الفصل الأول: نسب سيدي الناصر بن عبد الرحمان وبعض الأبناء الذين تفرعوا منه
ولد الشريف سيدي الناصر بن عبد الرحمان بالساقية الحمراء حوالي عام 751ه الموافق للعام 1350م وبعد ان حفظ القرآن العظيم وتلقى أسس العلوم الإسلامية والعربية بمحيطه تنقل وهو شاب إلى سجلماسة بالمغرب الأقصى فاصبح أميرا على هذه المنطقة لمدة أربع سنوات حكم فيها بالعدل و الاحسان وفق ما جاء في كتاب الله جل وعلا و سنة رسوله المصطفى عليه افضل الصلاة و أزكى التسليم
وبقصد الحج الى بيت الله الحرام وطلب المزيد من العلم و اكتشاف بعض البلاد العربية و الإسلامية
خرج سيدي الناصر من "سجلماسة" في ستة من وزرائه قاصدا المشرق وكان ذلك مع بداية الربع الأخير من القرن الثامن للهجرة / الرابع عشر للميلاد
وبعد أول مشوار من رحلته نزل بإمارة "مازونة"بمنطقة الونشريس من شمال الوسط الجزائري و حين نزوله وجد صاحب الإمارة اعمر بن عريف قد انتقل الى رحمة الله . وما ان عرفه اعيانها حتى توسلوا اليه ليبقى بينهم ثم بايعوه أميرا عليهم فحكم كما سلف له أن فعل وفق إدراكه للكتاب المجيد و السنة المطهرة و بالتوازي مع هذا عمق معارفه العلمية و تنسك زاهدا في الدنيا على طريقة أسلافه الميامين وكان في كل حول يعرض على اتباعه التنازل عن السلطة لمواصلة رحلته التي خرج من أجلها من إمارته الأولى فكانوا يتحفظون و يتطلبون التأجيل. وبعد مرور ستة عشر عاما زال التحفظ فنُصَب الترابي بن عريف أميرا للمنطقة بمساعدة أخيه من أمه محمد بو جناح
ثم أخذ طريق الشرق مع قوافل الحجاج و التجار والمسافرين وفي رحلته المشرقية مر بالمسجد الأقصى المبارك ثم اتجه إلى المدينة المنورة الموطن الثاني و الأخير لجده رسول الله عليه الصلاة و السلام فجاور فيه سنين عددا وكان في كل سنة ينتقل إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة فيؤدي مناسك الحج و العمرة و في آخر مرة يحج فيها التقى بالشيخ الناصر بن عبد الرزاق أحد أحفاد القطب الصوفي المشهور الشيخ سيدي عبد القادر الجيلاني صاحب بغداد فدعاه لزيارة العراق وهذا ما تم بالفعل مع أفول القرن الثامن للهجري فتوسل عليه (أي أخذ عنه الطريقة القادرية) و بعد تتميم هذه الرابطة الروحية بعد الرابطة الأخوية, توجه غربا عائدا من حيث أتى وذلك بعدما تزود في رحلته الطويلة بالكثير من ثقافة عصره لا سيما معالم التصوف فيها. و بعد عودته مع أوائل القرن التاسع للهجرة - الخامس عشر للميلاد . لقد نزل بمنطقة منداس ولاية غليزان حاليا و خلال إقامته التي دامت ما يربو عن العقد و نصف العقد من الزمن سارت الظروف لصالحه فأصبح ثريا له من الأراضي الفلاحية و الأنعام الشيء الكثير ,كما أصبح شيخ المنطقة وعالمها, وفي بداية شيخوخته نازعه بعض الحاسدين من أهل البلد فقال بلاد المحال محال ثم توجه إلى مدينة فرنده ليؤسس فيها مدرسة قرآنية تحولت مع الأيام إلى مسجد عتيق ما زال قائما إلى حد الآن لمدينة فرندة و هو يحمل اسم مسجد سيدي الناصر و لم يدم هذا الاستقرار إلا مدة قصيرة حتى نازعه بعض حساده فترك المنطقة و توجه جنوبا بأسرته إلى أن حط الرحال بوادي القصب الواقع في منطقة (بو بياضة) التي تمثل الفاصل الجغرافي بين التل شمالا و الصحراء جنوبا فيها استوطن متصوفا, عابدا ومدرسا عالما بعد أن قال مقولته الشهيرة:
بوبياضة والعز معاه خير من منداس وقمحه
العيش ياسر والذل معاه طرف عيني ما تلمحه
وقضى في هذه المنطقة وما جاورها ما يناهز ثلث القرن إلى أن وافته المنية بعدما تقدم به السن كثيرا وذلك في حدود عام 850ه الموافق للعام 1446م, ودفن فيها وضريحه مشهور جدا في أسفل وادي القصب, يزوره عشرات الآلاف من الناس سنويا ويتبركون به, وأمامه زاوية تحمل اسمه منذ قرون تداول عليها عدة مقادم .
أما أولاده فقد أنجب سيدي الناصر عددا كبيرا من الأولاد، يصل بعض المؤرخين إلى أنهم 23 ولدا لكن لم يشتهر منهم بترك قبيلة تنسب إليه إلا اثني عشر وهم:
1.حركات المسمى أيضا بركات وتوجد ذريته بالدار البيضاء بالمملكة المغربية.
2.محمد بوجناح الملقب بسيدي الناصر( وتوجد ذريته بغليزان مابين زمورة ووادي الجمعة
و تعرف بالحرايزية كما توجد عائلة أخرى من أحفاده بمدينة جديوية واولادعيش و غليزان)
3.سالم وذريته بمنطقة الجلفة
4.علي و توجد ذريته بمنطقة الكاف (تونس)
5.موسى وتوجد ذريته بمنطقة متيجة (البليدة)
6.صالح و توجد ذريته بمستغانم و تيميمون
7.اعمر وتوجد ذريته بمنطقة (سعيدة)
8.محمد الصغير وتوجد ذريته بمنطقة تيسمسيلت
9.مومن و توجد ذريته بمنطقة البيَض
10.أحمد و توجد ذريته بمنطقة عمي موسى (غليزان)
11.محمدغرور وتوجد ذريته بمنطقة تلمسان
12.عبد الرحمان و توجد ذريته عند ضريح جدهم سيدي الناصر بمنطقة وادي القصب في تلاقي ولايات الاغواط والبيض وتيارت.
والنسب الكامل للشريف سيدي الناصر بن عبد الرحمان كما ذكره مجموعة من الكتاب والمؤرخين هو:
الناصربن عبد الرحمان بن محمد بن علي بن عمر بن أبي القاسم بن عبد الله بن حمزة بن عيسى بن موسى بن منصور بن أحمد بن محمد العسكري بن عيسى الراضي بن موسى المرتضي بن عبد الله بن جعفر الصادق بن محمد الناطق بن علي زين العابدين بن عبد الله بن حمزة بن ادريس الثاني بن ادريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي كرم الله وجهه وبن فاطمة رضي الله عنها بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال سيرة الولي الصالح الشريف سيدي الناصر – كما جاءت بأقلام المؤرخين وألسنة الرواة وقصائد الشعراء – يظهر أن حياته كانت موزعة بين أربعة نشاطات أساسية هي السياسة والتصوف والفلاحة والعلم.
ففي نشاطه السياسي, أصبح أميرا مرتين لمدة تصل إلى العشرين عاما راضيا ما بين حكمه في سجلماسة ثم في مازونة .وفي التصوف, كان من الزهاد و قضى أجزاء متقطعة من حياته عابدا في خلوة حتى وصل إلى درجة "قطب". وفي العلم , زار الكثير من الأقطار و أخذ من ينابيعها العلمية ثم تحول إلى مدرس للقرآن وعلومه لا سيما في نهاية حياته, كما مارس التآليف بحيث يذكر له المؤرخون ثلاثة مؤلفات وهي:
1.كتاب النوائح في طب الجوارح
2.روح البيان الجامع ما بين الحديث و القرآن
3.دُرة الحبيب في السر و لقاء الحبيب
هذا بالإضافة إلى أنه أسس كم من مسجد وزاوية لتدريس القرآن الكريم ما زال منها قائما إلى يوم مسجده بمدينة فرندة (ولاية تيارت ) و زاويته بجانب ضريحه – ببلدية الحاج المشري,دائرة بريدة , ولاية الاغواط (انظرملحق الصور).وفي الفلاحة, اشتهر بما امتلكه من الأراضي الخصبة التي خصصها لزراعة القمح في منطقة منداس (ولاية غليزان), كما اشتهر في موطنه الأخير (عند ضريحه) بما امتلكه من انعام كثيرة جدا إذ وصل به الثراء أن يجود في مرة واحدة على قريبه سيدي حمو بن اعمر باثنتين و ستين (62) بقرة لشراء عين ماء و ما يحيط بها و التي أصبحت فيما بعد موطنا لذريته أولاد سيدي اعمر "العمورات"(انظر ملحق الوثائق).
و إلى جانب هذا اشتهر سيدي الناصر بصفات عديدة منها أنه كان أيضا فصيح اللسان ,دقيق الإجابة, حاضر البديهة , سريع الانفعال ,شديد الغضب, صاحب عزة وأنفة كما أنه كان كذلك جوادا كريما إلى درجة الإسراف ,كثير التلاوة, طويل السجود مداوما على التسبيح , ميالا للعزلة, عميق التأمل...
(من كتاب أولاد سيدي الناصر للدكتور بومدين جلالي الناصري)
الفصل الثاني نسب سيدي محمد بو جناح بن سيدي الناصر وضبط بعض أبنائه الذين تفرعوا منه
ولد سيدي محمد بو جناح بمازونة حوالي بداية القرن الثامن الهجري من أبوين كريمين أبوه سيدي الناصر بن عبد الرحمان وأمه السيدة فاطمة بنت عبد الله "زوجة الأمير اعمر بن عريف سابقا"بمازونة و من المعلوم أن اعمر بن عريف بعد وفاته قد خلف ابنا يدعى الترابي الذي رباه سيدي الناصر بعد زواجه من أمه السيدة فاطمة بنت عبد الله مع ولده سيدي محمد بو جناح تربية حسنة تحتوي على الأخلاق الرفيعة والصفات الحميدة و العلم النافع و هذا تحت إشراف الوالدين مما جعل علاقاتهما طيبة ومستمرة.
وعندما جمع سيدي الناصر بين العبودية و صار بحره يتخوض من كماله و فاضت أمواجه و درك القطبانية .ترك الإمارة للأخوين ابنه سيدي محمد بوجناح وربيبه الترابي بن اعمر بن عريف فكانا نعم الخلف لخير السلف. إلا أن سيدي محمد بوجناح لم يدم إلا مدة قصيرة للإمارة لأنه أراد اتباع سنة أبيه.
فاتجه نواحي مدينة جديوية بقرية أولاد خويدم (دوار القراينية) فاستقر هناك وبدأ يحقق هدفه في نشر الدعوة الإسلامية كمعلم ومرشد ومفتي إلى عبادة الله لمدة طويلة
ولا زالت آثاره تدل على وجوده بهذه المنطقة وهي عين ماء للإستشفاء تسمى باسم أبيه "عين سيدي الناصر" يقابلها معلم يسمى مقام سيدي الناصر تحيط به مقبرة قديمة (وهذا ما توضحه الصورة الآتية في الملاحق)
وقد ترك نسله الطيب في هذه المنطقة من الأحفاد منهم سيدي حمر العين المعروف بعلمه و بركاته وزهده و قبره يزار و يتبرك به المتواجد حوالي 8 كلم جنوب مدينة جديوية وغيره من الأحفاد.
فمن نسل هذا الرجل الصالح عائلة سيدي عالم محمد بطاهربن عبد الرحمان بن سيدي حمر العين بن سيدي عابد بن العربى بن هني بن أحمدبن سيدي محمد بوجناح بن سيدي الناصر و عائلة بن دلة في هذه المنطقة وغيرها ومن المتدارك أن سيدي محمد بالطاهر ولد عام 1865م بنواحي جديوية. فدرس القرآن على يد السيد الحاج بن خليل بخميس مليانة و غيره من المشايخ .ثم سافر إلى مصر و هو لا يتجاوز العشرين من عمره فنبغ منها نبوغا تاما مدة 13 سنة ثم عاد إلى بلده و درَس في عدة زوايا منها زاوية الشيخ بتكوك و زاوية الشيخ سيدي عدة بن غلام الله ثم زاوية سيدي عبد الباقي ثم زاوية سيدي الشيخ بالبيَض ثم درَس بمساجد وهران ووظف بوظيفة حزَاب إلى أن مات رحمه الله سنة 1936م و دفن بجوار جده سيدي حمر العين وقد صلى عليه صلاة الجنازة سيدي محمد بن سيدي عدة بن غلام الله وقبره يزار ويتبرك به رحمه الله وقد ترك أربعة أولاد عبد الرحمان وعبد العزيز وعبد الله وعبد الغنَي وقد خلفه في هذه المهنة الشريفة السيد عبد الرحمان بن السيد محمد بن الطاهر الذي ولد في 1918م بنواحي جديوية وجدَد تأسيس زاوية أبيه قرب أولاد صابر ودرَس فيها الفقه والعلوم اللغوية وغيرهما حتى اندلعت الثورة التحريرية فكان سبَاقا للجهاد مع إخوانه المجاهدين نزولا عند قوله تعالى "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله".
وفي 27 فيفري 1957م استشهد برتبة ضابط في بلدية الملعب ولاية تيارت حاليا رحمه الله ورحم الشهداء الأبرار. ومن نسله الطيب في هذه المنطقة حسب رواية الشيخ الحاج الميهوب الموظف بمسجد عمرو بن العاص بلدية أولاد يعيش و التي رواها لنا هم الأحفاد الثلاثة:
سيدي أحمد الكبير وسيدي أحمد الصغيروسيدي الميهوب أبناء سيدي سعيد بن أحمد بن علي بن محمد بن سيدي أحمد والذي يوجد ضريحه بنواحي عمي موسى بن سيدي محمد بوجناح بن سيدي الناصر بن عبد الرحمان ...الخ
ثم نرجع ونقول أن سيدي محمد بوجناح بن سيدي الناصر بعدما عمَر مدة طويلة في هذه المنطقة ترك نسله هناك و انتقل إلى ناحية سويد (زمورة) ليواصل مشواره في الدعوة الإسلامية هنا وهناك وهذا ما أشار إليه كتاب احمد العشماوي في الصفحة (274) لمؤلفه بلهاشمي بكار وكذا كتاب احمد العشماوي لمؤلفه طالب عبد الرحمان صفحة (31) وكذا كتاب ابن فرحون و كذا كتاب الناصر مجاهد سبول العبور في جبل عمور صفحة (45) وكذا كتاب السيد الناصر بن عبد الرحمان لمؤلفه الناصر مجاهد صفحة (06) وكذا كتاب أعلام ومآثر غليزان لمؤلفه الشيخ مصطفى السنوسي صفحة (64) الطبعة الثانية وكذا مجلة الانتصار لجمعية زاوية سيدي الناصر بوحركات ... الخ , فعمَر في هذه المنطقة مدة طويلة في بث العلوم و الإفتاء والعبودية إلى أن توفاه الله في بداية القرن 9 الهجري و دفن في مقبرة الحجاج قرب وادي الجمعة حوالي 3 كلم وقبره يزار ويتبرك به وقد يعرف باسم أبيه "سيدي الناصر"
وهذا مايؤكده قول الشاعر:
نذكر بعض انجوم منه لنا جات ... تنشر في العلوم دورهم يعجب
محمد بو جناح الناصر بوحركات ... دفين الحجاج اسمها يعجب
قمح ثم زاد شعشع في النبات ... واتفرع بسبول ثامر وامزغب
الحرايزية ذوك صلب بالنسبات ... جدهم عواد رجل متأدب
زايد عم كان شان ما لولات ... قايد زمورة بلاد اشرف و انسب