ما أن التقى المولى ابو الحسن الشاذلي بشيخه القطب مولاي عبد السلام بن مشيش حتى تشبث به ليمتلىء بهمته ويتشبع بارشاده وقد اقبل عليه الشيخ من جهته بوصايا نفيسة مكنته من بناء مذهب متكامل يسميه بعضهم= الجمال الروحي = ففي اقدم مؤلف يتحدث لنا عن ابن مشيش وعن تلميذه وهو = سبك المقال = للتونسي ابن الطواح فان النصيحة الوحيدة التي تلقاها المريد من شيخه وهو ينفصل عنه هي نصيحة مبدئية يبين فيها ابن مشيش ان مذهبه قائم على التزام تام بالسنة . صحيح انه ينصح مريده بالمراعاة التامة لشعائر الدين ، ولكنه في نفس الوقت بالابتعاد عن الضالين .
(لما عزم الشاذلي على التوجه من المغرب الذي طلع به سنا بدره،أوصاه شيخه وقال له :[mark=#66FFFF]يا علي ! الله الله ! والناس الناس ! نزه لسانك عن ذكرهم ، وقلبك عن التماثيل في قلبهم ، وعليك بحفظ الجوارح ، وأداء الفوارض ، وقد تمت ولاية الله عليك ، ولا تذكرهم الا بواجب حق الله عليك ، وقل : اللهم اغنني بخيرك عن خيرهم ، وقني شرهم ، وتولني بالخصوصية بينهم ، * انك على كل شيء قدير * + آل عمران ،26 ).[/mark]
ومن جواهر ارشاد ابن مشيش للشاذلي تلك النصيحة التي أمده بها جوابا عن طلب المريد للنصيحة من الشيخ : [mark=#66FFFF]لا تتهم الله في شيء ، وعليك بحسن الظن به في كل شيء ، و لا تؤثر نفسك على الله في شيء .[/mark]
ونعتبر ببعض الاقوال المأخوذة عن الشاذلي : قال لي شيخي رضي الله عنه : [mark=#66FFFF]يا ابا الحسن اهرب من خير الناس أكثر من أن تهرب من شرهم ، فان خيرهم يصيبك في قلبك وشرهم يصيبك في بدنك ، ولان تصاب في بدنك خير من تصاب في قلبك ، ولعدو تصل به الى ربك خير من حبيب يقطعك عن ربك .[/mark]
ان دروس ابن مشيش لتلميذه هي بمثابة دليل في السيكولوجية الروحية والاجتماعية . الشيخ يحذر تلميذه على الخصوص من اخطار مجتمع اختلطت فيه القيم :[mark=#66FFFF]لا تصحب من يؤثر نفسه عليك فانه لئيم ، و لا من يؤثرك على نفسه فانه قلما يدوم ، واصحب من اذا ذكر ذكر الله ، فالله يغني به اذا شهد وينوب عنه اذا فقد ، ذكره نور القلوب ، ومشاهدته مفاتيح الغيوب .[/mark]
ثم يقول : أوصاني استاذي فقال :[mark=#66FFFF]لا تنقل قدميك الا الى حيث ترجو ثواب الله ، و لا تجلس الا حيث تأمن غالبا من معصية الله ،و لا تصحب الا من تستعين به على طاعة الله ، و لا تصطف لنفسك الا من تزداد به يقينا ، وقليل ما هم .[/mark]
وغير ذلك من الوصايا كثير
وهذا غيض من فيض من اسئلة المريد واجوبة الشيخ :
سأله الشيخ يوما : يا ابا الحسن ! بم تلق الله ؟ فأجاب : بفقري . عندئذ قال [mark=#66FFFF]الشيخ : والله لئن لقيت الله بفقرك لتلقينه بالصنم الاعظم ، وانما يلقى الله بالله لا بشيء سواه.[/mark]
وذكر ابو الحسن انه رأى شيخه تحت العرش ، وفي غده قال له : سيدي ! رأيتك البارحة تحت العرش . فقال له الشيخ : [mark=#66FFFF]ما رأيت الا نفسك يا علي ، من كان مع الله بلا أين كيف يرى ولكن اذا رأيت مقامي ترني .[/mark]
ٍسأل أبو الحسن يوما شيخه عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : يسروا ولا تعسروا ، بشروا ولا تنفروا . فأجابه الشيخ : [mark=#66FFFF]دلوهم على الله و لا تدلوهم على غيره ، فان من دلك على الدنيا فقد غشك ، ومن دلك على العمل فقد أتعبك ، ومن دلك على الله فقد نصحك .[/mark]
ويمكن بالتالي عرض المبادىء الخمسة التي قامت عليها الشاذلية :
[mark=#66FFFF]- خشية الله في السر والعلانية
- اتباع السنة قولا وفعلا
- النفور من التعلق بأمور الدنيا
- الرضا بقدر الله في الامور كلها ، كبيرها وصغيرها
- التوجه الى الله في المنشط و المكره[/mark]
وهذا المذهب سني صريح في عمقه اذا قورن ببعض طرائق التصوف الاخرى التي قيل فيها ما قيل اعتمادا على ظواهر أقوال أصحابها أو أفعالهم ، ثم انه لا يشترط الخلوة ولا المرابطة و لا يشجع على الممارسات الصاخبة و لا يقبل مظاهر الشعوذة .
بتصرف عن كتاب + ابن مشيش شيخ الشاذلي + لزكية زوانات ترجمة احمد التوفيق