استغلال فرصة للقرب من الحبيب :
وكانت من حبها لها تستغل الفرص , أي فرصة للقرب منه أي فرصة للحديث معه تبادر لإغتنامها تقول صفية بنت حنين رضي الله عنها , حج النبي صلى الله عليه وسلم بنسائه فلما كان في بعض الطريق نزل رجل فساق بهن الجمال فأسرع , فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد خاف على النساء كذاك سوقك بالقوارير, فبين هم يسيرون برك بصفية جملها , وكان بعيرها قويٌ شديد , ولكن شاء الله جل وعلا أن يبرك بها ولايتحرك , فبكت رضي الله عنها , فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إليها حينما أُخبر بذلك , فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم دموعها بيده , وأزدادت بكاءاً وهو يمسح وهي تبكي فلم أكثرت نهرها صلى الله عليه وسلم وأغلظ عليها وهي رضي الله عنها قد شاقتها تلك اللمسات الحانية مما جعلها تزداد في بكائها, ثم سكتت رضي الله عنها , فلما نزلوا أنطلقت لعائشة رضي الله عنها , وقالت لها: تعلمين إنني لم أكون أبيع يومي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء أبدا, وإني قد وهبت يومي لكِ على أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني , قالت عائشة : نعم , وأخذت عائشة خماراً لها ورشته بالماء لتصعد منه رائحة الزعفران الطيبة , ولبست ثيابها كأجمل ماتكون, وأنطلقت إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعت طرف الخباء عنه , فقال : مالك ياعائشة اليوم ليس بيومك...! , فتبسمت وقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم, فنام معها في ذلك الخباء, فرصة أقتنصتها عائشة رضي الله عنها لحبها للرسول صلى الله عليه وسلم فكانت لاتؤذيه ولاتحتمل أن يأتيه الأذى.
من تمام الحب:
ومن تمام حبه لها كان يحرص على عدم إيذائها وكان يدافع عنها إن لزم الأمر, ويُرقيها إذا مرضت , ويحرص على عدم تكدير خاطرها بل كان يغمرهابالحنان وهي نائمة وكان يحرص على ألا تستوحش أو يصيبها الخوف وكان إذا طعم طعاماً أو شرب شراباً يرسل منه لعائشة رضي الله عنها, وكان يلحظْ منها كل ملحِظ , وكان يفهم منها الإيماء والإشارة وهي كذلك , وربما وصل التلاحم والإنسجام بينهما أن كل واحدٌ منهما يفهم مايريد منه الآخر دون أن يتحدث.
وفضلاً عن ذلك فقد كان لها مزايا عديدة ، منها: حرصها على طلب العلم.. وثمة شواهد كثيرة على علمها منها : عقد مجالس العلم في بيتها.. واستدراكها على الصحابة بل على كبارهم.. وطموحها إلى المعالي.. وحرصها على المشاركة في الجهاد قبل الحجاب وبعده.. وحرصها على كسب العمرة مع الحج.. وذكرها الفضل لأهله ، سواء كان لإحدى ضرائرها، أم كان ممن أسرف في حديث الإفك، أو كان قد قتل أخاها.. وزهدها وبذلها السخي.. وورعها.. ورَباطة جأشها.. وصدق الرواية ولو على نفسها.. ومحنتها الكبرى وتبرئة الله تعالى لها في كتابه العزيز ، وأخيراً تكريم الله تعالى لها.
وتقول: قال لي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ مرة: إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبي.. فقلت يارسول الله: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: أما إذا كنت عني راضية فانك تقولين: لا ورب محمد, وإذا كنت غضبي قلت: لا ورب إبراهيم. قالت: فقلت أجل والله يارسول الله ما أهجر إلا اسمك ـ أي: وأما ذاتك يارسول الله فهي معي دائما حيثما كنت.
النبى صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة:
يتبع