سيدي مهذب بالصخيرة من أحفاد علي بن أبي طالب هذب جامع الزيتونة... وآخى بين القبائـ

[رائـد الدباغ]

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي مهذب بالصخيرة: من أحفاد علي بن أبي طالب... هذب جامع الزيتونة... وآخى بين القبائــــــل

يعتبر مقام الولي الصالح سيدي مهذب بمعتمدية الصخيرة منارة سلم وقبلة لمختلف الزوار من منتسبيه في كامل أنحاء البلاد، واسم الولي الذي عرف بـ«سيدي مهذب» هو أبو القاسم ابن عيسى ابن ادريس يتصل نسبه بالإمام علي ابن ابي طالب حيث عهد له الحفصيون في تلك الحقبة بتهذيب جامع الزيتونة المعمور، وبذلك سمي الشيخ الصالح «المهذب» قبل أن يحل بين قبائل الهمامة والمثاليث وبني زيد لفض النزاعات في ما بينهم.

عناية رئاسية

هذا المقام حظي في السنوات الاخيرة بعناية رئاسية حيث تم رصد اعتماد مالي بقيمة خمسة وخمسين ألف دينار للقيام بمختلف أشغال الاصلاح والترميم ليصبح هذا المقام في حالة تليق بمقام الشيخ الصالح «سيدي مهذب» وقد ظل مقامه الموجود بمنطقة السواسي والذي يبعد 2 كلم على قلب معتمدية الصخيرة مزارا على الدوام عبر مختلف فصول السنة. وقد حافظ عربان «المهاذبة» المنحدرون من معتمديات الصخيرة والمزواة والغريبة وبئر علي بن خليفة من ولاية صفاقس على تخصيص يوم من ربيع كل سنة لاقامة «الزيارة» والتي تسمى «الزردة» في مناطق أخرى، وهي موعد هام تجتمع فيه العائلات والاقارب والاصدقاء من مختلف ولايات الجمهورية يضربون الخيام، وينحرون الخرفان، يأتون من مختلف ولايات الجمهورية بزادهم وأمتعتهم نساء وأطفالا وشبابا للمشاركة في الاحتفال الصوفي في جو يثير الانتباه ويبعث على الاعجاب ويقضي أغلبهم ليلته قرب المقام. ويجد البعض في هذه المناسبة فرصة ثمينة للتلاقي مع الاهل والاقارب ومن أجل ذلك فقط ظل «المهاذبة» محافظين على هذا الموعد مهما تغيرت الاحوال، وتبدلت الظروف.

الحضرة، فقرة رئيسية في برنامج «الزيارة»

تبقى الحضرة من أهم الفقرات التي تستقطب الزائرين والضيوف، فيتدافع جل الحاضرين لمشاهدة ما يؤديه «العيساوية» من رقصات وتمتمات وأهازيح صوفية ودينية، فيبدأ العرض عادة بالقرب من المقام صباح يوم «الزيارة» وتتولى اللجنة الثقافية بالصخيرة القيام بالاجراءات التنظيمية لتفادي ما قد ينجر عن ذلك من تدافع، وحوادث طارئة ويسبق هذا العرض تمارين ليلية تدوم أحيانا أسبوعا كاملا يقع تحديد القائمة النهائية للمشاركين في عروض الحضرة باعتماد مدى استعداد المشارك ومدى حفظه للأناشيد الصوفية والمدائح التي تشكل برنامج الحضرة.

الموقع الجغرافي

استقر الولي الصالح سيدي مهذب بالمكان المعروف بالسواني حتى نسبت له منطقة «سواني سيدي مهذب» وهو المكان الذي توفرت فيه المياه والخضرة، وأقام محاذيا لطريق الأعراض الرابطة بين الشرق والغرب (الوطنية رقم 2 حاليا)، وكان ذلك أساسا من أجل توفيرالراحة للقوافل والزيادة من تأمينها، وقد كلف فريقا للوفادة والرفادة منهم الولي «الحاج حميدة» والذي يوجد ضريحه محاذيا لسيدي مهذب، وبعد وفاته توالت على حفظ مقامه أجيال متعاقبة.

وثيقـة نـادرة تـؤرخ لاجتمـاع اختيـار

«حفيظ الزاوية»

مثلما هو متعارف فان لمقام الولي الصالح سيدي مهذب شيخ زاوية، وحفيظ ممثلين عن هذه البطون وقد تولى على حفظ مقامه عديد الاسماء نذكر منهم الكيلاني بن مهذب والمايل والدبار. أما مشيخة الزاوية فقد الت الى المغفور لهم باذن الله أحمد بن يحي وعلي الابيض والعرضاوي السلامي. وفي سنة 1940 اجتمع سكان المنطقة بالسواني بحضور علي الابيض شيخ الزاوية والمناط بعهدته انذاك جمع الأموال والحبوب الراجعة لـ«حبس» الولي الصالح ليقع توزيعها فيما بعد على الفقراء والمحتاجين وحضر الاجتماع شيخ أولاد الحاج موسى وشيخ الحضارة لانتخاب من يحفظ الزاوية ويقوم عليها، ويسهر الحفيظ المنتخب مثلما هو متعارف عليه على صيانة المحل وحفظه من السرقة والاتلاف وتنظيفه مما يتركه الزوار الوافدون من بقايا مأكولات وذبائح، وقرابين، وبمقتضى ذلك الاجتماع التاريخي لا يمكن تحت أي طائل أن ينزع مفتاح التسريح الا الأحفاد البطون الممضون على الوثيقة وذلك كلما لاحظوا اهمالا أو تقصيرا ومنذ ذلك التاريخ فان مفتاح ضريح سيدي مهذب ظل عند آل مسعود بن الحاج المختار الى اليوم.



منقول عن من جمعها: اسماعيل بن محمود