القناعة وقلة الطمع فيما يرغب الناس فيه جملة كافية صانت ماء وجهه على فقره وفاقته، فإنه أكثر أيامه كان يورق بالإجرة وكان أبوه وخاله من الأمراء المشهورين بالديار المصريه بفضيلتي السيف والقلم، إلا أنه محا ذكرهم بما اشتهر عنه من هذه السيرة الذميمة، وقبح المقالة.
وأنشدنا القاضي أبو محمد عنه شيئاً من شعر خاله، أنشده إياه عنه، نذكره في ترجمة خاله إن شاء الله تعالى.
وولد الإدريسي هذا بالديار المصرية سنة خمس وأربعين وخمسمائة، ونقلت ذلك من خطه عفا الله عنه
يتبع . . . .