لقد تميّز الشيخ الملياني بالفطنة و الذكاء الحادّين، و يبدو ذلك جليًّا من خلال مساجلة شعرية
وقعت بينه وبين الإمام أبو عبد الله محمد ابن غازي المكناسي (ت919هـ) الذي تحدّى
علماء المغرب و نبهاءه ببعض الأبيات الشعرية الملغزة فما أجابه عنها من أحد، حيث يقول:
وَ مَيِّتُ قَبْـرٍ طَعْمِهُ عِنْدَ رَأْسِـهِ ** إِذَا ضَاقَ مِنْ ذَاكَ الطَّـعَامِ تَكَلَّمَا
يَقُـومُ فَيَمْشِي صَـامِتًًا مُتَكَلّمًًا ** وَيَأْوِي إِلَى الرَّمْسِ الذِّي مِنْهُ قُُيِّمَا
فَلَا هُـوَ حَيٌّ يَسْتَحِـُقّ زِيَارَةً ** وَلَا هُـَو مَيِّتٌٌ يَسْتَحِـقُ تَرَحُّمًا
قيل لمّا انتهت إلى مسامع الشيخ أبي العباس الملياني ، أجابه عنها نظمًا بقوله :
بِحَمْدِ اللهِ أَبْتَــدِي ثُمَّ بَعْدَهُ ** أُصَلِّي عَلَى خَيْرِ الأَنَامِ مُسَلِّمَا
هُوَ القَلَمُ القَبْرُ الدَّوَاةُ وَ طَعْمُهُ ** مِدَادَ كَلَامِهِ الكِتَـابَةُ فَافْهَـمَا
وَ قَائِلُ هَذَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ** عَفَا اللَّهُ عَنْهُ كُلَّمَا كَانَ أَجْرَمَا
* وقد نسب الحفناوي تبعًا لابن مريم هذه الأبيات إلى الشيخ أبي العبّاس أحمد بن محمّد ابن الحاجّ البيدري
التلمساني الذي قام بشرح " النفحات القدسية " لأبي علي الحسن بن أبي القاسم ابن باديس القسنطيني
في كتابه الموسوم بـ " أنيس الجليس في جلو الحناديس عن سينيّة ابن باديس " ، ولعلّه الصّواب.