طبائع بني يزناسن :
* الغيرة : يمتاز بنو يزناسن على الإطلاق بقوة الغيرة على حريمهم وممتلكاتهم ، والغيرة على الحريم أقوى وأشد . فقد يتسامح اليزناسني في كل شيء إلا فيما تقتضيه الغيرة على الحريم . ولقد ضربوا الرقم القياسي في غيرتهم على النساء بأدق تعبير وإن أقل إشاعة وأتفهها تؤدي إلى سقوط الأرواح . وكم من آلاف الجزئيات من هذا النوع أدت إلى القبور أو السجون . واليزناسني لا يغار – فقط – على زوجته وبناته وأخواته بل حتى على القريبات من عمومة وخؤولة ومصاهرة ، وفي معظم الأحيان يغار حتى على عموم سكان قريته ، أو حريم أصدقائه بنفس الغيرة على من ينتسب إلى عائلته.
* الإباء : لليزناسني نفس أبية لا ترضى الحياة الذليلة ويصدق عليه تماما قول القائل : إذا سقط الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه .
فاليزناسني يفضل أن يقضي جوعا وعطشا ... على أن ينال شيئا يحس فيه برائحة الإهانة .
* الخجل : أول ما يقابلك اليزناسني تشعر بأنه خجول ، وخجله مجاوز للحد . وإذا حاولت استغلال خجله بإهانته وشعر بهذا الاستغلال فإنه لا يلبث أن يقف منك أحد الموقفين لا ثالث لهما : فإما الإسراع إلى مفارقتك و لا تعرف متى يزول عنه غضبه ، أو يفارقك إلى الأبد لحادثة بسيطة من هذا النوع .
وإما أن ينقلب ذلك الرجل الخجول الوديع إلى وحش شرس لا يقف غضبه عند حد.
* احترام الكلمة : وأعني باحترام الكلمة الوفاء فاليزناسني على العموم أشد وفاء للعهد حتى مع أبسط الناس ، فإن له غيرة على قبيلته أن يقال فيها خافري الذمم والعهود.
* سرعة الغضب : فهو سريع الغضب وقد يغضب لأتفه الأشياء ويؤدي به غضبه إلى نتائج لا نسبة بينها وبين موجب الغضب ولكنه يتراجع بسرعة حالما تراجعه في موجب الغضب وأحرى إذا اعتذرت له.
* الدأب على العمل : فهو عامل نشيط لا يمل من مواصلة العمل ليل نهار ، فأقل معلومات أو أقل دربة تكفيه لأن يمارس الأعمال الهامة. ولقد اشتهر بالنشاط الزراعي أيما اشتهار في مجموع أقاليم البلاد فأينما حل اليزناسني يجد شهرته في العمل الزراعي قد سبقته، وبفضل هذا النشاط استحالت سهول تريفة إلى حقول فيحاء وحدائق غناء.
* صعوبة الانقياد : اشتهر بنو يزناسن بطبيعة صعوبة الانقياد والطاعة ، فهم يبغضون الأنانية والظلم والإهانة من أعماقهم ، شأنهم في ذلك شأن جميع أفراد الشعب المغربي .وأنني لا زلت أذكر جيدا أحد رؤساء دائرة بركان الفرنسيين قال لأحد الاستقلاليين : هل أنت تفهم الاستقلال ؟ ففهم الاستقلالي من رئيس الدائرة أنه يسخر من بساطته وأميته فأجابه ساخرا : نعم إني أفهم الاستقلال كامل الفهم ، إن معنى الاستقلال أن تفارق أنت هذا الكرسي وأجلس عليه أنا.
وعلى الرغم من قساوة أسلوب الجواب ضبط المراقب أعصابه وسأله مرة ثانية : هل أنت يا موسى بن رياح تستطيع أن تجلس مكاني هذا وتستطيع أن تضطلع بما أضطلع به من مهام عظيمة تحتاج إلى ثقافة وخبرة؟ فابتسم موسى بن رياح وأجابه : لا تتخيل قصدي أن تقوم أنت يا سيد رامونة وأجلس أنا موسى بن رياح . لا ، وغنما ضربت لك مثالا بهذه الجزئية فقط . و الا فإني أقصد وأنت تعلم ما أقصد ، أن يسلم الفرنسيون حكم البلاد لأهل البلاد وحينما يحدث ذلك ، فإنه ليس من شأنك أن تعرف هل أنا الذي سأجلس مكانك أو غيري ، فهذا شأن الشعب المغربي وشأن جلالة الملك محمد الخامس نصره الله.وزاد موسى قائلا : أنا أعلم أنني إنسان بسيط و لا أستحق أن أدير شؤون بلادي ثم إننا إذ نريد استرجاع سيادتنا نريد أن لا يحكمنا الأميون البسيطون مثلي كما هو أسلوب الاستعمار في إسناد الأمور إلى مواطنينا الأميين بل يتولى أمرنا ذوو الخبرة والكفاءة والنزاهة .
ولقد أعجب المراقب ومساعدوه من هذا الجواب العميق الصريح الواضح البين وهذا الموقف الوطني الصادق أيما إعجاب ، وحكم على موسى بن رياح بخمسة عشر يوما حبسا.
في هذا الجو وفي هذه التربة وفي هذا العالم امتزج العديد من الشرفاء الأدارسة بسكان الأرض الأصليين حتى صاروا لحمة واحدة . ففي قسم بني وريمش نجد الشرفاء الأدارسة أولاد سيدي علي بن سعيد بأولوت ، أولاد سيدي موسى المدعوون أولاد معبورة ، أولاد فسير ، أولاد عطية ، أهل ورين ، بنو وال ، التميميون في قرى رسلان وبني نوكة ، الداوديون والشقارنة ، وهؤلاء الشرفاء يقيمون مواسم دورية ترحما على جدودهم الأعلون ، فيطعمون الطعام مئات الناس وهذه المواسم نقية طاهرة من كل رجس من عمل الشيطان فالقراء يتلون كتاب الله جماعات جماعات ... أما في قسم بني عتيق فيوجد الشرفاء الأدارسة الحافيون ، السغروشنيون ، أولاد مولاي احمد العياشي ، الورطاسيون ، آل تيزي ازمور والصبانيون. أما شرفاء بني منقوش الإدريسيون فهم أولاد سيدي علي البكاي ، أولاد بنيعقوب ، آل وكوت ، لحسينيون ، الرمضانيون ، الوليون و أولاد الطاهر. أما في قسم بني خالد فنجد الشرفاء أولاد سيدي عبد الله بن عزة ، أولاد ابن العالم.
نقلا عن كتاب بنو يزناسن عبر الكفاح الوطني تأليف قدور بن علي بن البشير العتيقي الورطاسي الحسني .