الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لما استطاع المولى ادريس الاول فتح بلدان كثيرة من المغرب و تلمسان التي كانت لا تزال على الكفر … فلما خافهارون الرشيد ان يطاول امر المولى ادريس الاكبر و يعظم قدره حتى يصل اليه لما يعلم من كماله و فضله و اقببال الناس عليه فاغتم لذلك غما شديدا و بعث لوزيره يحيى بن خالد البرمكي الذي قطع الله دابره ليستشيره فيه فقال له انه من ولد علي بن ابي طالب و ابن فاطمة الزهراء و قد قوى سلطانه و كثرت جيوشه و اشتهر اسمه و ظهرت فتوحاته و قد فتح تلمسان و هي باب افريقية و من ملك الباب لاشك يدخل الدار و قد عزمت على ان ابعث اليه جيشا عظيما لقتاله ثم تفكرت في بعد البلد و طول المسافة و تنافر المغرب من المشرق و لا طاقة لجيوش العراق للوصول الى سوس من ارض المغرب فرجعت عن ذلك و قد هالني امره فاشر علي برايك فقال يحيى بن خالد :" يا امير المومنين الراي عندي ان تبعث اليه رجلا ذا حزم و مكر و خديعة و لسان و اقدام و جرأة فيقتله و تستريح منه " فقال :" الرأي ما رأيت فمن يكن الرجل ؟ فقال :"يا امير المونين عندي رجل اعرفه في جيشي اسمه سليمان بن جرير من اهل الحزم و الاقدام و الفتك و الشجاعة و العلم بالجدل و الدهاء فنبعثه اليه فقال اسرع بذلك فخرج في الحال و طلب سليمان و عرفه المقصود منه ووعده على ذلك الرفعة و المنزلة العلية و اعطاه مالا جزيلا و تحفة مستظرفة و جهزه بما يحتاج اليه و خرج من بغداد فلما وصل سليمان الى المولى ادريس اخبره انه من خدام ابه اي اب المولى ادريس فسكن اليه و قر به عينا فكان لا يفارقه و كان سليمان محدثا بارعا و كان يدعي انه من الزيدية و عندما يجالس العلماء كان يحدثهم عنفضل اهل البيت و يقيم الدليلعلى امام المولى ادريس الاكبر و تحين سليمان فرصة غياب راشد ذات يوم في بعض شؤونه فدخل على المولى ادريس فجلس بين يديه فقال له يا مولاي :" اني جئت من المشرق بقارورة طيب رايت يا سيدي و مولاي الامام اولى و احق بها فخذ تطيب بها فقد آثرتك على نفسي فشكره الامام ثم اخذها و فتحها و شمها فقال سليمان من مكانه فسار الى منزله و ركب فرسا من عتاق الخيل وسباقها كان اعتده لذلك و خرج حينا … و كانتالقارورة مسمومة فلما استنشقها مولانا ادريس صعد السم الى دماغه فغشي و سقط على الارض و وصل خب غشيته الى راشد فاقبل مسرعا فدخل عليه فوجده يجود بنفسه الكريمة و قد اشرف على الهلاك و هو لا يقدر ان يرد الكلام فقعد بجنبه حائرا و كان سليمان قد قطع مسافة من الارض و كانت وفاته سنة 177 فتبعت الخيالة سليمان و لم يلحق به الا راشد لوحده و هو يقطع نهر ملوية فصاح عليه راشد و شد عليه بالسيف فقطع يده اليمنى و شجه على راسه و كبا جواد راشد به و فر سليمان حتى وصل الراعق وولاه الرشيد بريد مصرهم و اما البرمكي فقد آل امره الى ان قتل شر قتلة
و يقول الشاعر في المولى ادريس "
زرهون اشرف ما في الارض من بقع اذ فيه قبر عظيم من ذوي الكرم
و ذاك القبر قبر الامام التبعي الذي من آل بيت رسول الله سيد الامم
و الشاعر يقصد اشرف ارض يعني اشرف ارض مغربية لان اشرف ارض الله مكة المكرمة و من و المدينة المنورة و بيت المقدس الشريف