لاي القطب عبد السلام بن مشيش:
هو الجد الأكبر لآل العلمي، ضريحه في أعلى قمة في جبل العلم في المغرب الشريف بالقرب من تطوان، إنه الحفيد الحادي عشر لادريس الأكبر فاتح المغرب كما انه الحفيد الخامس عشر لسيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم واسمه بالكامل: عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن حرمه بن عيسى ابن سلام بن مزوار بن علي حيدره بن محمد بن ادريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله المهدي بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين.
تلميذه الصوفي الأكبر أبو الحسن الشاذلي
وكلمة مشيش هي كلمة مشتقة من مشَّ بمعنى مسح اليدين فيكون مشيش بهذا المعنى هو الذي يمسح بالبركة والفأل الحسن وذهب ابن عجيبه إلى أن معنى كلمة مشيش: الخادم الخفيف الحاذق اللبيب ومعنى كلمة مزوار بلغة البربر بكر أبيه، أما حيدره فمعناها اسم الأسد.
يذكر اللهيوي في كتابه (حصن السلام) بأن عبد السلام بن مشيش لما بلغ سن التعليم ادخله والده سيدنا مشيش مكتب القرآن الكريم على عادة سكان أهل القرى، ولم تمر عليه اثنتا عشرة سنة حتى حفظ القرآن الكريم بالروايات السبع.
من أهم كرامات مولاي عبد السلام بن مشيش تلك الكرامة المتعلقة بشيخه المدني الذي يقدم إلينا على أنه جاء من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم على بعد آلاف الأميال لكي يربيه ويوصله إلى مقامات الرجال، أما الكرامة الثانية فهي كرامة التلميذ الذي ذهب يبحث عن شيخ في الشرق، في حين أن هذا الشيخ كان موجوداً في بلده، بل وفي قبيلته، أما الكرامة الأخيرة في حياة هذا القطب الأكبر فهي الكرامة المتصلة بموته إذ لم يكن موتاً طبيعياً بل موت استشهاد.
أولاده هم: محمد وأحمد وعلال وعبد الصمد وبنت واحدة هي فاطمة.
ومن أبناء ابن مشيش هؤلاء انحدرت فروع مجيدة كانت لها المكانة بالعلم واتباع الدين.
ولعبد السلام أخوين هما يملاح وموسى.
أما بالنسبة لتاريخ وفاته فإن مختلف المصادر قد حددت موت مولاي عبد السلام بن مشيش في وقت ما بين عام 622 وعام 626 ولقد توفي رحمه الله غيله واسم الشخص الذي اغتاله ابن ابي الطواجن الكتامي.
إن أهم تعاليم مولاي عبد السلام بن مشيش وردت في تصليته وهي الأثر الوحيد المكتوب الذي تركه لنا رحمه الله وفيما يلي نص هذه التصلية:
اللهم صلِّ على من منه انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق، وتنزلت علوم آدم (عليه السلام) فأعجز الخلائق، وله تضاءلت الفهوم فلم يدركه منا سابق ولا لاحق، فرياض الملكوت بزهر جماله مونقه، وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة، ولا شيء إلا وهو به منوط، إذ لولا الواسطة لذهب، كما قيل، الموسوط، صلاة تليق بك منك إليه كما هو أهله، اللهم إنه سرك الجامع الدال عليك، وحجابك الأعظم القائم بك بين يديك، اللهم الحقني بنسبه وحققني بحسبه، وعرفني اياه معرفة أسلم بها من موارد الجهل، وأكرع بها من موارد الفضل، واحملني بها على سبيله إلى حضرتك حملاً محفوفاً بنصرتك، واقذف بي على الباطل فأدمغه، وزُّج بي في بحار الأحدية وانشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا اسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها.
واجعل الحجاب الأعظم حياة روحي، وروحه سر حقيقتي، وحقيقته جامع عوالمي، بتحقيق الحق الأول يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن اسمع ندائي بما سمعت به نداء عبدك سيدنا زكريا عليه السلام، وانصرني بك لك، وأيدني بك لك، واجمع بيني وبينك، وحل بيني وبين غيرك الله، الله، الله "ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد".
"ربنا آتنا من لدنك رحمه وهيأ لنا من أمرنا رشدا" إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
أما تعاليمه الأخرى فإنه يمكن أخذها من تلميذه الشيخ الشاذلي (ابو الحسن).
هذا ولقد حضر ابناء العم السادة/ سفيان العلمي وحرمه السيدة ريما يعقوب التاجي الفاروقي، وعبد الرؤوف العلمي، وزهدي مصطفى العلمي ود. مهدي فكري العلمي المنتدى العالمي للمشيشية الشاذلية الذي عقد في طنجه وتطوان وجبل العلم في المغرب في صيف عام 2008 من 25/7 الى 28/7/2008 تحت شعار من جبل العلم إلى العالم وقاموا بزيارة ضريح جدنا الأكبر عبد السلام بن مشيش رحمه الله وكان هذا الأمر بدعوة كريمة من سيادة الشريف عبد الهادي بركه نقيب الشرفاء العلميين في المغرب ومن سيادة السفير محمد ماء العينين سفير المملكة المغربية الشريفة لدى المملكة الأردنية الهاشمية سابقاً.
الولي الصالح محمد بن عمر العلمي
وضريحه في زاوية تقع في أعلى جبل الطور في القدس يقال لها الزاوية الأسعدية نسبة لمنشئها أسعد أفندي التبريزي، مفتي الدولة العثمانية. وفي الزاوية أيضاً جامع معمور. يقول د. كامل العسلي في كتابه أجدادنا في ثرى بيت المقدس: (ولد الشيخ العلمي سنة 964 وتوفي سنة 1038 وكان من كبار المتصوفة والصالحين. كان في مبدأ أمره يسكن دمشق ثم حج وجاور وأخيراً عاد الى بلده القدس. وينزل الى قبره بدرج تحت الارض. وقد دفنت الى جواره زوجته. ويقوم عل أمر الزاوية والمسجد جماعة من آل العلمي.)زار الزاوية سنة 1101 الشيخ عبد الغني النابلسي وقال: "في الحضرة الانسيه": (ثم خرجنا فذهبنا الى زيارة الشيخ الكامل والعارف العالم العامل الشيخ محمد العلمي قدّس الله سره وأعلى في درجات المقربين مقره حتى دخلنا الى جامعه المعمور وتربته المملوءه من النور ورأينا تلك المنارة العالية وهي كالعلم فوق جبل الطور .... ونزلنا إلى قبره بدرج نحو العشر درجات وقرأنا الفاتحة ودعونا الله تعالى) ويود الباحث أن يثبت هنا بأنه قد قام بزيارة هذا الضريح.
وفي عام 1922 نزل الزاوية الأسعدية الشيخ مصطفى البكري الصديقي – ووصفها ووصف الجبل فقال في "الخمرة المحسية" : (فإنه جبل جامع لما لا يحصى من أنبياء الشكور. وكنا نبيت في الأسعدية التي بناها جناب المرحوم أسعد أفندي مفتي ديار الروم بأسم الشيخ محمد العلمي المدفون فيها). هذا وفي أسفل الزاوية الأسعدية قبر آخر ينسب إلى احدى شهيرات التصوف وهي رابعة العدوية رحمها الله.
وللشيخ العلمي عدة مؤلفات بالشعر والنثر عرف منها ديوانه الشهير (فيض فتح الرحمن في وصايا وحكم الأبناء والأخوان)، ديوان (البتر والمسبوك في عهدة الملوك) ورسالة (معالم التصديق في معرفة دخول الطريق) وأشهرها في الشعر تائيه مطلعها:
بسم الإله ابتدائي في مهماتي فذاك حصني في كل الملماتِ
عبد القادر بن محمد العلمي:
وهو عبد القادر بن محمد بن عمر العلمي المقدسي وهو ابن العارف بالله تعالى الشيخ محمد العلمي. كان عبد القادر من الصالحين الاجلاء، وقد عرف عنه لطف الطباع والتواضع والمعرفة. كان مشهوراً بالصلاح وإليه كتب الامام بدر الدين الرملي في صدر كتاب يقول:
لحضرة القطب بن القطب سيدنا مختارنا العلمي دامت فضائله
مني سلاماً كمد القطر أخضره وذاك نذر إذا انضت شمائله
توفي ودفن نهار الاثنين ثاني جمادى الأولى 1079 بمدينة اللد
ولقد كان رحمه الله قاضي القضاة في نابلس و مدينة اللد
عبد الصمد العلمي :
هو عبد الصمد بن الشيخ محمد العلمي دفين الطور بالقدس والشيخ شمس الدين محمد العلمي القطب ولزوجته ضريح في طور زيتا بالقدس وهو مكان مأنوس يقصد للزيارة والتبرك وبقربه مغارة بها قبر رابعة البصرية وبالجبل أيضا جماعة من الشهداء الأبرار تحت قبة عالية ويدعى هذا الجبل الأن جبل الزيتون والمغفور له بإذن الله تعالى جدنا عبد الصمد بن الشيخ محمد العلمي هو شقيق جدنا المغفور له بإذن الله عبد القادر بن محمد العلمي الشيخ عبد القادر وهو من الصلحاء توفي في اللد سنة 1079هــ علما بأن آل العلمي من غزة والقدس هم أبناء وأحفاد جدنا عبد الصمد رحمه الله وآل العلمي من اللد هم أبناء وأحفاد جدنا عبد القادر رحمه الله وكلهم أبناء عمومه.
وهو ابن الشيخ عبد القادر بن محمد العلمي كان مع والده بدمشق لما كان قاطنا بها و استخلفه ابوه و كان يجلس في حلقة الذكر وحده او مع ابيه وهو غض الحداثة و عيه وقار الاشياخ . حج مع والده سنة 1001ه و رحل مع والده الى بيت المقدس و توطن بها .
توفي في حياة والده سنة 1032ه رحمة الله
حسين العلمي : ولي من أولياء الله نزيل اللد .
والشيخ حسين العلمي مدفون هو وشقيقه الشيخ أبو السعود وهما عالمان جليلان، وكان ضريحاهما مزاراً لآل العلمي المقيمين في اللد وفي القدس الشريف
الأمير شرف الدين موسى العلمي :
يقول د. كامل العسلي في كتابه (اجدادنا في ثرى بيت القدس) :-
<الأمير شرف الدين موسى بن علم الدين سليمان المشهور بابن العلم نسبة لوالده. وهو المنسوب اليه حارة العلم. وله ذرية معروفون. ويعرف والده بابن المهذب. وكانت وفاة العلم (أي شرف الدين) في حدود التسعين والسبعمائة. وكان شرف الدين موسى أحد رجال الخليفة الشامية. وهو مقيم بالقدس الشريف توفي سنة اثنتين وثمانمائة ودفن بالحارة المذكورة في تربة هناك معروفة به.>
ويلاحظ من قول مجير الدين الحنبلي أن شرف الدين دفن في حارة العلم. وكانت معروفة في القرن التاسع (الخامس عشر) ولكنها أصبحت فيما بعد جزءاً من حارة الشرف. ولم يعد الاسم نفسه – العلم – يستعمل. ويظهر من قول مجير الدين أن علم الدين الأب سكن في حارة العلم التي حملت اسمه بينما سكن إبنه شرف الدين في حارة الشرف، ولكنه دفن في حارة العلم. ورد اسم شرف الدين موسى في الأنس الجليل مع العلماء والفقهاء ورجال الدين والتصوف الشافعيين.
وتدل كلمة "عين العارفين" الواردة في الأبيات المكتوبة على واجهة تربته أنه كان صوفياً، وتصفه الأبيات أيضاً بأنه كان من الصالحين. وهذه الابيات هي :
هذه الحارة حازت شرفاً وإبتهاجاً بجوار الصالحين
سيما هذا الولي الشرفي علميُ الأصل عين العارفين
رحمة الله عليه دائماً وعلى أسلافه في كل حين
كما أن كاتب الابيات يصفه بأنه "علمي الأصل" وهذا الوصف يحمل معنى أكثر من "إبن العلم" وهي الكنيه التي كان شرف الدين يعرف بها.
أيعني هذا – والكلام لا يزال للمرحوم الدكتور كامل العسلي – أن الابن – والأب بالطبع – كانا من آل العلمي، العائلة المعروفة بالقدس، وهي من العائلات الشريفة التي جاءت إلى القدس من المغرب ؟
إن البحث الأثري الحديث توصل الى معلومات جديدة تثبت ذلك. فقد اكتشف مؤخراً على الضريح لوحة رخامية مكسرة الأطراف ارتفاعها 45 سم وعرضها 75سم يرجع تاريخها الى سنة802هـ هذا نصه..
· (بسم الله الرحمن الرحيم) كل من عليها فان
· ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام
· هذا قبر العبد الفقير الى الله تعالى
· موسى بن سليمان بن العلمي غفر الله له.
إن (فان برشم) الذي اكتشف الأبيات الشعرية (من العصر العثماني) التي سبق ذكرها لم يكتشف هذه اللوحة التي هي شاهد قبر شرف الدين موسى. فإن الضريح الصغير الذي ثبت عليه الشاهد مخبأ خلف باب حديدي مغلق قريب من الموضع الذي عثر فيه (فان برشم) على النقش الذي كتبت عليه ابيات الشعر. وكان من الصعب قراءة شاهد القبر مباشرة لأنه كان مختفياً وراء جدار يبعد عنه 15سم فقط. وعلى الجانب الآخر من الضريح كتبت آية الكرسي (الآية 256 من سورة البقرة).
أما قول صاحب الأنس الجليل عن شرف الدين موسى بأنه أحد رجال الخليفة الشامية. وكذلك وصفه بالأمير. فيعني أن شرف الدين كان أميراً من امراء حرس الخليفة في الشام أي واحداً من كبار الضباط.
وكان أخوه الأمير زين الدين عمر بن علم قد تولى نيابة السلطنة في القدس ونظر الحرمين الشريفين في القدس والخليل وتوفي قتيلاً سنة 806 (الأنس الجليل 2/274).
وكان إبنه شهاب الدين أحمد أميراً حاجباً في القدس. كان يحكم بين الناس وترفع اليه الأمور المتعلقة بأرباب الجرائم وغيرها مما يرفع الى حكام الشرطة. وكان متولياً في سنة خمس وثمانمائة (الأنس الجليل 2/281) .
أبو الوفا بن عبد الصمد بن محمد العلمي الشافعي:
صوفي من آل العلمي، بيت الولاية والصلاح لهم الرتب العلية في بيت المقدس، وخرج منهم علماء وصلحاء كثيرون ولد سنة 1052 وجده هو الاستاذ القطب محمد العلمي. لبس خرقة الصوفية عن أخيه الشيخ عمر العلمي. كان شيخاً معظماً وشيخ الشيوخ في القدس توفي سنة 1109 .
عبد الله بن عبد الرحمن العلمي:
صوفي سلك طريقة جده القطب محمد العلمي، ولازم الاوراد والصلوات توفي سنة 1181 عن ثمانين سنة
عبد الرحمن العلمي :
صوفي . كان من أولياء الله. انزوى عن الناس واستمر كذلك 18 سنة. كان أهل القدس بما فيهم الأمراء والقضاه يطلبون زيارته في داره. توفي في اواسط القرن الثاني عشر.
عثمان بن علي الصالحي العلمي الحنفي القدسي:
خطيب المسجد الاقصى وإمام الصخرة المشرفة. درس على أبيه وعلى الشيخ علي اللطفي من علماء بيت المقدس. كان المسجد الأقصى يمتلىء لسماع خطبته، سافر الى مصر مراراً، توفي سنة 1168
مصطفى بن محمد بن أحمد المعروف بالعلمي والصلاحي:
فقيه درس على والده وشيوخ القدس، ثم في الازهر. تولى الخطابة في المسجد الأقصى، والامامه بالصخرة المشرفة، توفي في القدس سنة 1171 ودفن بماملا عن يمين البركة .
وفاء أفندي العلمي:
يقول عادل مناع في كتابه (أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني 1800 – 1918) بأن وفاء أفندي العلمي الذي توفي سنة 1834م قد كان متولي الخانقاه الصلاحية، وشيخ الصوفية، ومتولي أوقافهم في القدس. وقد تولى أيضاً نقابة الاشراف فترات قصيرة عدة مرات، كما عين لوظيفة ناظر الحرمين الشريفين منذ سنة 1240هـ/ 1824- 1825م على الاقل.
ورث وفاء بن نجم الدين العلمي مشيخة السادة الصوفية في القدس عن والده وأجداده: وارتبطت بتلك الوظيفة التولية على وقف الخانقاه الصلاحية. وبالاضافة الى وظيفتة تلك عين عدة مرات وفترات قصيرة نقيباً لأشراف القدس.
ويستمر الاستاذ عادل منّاع في التحدث عن شخصية وفاء أفندي العلمي ويقول: ثم منذ سنة 1240هـ/1824-1825م على الاقل، عين وفاء أفندي متولياً على وقف الحرمين الشريفين. وقد كان لهذه الوظيفة الأخيرة أهمية كبيرة، لما لمتولي تلك الاوقاف من أهمية اقتصادية ونفوذ واسع. وشغل وظائفه تلك حتى وفاته في اواسط ذي الحجة 1249هـ/ اواخر نيسان ابريل 1834م. وانتقلت بعده الى ابنه عبد الله وابن عمه فيض الله العلمي. ونافس عبد الله نجل وفاء غيره على نقابة الاشراف، فعين لتلك الوظيفة عدة مرات في الاربعينات والخمسينات .
مصطفى أفندي العلمي:
يقول الاستاذ عادل منّاع في كتابه المتقدم ذكره بأن مصطفى أفندي العلمي الذي توفي سنة 1308هـ 1890-1891م هو حفيد وفاء أفندي العلمي، نقيب السادة الاشراف في القدس، توطن غزة بعد أن جاءها قاضياً في أواسط القرن التاسع عشر، ثم تولى رئاسة مجلس البلدية فيها، وأنشأ هناك فرعاً لعائلة العلمي المنتشرة في مدن فلسطين وسوريا.
وهو مصطفى بن محمد بن وفاء العلمي، نقيب السادة الاشراف فترات قصيره في أوائل القرن التاسع عشر. وقد تولى أحياناً في الفترة نفسها نظارة أوقاف الحرمين الشريفين، القدسي والخليلي. وكان قاضي القدس يعين نواباً له في مدن فلسطين فأرسل مصطفى أفندي قاضياً في مدينة غزة نحو سنة 1265هـ/1848-1849م وبقي في وظيفته تلك مدة طويله ورفع منها سنة 1280هـ:1863-1864م ثم تولى بعد ذلك رئاسة مجلس البلدية في غزة وبقي في منصبه هذا حتى توفي في غزة سنة 1308هـ:1890-1891م وقد ناهز الثمانين من العمر، ودفن في ساحة جامع الشيخ علي بن مروان. وقد خلّف عدة اولاد تولوا وظائف القضاء والعلم والادارة. وتوفي منهم في حياة والدهم محمد أفندي، الذي تولى القضاء مدة قصيرة، والشيخ عبد الوهاب الذي تزوج بنت السيد حسين عرفات القدوة، نقيب الاشراف في غزة. وامتد العمر ببعضهم بعد وفاة والدهم، مثل الشيخ حسين وفاء الذي اشتغل في التدريس في الجامع الكبير، وأحمد رئيس مجلس البلدية، وخليل وأنيس وغيرهم. وعموماً فقد كثر آل العلمي في غزة وأصبحوا فرعاً مهماً عرفوا باسم جدهم وفاء العلمي. وظهر منهم في اواخر العهد العثماني وما بعده علماء وأعيان كما هي حال العائلة في القدس وكان للعائلة فرع في مدينة اللد اشتهر بالسعودي العلمي على اسم جدهم الشيخ سعودي الذي عاش حتى اوائل القرن التاسع عشر .
وهنا يود الباحث (مهدي فكري العلمي) أن يؤكد بأنه قد اطلع على حجة نسب صادرة عن محكمة القدس الشرعية وبإمضاء المغفور له الشيخ سعد الدين العلمي تبين أسماء كافة أبناء آل العلمي في غزة رجالاً ونساءً وأولاداً (بنيناً وبنات) بالاسم. وقام الباحث بتصوير هذه الحجة على عدة نسخ وقدمها لعدد من أبناء عمومته من آل العلمي في غزة و مقدمتها منشورة في هذا الموقع
وبالنسبة لآل العلمي فرع اللد الذي يقول الاستاذ عادل منّاع بأنه اشتهر بالسعودي العلمي .. فإن الباحث (مهدي فكري العلمي) يود هنا أن يدلي بشهادته حول هذا الموضوع ويقول: بأن الشيخ سعودي العلمي هو أحد أجداده. وأن أول شخص من آل العلمي نزل اللد هو الشيخ قاضي القضاه عبد القادر بن القطب الرباني والفرد الصمداني العارف بالله سيدنا الشيخ محمد شمس الدين دفين طور زيتا (في الزاوية الاسعدية) ومما يؤكد هذا الأمر ما تفضل السيد فكري بدوي توفيق عبد القادر العلمي والد الباحث بروايته للباحث حيث قال: بأن جده المرحوم توفيق عبد القادر شمس الدين الشيخ سعودي أبو السعود عبد القادر محمد شمس الدين العلمي كان يقول له ولأبناء عمومته عندما كانو يقومون بزيارة أضرحة الموتى في العيدين (الفطر والاضحى) في اللد :-
(أنظروا أيها الاولاد وأقرأوا الفاتحة هذا هو ضريح جدكم عبد القادر الثاني والدي (والد توفيق) وذاك ضريح جدكم الأكبر عبد القادر الأول ابن الشيخ محمد شمس الدين العلمي وهو أول من نزل اللد من آل العلمي).
ومن المتعارف عليه في أوساط اللديين بأن آل العلمي في اللد كان يطلق عليهم: آل الأفندي، وآل الشيخ. وبالنسبة للشيخ سعودي العلمي فلقد افاد السيد فكري بدوي العلمي لولده مهدي (الباحث) بأن الشيخ سعودي العلمي قد استشهد في مدينة يافا مجاهداً في سبيل الله وهو يدافع عن مدينة يافا العربية أمام الحملة النابليونية على فلسطين. كما افاد السيد فكري بدوي العلمي بأن الشيخ سعودي العلمي قد دفن في بيارة الطهاوي في يافا وهذه البيارة هي من اوقاف آل العلمي في يافا.
الشيخ حسين العلمي :
يقول الاستاذ عادل منّاع في كتابه المتقدم ذكره: أن الشيخ حسين العلمي (1265-1361هـ/1849-1942م) هو عالم ازهري، وهو المدرس في الجامع الكبير في غزة، وعضو مجلس الادارة ومجالس البداية والمعارف فيها. عمل كاتباً في المحكمة الشرعية في غزة ثم شغل وظيفة الاستنطاق في العهد العثماني. وفي اواخر ايامه اختير رئيساً لجمعية الهداية الاسلامية، التي انشئت في غزة أيام الانتداب البريطاني.
ولد الشيخ حسين العلمي (والكلام لا يزال للأستاذ عادل منّاع) وتربى في حجر والده مصطفى وفاء العلمي. ودرس في غزة على الشيخ احمد بسيسو، والشيخ عبد اللطيف الخزندار، والشيخ حامد السقا. ثم في اواخر سنة 1288هـ/1871م رحل الى الازهر لأكمال تحصيله، وأخذ فيه عن عدد من العلماء منهم الشيخ ابراهيم السقا، والشيخ محمد الأنبابي، والشيخ حسين الطرابلسي، وغيرهم. وأجازه مشايخه بالافتاء والتدريس. ثم عاد الى غزة سنة 1295هـ/1878م فتصدر للتدريس الخاص والعام. ودرًس في الجامع الكبير مدة ثم عمل كاتباً في المحكمة الشرعية، وعُين مرات عضواً في مجالس الادارة والبداية والمعارف. وقام بوظيفة الاستنطاق، وكان في أثناء فراغه من الوظائف يشتغل في العلم، فائدة وافاده. وكان على معرفة بكتب الادب ودواوين الشعر، ويحفظ كثيراً منها.
وقد وجهت عليه رتبة رؤوس مدرسين، وانتخب في سنة 1350هـ/1931م رئيساً لجميعة الهداية الاسلامية التي انشئت في غزة، وأناب الشيخ عثمان الطباع في تلك الوظيفة لتقدمه هو في السن. ثم اعتراه لكبر سنه ضعف في الجسم والبصر، فلزم بيته بضعة اعوام وتوفي يوم الجمعة 25صفر/1361هـ/14 اذار (مارس) 1942م وشيعت جنازته في اليوم التالي، ودفن في ساحة جامع ابن مروان في غزة .
الشيخ عبد الله أفندي العلمي:
يقول الاستاذ عادل منّاع في كتابه المتقدم ذكره: ولد الشيخ عبد الله أفندي العلمي سنة 1279هـ وتوفي سنة 1355هـ (1862هـ - 1936م). وهو عالم ازهري، ومفسر، وفرضي وفقيه، ومشارك في بعض العلوم الاخرى. درّس في جامع غزة الكبير، ثم عين مفتشاً للمعارف في القدس، وانتخب رئيساً لبلدية غزة عشية الحرب العالمية الاولى. انتقل وعائلته الى الشام سنة 1237هـ/1918م فأصبح عضواً في المؤتمر السوري الاول، ودرّس في الجامع الأموي.
وهو (والكلام لا يزال للأستاذ عادل منّاع) عبد الله بن محمد بن صلاح العلمي الشافعي. ولد في غزة ودرس فيها على الشيخ عبد اللطيف الخزندار والشيخ حسين وفاء العلمي، والشيخ سليم شعشاعة. رحل الى الازهر سنة 1297هـ/1880م ودرس على مشايخه، منهم الانبابي والبحيري، وغيرهما.رجع الى غزة سنة 1302هـ/1884-1885م ودرّس في الجامع الكبير مدة لكنه تخاصم مع علماء المدينة فتركها وعاد الى الازهر وأمضى فيه عاماً آخر. ثم عاد الى غزة ولازم قراءة الدروس العامة في غرفته في الجامع الكبير، وبقي على ذلك عدة أعوام. ثم انتقل بتلاميذه إلى جامع السيد هاشم، ودرّس هناك مدة عامين. ثم ترك مهنة التدريس وفتح حانوتاً، وعمل في التجارة ولم تعجبه التجارة، فرحل الى مصر، وتوجه بعدها الى بيروت التي عُيّن فيها مدرساً للعلوم الحديثة في مكتب الصنائع. واشتهر فضله هناك، وصنف كتابه "الحرية" سنة 1327هـ 1909م وقال فيه: (ان الحرية ومجلس المبعوثان وردا في اثنتي عشرة آية في القرآن). كما نشر مقالات في مجلة "روضة المعارف" وغيرها. ولكن بعض العلماء لم تعجبهم آراءه فرد عليها، فسئم عبد الله بيروت، وحضر الى غزة، وعُيّن في وظيفة مأمور اجراء.
وبقي في تلك الوظيفة مدة أشهر فقط، ثم رفع منها وعُيّن مفتشاً على مدارس قرى غزة. ثم في سنة 1333هـ/1915م اضيفت له وظيفة تحصيل أموال المعارف. وعُيّن قبل ذلك رئيساً لمجلس بلدية غزة بالوكالة، لكنه لم يكمل عامه الاول وعزل منها.
وفي أيام الحرب العالمية الاولى هاجر من غزة الى نابلس، ومنها الى دمشق سنة 1918م، حيث توطن فيها، وعين واعظاً في الجامع الاموي ومعلماً للبنات. وفي دمشق اختير عضواً في المؤتمر السوري الاول، وظل يقرأ ويدرس مدة طويله. واعترته في دمشق أمراض لزم بسببها بيته وهو مع ذلك مثابر على المطالعه والكتابه والتأليف. وتوفي يوم الاحد الموافق 8 جمادي الاولى 1355هـ /26 تموز(يوليو) 1936 .
ومن مصنفاته:
1- "تفسير سورة يوسف".
2- "الإلماع في احكام الرضاع، والبصيرة في احكام الجيرة" وكلاهما في فروع الفقه الشافعي.
3- "شرح متن الفرائض" المشهور ب "الرحبيه".
4- "الابتهاج في قصتي الاسراء والمعراج".
5- "المبعوثان في تعاليم القرآن".
6- "أعظم تذكار للعثمانيين الأحرار أو الحرية والمساواه".
7- "الحديقة في مولد سيد الخليقة" وغيرها من المصنفات والرسائل.
فيضي أفندي العلمي :
ولد فيضي أفندي العلمي سنة 1865م وتوفي سنة 1924م وهو (كما يقول الاستاذ عادل مناع في كتابه أعلام فلسطين في اواخر العهد العثماني 1800-1918): رئيس بلدية القدس، ثم عضو مجلس المبعوثان العثماني في دورته الثالثه سنة 1914م تولى ادارة شؤون عائلته واملاكها وعقاراتها وهو صغير السن ثم دخل سلك الوظائف الادارية. وفي سنة 1906م انتخب رئيساً للبلدية وبقي في منصبه هذا ثلاثة أعوام اختير بعدها عضواً في مجلس ادارة المتصرفية.
وهو فيضي بن موسى بن فيض الله العلمي. كان والده موسى افندي، أحد أعيان القدس البارزين في النصف الثاني من القرن 19. وقد عين عضواً في مجلس ادارة متصرفية القدس ثم رئيساً لمجلس بلديتها في اواخر السبعينات وتوفي موسى افندي سنة 1881م وكان فيضي، نجله الوحيد، كما يبدو، في السادسة من عمره حينذاك، فتولى فيضي القيام بمسؤوليات رب العائلة. ثم عين في اول امره موظفاً في دائرة تحصيل الاموال في القدس. ثم انتقل الى سلك القضاء، وعمل بعدها في مختلف الوظائف الادارية حتى عُيّن مدير ناحية بيت لحم سنة 1902.
وفي سنة 1906م اختير رئيساً لمجلس بلدية القدس. وشغل هذا المنصب مدة ثلاثة أعوام، عُيّن بعدها عضواً في مجلس ادارة المتصرفية. وفي سنة 1914 انتخب مع راغب النشاشيبي، وسعد بك الحسيني ليمثلوا متصرفية القدس في مجلس المبعوثان العثماني.
وفي ابان أعوام الانتداب الاولى، كان كبير عائلة العلمي وأحد أعيان القدس البارزين، لكنه لم يشترك في النشاط السياسي الوطني. وقد عانى في أيامه الاخيرة من مرض تصلب الشرايين، وتوفي به في آذار (مارس) 1924م، فورثه ابنه الوحيد، موسى العلمي، في ثروته ومكانته. ومن آثاره المصنفة كتاب: "فتح الرحمن لطالب آيات القرآن" الذي طبع في بيروت سنة 1323هـ/1905م .
موسى فيضي العلمي:
ورد في كتاب (من أعلام الفكر والادب في فلسطين لمؤلفه المرحوم يعقوب العودات (البدوي الملثم) عن موسى فيضي العلمي ما يلي:
)الحكمة التي آمن بها موسى العلمي وبشر بها في ندواته ومجالسه واتخذها شعاراً قبل وقوع النكبتين المروعتين في فلسطين قوله: "اننا لن ننتصر على اسرائيل النصر النهائي حتى ننتصر على انفسنا".
ولد موسى العلمي في بيت المقدس عام 1897. ودرج في مغارس العز والدلال. وانتقل من منزله في القدس الى الكولونية الاميركية في المدينة الثكلى، وتعلم الانكليزية في مدرستها وعاد الى رعاية والده العالم المرحوم فيضي العلمي، وتلقى دروساً خاصة الى عام 1909م والتحق ب (المدرسة الدستورية) بالقدس لمؤسسها المربي المرحوم خليل السكاكيني وأمضى فيها سنتين، ومنها انتقل الى كلية الفرير بالقدس وقضى على مقاعد الدرس ثلاث سنوات، وبعد نشوب الحرب العالمية الاولى (1914) دخل الجندية وتنقل بين دمشق واستانبول. وبعد أن وضعت الحرب اوزارها قصد جامعة كمبردج في بريطانيا طلبا للعلم وصرف فيها أربع سنوات (1919-1922) وتخصص في الحقوق ونال شهادة (L.L.B) بشرف، وفي الوقت نفسة التحق بمعهد حقوق (Inner Temple) وتخرج منه عام 1923 وعاد الى فلسطين يحمل (Barister At Law).
وفي عام 1925 عين في وظيفة كبرى بدائرة النيابات العامة بالقدس، وظل يعمل فيها لغاية عام 1937، وبعدها شغل وظيفة (محامي الحكومة) وهي أعلى وظيفة اسندت لعربي في فلسطين.
وفي عام 1937 أقاله المسؤولون البريطانيون من عمله ايماناً منهم بعطفه على قضية بلاده وشجبه تهويدها واغراقها بسيل الهجرة اليهوديه، فأبعدوه الى بيروت تخلصا من رجل يقاوم سياستهم الملتوية.
وعندما دعت بريطانيا الى مؤتمر فلسطين المنعقد في لندن عام 1939 كان الاستاذ العلمي أحد أعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض. وبعد أن نشبت الحرب العالمية الثانية 1939 أبعدته السلطات الفرنسبة عن لبنان الى العراق.
وظل فيه الى أن دخله الانكليز عام 1940. فعالج مع المسؤولين البريطانيين قضية تشريده عن بلاده. فسمحوا له بالعودة الى فلسطين والاقامة في (شرفات) وهي قرية يملكها الاستاذ العلمي بالقرب من مدينة بيت لحم، اقامة جبرية لمدة سنة.
وبعد أن تلطف الجو السياسي عام 1943 سمح له بالاقامة في القدس ومزاولة المحاماة، وفي خريف عام 1944 كان موضع ثقة الحزب العربي، حزب الدفاع، حزب الاستقلال، حزب الكتلة الوطنية، حزب الاصلاح، حزب الشباب.
ولبعده عن الحزبية اختارته هذه الاحزاب ممثلا لها في المؤتمر المنعقد في الاسكندرية عام 1944 لتأسيس (الجامعة العربية)، ولخطورة هذا الموضوع يجدر بنا أن نجيء على ذكر بعض التطورات السياسية التي مر بها هذا المؤتمر.
مؤتمر الاسكندرية:
في 25 أيلول من عام 1944 اجتمعت وفود الدول العربية في الاسكندرية، في مؤتمر عرف فيما بعد ب (مؤتمر الاسكندرية) مع أن اسمه الحقيقي (اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام) واشترك فيه مندوبون عن دول مصر وسورية والعراق ولبنان والاردن والسعودية واليمن.
أما (فلسطين) فلم تدع لهذا الاجتماع مع أن قضيتها هي من صميم القضايا العربية بل انها أكثرها خطورة وأبعدها مدى في التأثير على مستقبل العرب وعلى كرامتهم وعلى امكانية تكتلهم وجمعهم في وحده شاملة.
غير أن ذوي الرأي في فلسطين رأوا خلاف رأي الدول العربية وصمموا على ارسال وفد فلسطيني الى هذا المؤتمر ليوضح لرجال الدول العربية حقيقة الموقف في فلسطين وليؤكدوا لهم انه لن تكون هناك وحدة حقيقية اذا لم تكن (فلسطين) ليست عربية، وان أمرها ومستقبلها لن يثير في العرب اهتماماً.
وبعد تشاور ذوي الرأي في فلسطين قررت الاحزاب الفلسطينية المذكورة ارسال وفد الى الاسكندرية لينوب عنها في إقناع الدول العربية بضرورة اشتراك (فلسطين) في هذا المؤتمر ثم الدفاع عن قضيتها فيه، فاختارت الاحزاب الستة الاستاذ موسى العلمي ليمثلها بفرده في ذلك المؤتمر، فقصد الاسكندرية وذلل الصعاب التي قامت في وجه قبول (فلسطين) في المؤتمر، وتمكن من اقناع المؤتمرين بقبول وجهة نظر عرب فلسطين، فاشترك في أبحاث المؤتمر ودافع عن أظلم قضية عرفها التاريخ ضمن حدود الميثاق القومي الفلسطيني.
ونجم عن هذه الابحاث وضع بروتوكول الاسكندرية عام 1944 وفيه عهد للدول العربية بإنقاذ فلسطين. لكن الدول العربية لم تف بالعهد المسؤول. وفي هذا المؤتمر بحثت لأول مرة فكرة انقاذ اراضي فلسطين عن طريق تمكين الفلاّح فيها وذلك بتحسين حالة الاراضي وزيادة انتاجها ورفع مستوى الفلاّح اقتصاديا وثقافياً وصحيا. وما لبثت هذه الفكرة أن تبلورت في اللجنة الاقتصادية التابعة ل (الجامعة العربية) في شهر تموز 1945، واخيراً في دستور المشروع الانشائي العربي الذي تبناه مجلس الجامعة.
المشروع الانشائي العربي:
ومن حق التاريخ العربي المعاصر عليّ أن اجيء بلمحة عن هذا المشروع العربي: (والكلام لا يزال للمرحوم يعقوب العودات):-
تألفت في الاسكندرية لجنة تحضيرية للمؤتمر العربي (من 25 ايلول 1944 الى 7 تشرين الاول 1944) بحضور ممثلين عن سبع دول عربية، وكان الاستاذ العلمي ممثلا لعرب فلسطين، وبعد أن وقف وشكر المؤتمرين على قبوله في اللجنة التحضيرية انبرى يشرح ادوار القضية الفلسطينية وما مر بها من ثورات واضطرابات وما يبيت لها في السر والعلن من مؤامرات للأستيلاء على الاراضي الزراعية الخصبة وتسليمها لقمة سائغة للكارن كايميت (شركة الصندوق القومي اليهودي) ومحو القرى العربية من الوجود وتشتيت أهلها وشطب أسمائها من خارطة فلسطين.
وفي الجلسة الثالثة المنعقدة في 1 تشرين الاول 1944 اقترح الاستاذ العلمي تأسيس صندوق قومي عربي عام تشترك فيه جميع الاقطار العربية وتشرف على ادارته، فتوقف للعرب – كما يوقف اليهود لليهود – اراضي فلسطين الباقية لتظل في أيديهم. وأنذر العلمي المجتمعين بأن عرب فلسطين اذا حملوا على الخروج منها فلن يتمكنوا من الرجوع اليها، وختم كلامه بقوله:
"والخلاصة اننا نحن عرب فلسطين قد اصابنا من جراء السياسة الصهيونية أكبر ضيم وقمنا بأكبر التضحيات، وقد استشهد منها أكثر من خمسة آلاف شهيد، ونسف لنا عشرة آلاف بيت وهدمت بالمصفحات بيوت صغيرة للفقراء والمساكين، وخسائرنا المادية لا تقدر بالملايين، وتشتت زعماؤنا وأولو الرأي فينا، وما زالت السجون ملأي برجالنا والمعتقلات تضم أبناءنا ... فحملنا ثقيل والطريق شاق.
فاذا سألتموني ماذا نحن بعد ذلك فاعلون ؟ قلت لكم بكل هدوء واطمئنان: "اننا مصممون على الاستمرار في الجهاد حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، لأننا نرفض الذل ولا نرضى بالاستعباد".
وقبل انفضاض اللجنة التحضيرية في الاسكندرية أبلغ مصطفى النحاس باشا – رئيس وزراء مصر آنذاك – الاستاذ العلمي تعيينه عضوا في اللجنة الاقتصادية التي أشار اليها بروتوكول الاسكندرية، فشرع من توه في درس الموضوع ومراجعة الخبراء، وأخيرا أسمت اللجنة التحضيرية هذا المشروع (المشروع الانشائي العربي) ولهذا المشروع أساسان مهمان:
الأول: أن تقوم به الحكومات العربية دون تفكير بربح أو باسترجاع رأس المال، بل تقوم به على أساس فكرة المحافظة على الكيان ومنع جلاء العرب والحيلولة دون زوالهم من فلسطين.
الثاني: أن المشروع مبنى على العمل لأستئصال المرض من الأصل وليس على فكرة تخفيف وطأة المرض عند حلوله. وبمعنى آخر يجب أن لا ننتظر حتى تقع أرض عربية في خطر البيع فنأتي لأنقاذها وتخليصها من المشتري اليهودي، بل علينا أن نمنع الظروف والاسباب التي تحمل صاحب الارض على بيع أرضه.
وفعلاً تألفت في مدينة القدس جمعية سميت (جمعية المشروع الانشائي العربي) مركزها مدينة أريحا، وسجلت في الدوائر المختصة بموجب قانون الجمعيات، وغاياتها الاساسية:
1- اصلاح القرى العربية ورفع مستواها الصحي والاجتماعي.
2- تحسين حالة المزارعين العرب الاقتصادية والاجتماعية.
3- تحسين الصناعات الزراعية والقروية.
4- تشجيع التشجير على أنواعه.
5- الأخذ بالنظام التعاوني.
6- إنشاء معاهد للتدريب الزراعي والصناعي للأيتام والمعوزين العرب مجاناً.
بعد النكبة الاولى:
لكن هذه الاهداف تغيرت بعد وقوع النكبة الفلسطينية المروعة (1948)، فبعد أن فقد العرب مدنا وقرى فلسطينية وخرج حوالي مليون عربي الى التيه .. ترتب على جمعية المشروع الانشائي العربي واجبات جديدة لم تكن تخطر على البال، فالهدف الذي كان (رفع مستوى القرى وتحسين أحوالها) أصبح في عام 1948 جمع الشمل ورفع الروح المعنوية وخلق أمة جديدة واعية.
وبعد توحيد ضفتي الاردن اتصل المسؤولون عن جمعية المشروع الانشائي العربي بالمسؤولين الاردنيين وطلبوا السماح لهم بالاستيلاء على أراض موات تقع بين أريحا – الشونة بقصد احيائها. وفي شهر آب 1949 سمح للجمعية بوضع يدها على تلك الاراضي الموات وبدأ المسؤولون بدرس أحسن الطرق لأحيائها والتنقيب عن المياه الجوفية بآلات وأدوات بدائية. وفي نهاية كانون الثاني 1950 تفجرت المياه الحلوه في تلك الاراضي الموات وتحققت الآمال، وتطلع الاستاذ العلمي وبقية أعضاء جمعية المشروع الى تأسيس معاهد لأيتام اللآجئين والمعوزين.
ففي شهر آذار 1952 افتتح مركز التدريب الزراعي الصناعي لأيواء وتعليم الايتام والمعوزين من اللاجئين.
ويشمل التدريب الزراعي عملية تحلية الارض من الملوحة وتسويتها وزراعة الحبوب والخضار والفواكه وتربية الدواجن والابقار وصنع الالبان.
وبفعل إيمان الاستاذ العلمي استحالت الصحراء الموات الى جنان وارفة الظلال، وبرهن هذا العملاق الفلسطيني على أن الارادة القوية لا تعرف يأساً، فاجترح وحده معجزات عجزت عنها الدول العربية مجتمعة.
وفي عام 1945 على أثر اقرار الجامعة العربية انشاء مكاتب عربية في لندن وواشنطون للدعاية للقضايا العربية، أنشأ الاستاذ العلمي مكتباً في نيويورك وآخر في لندن، وثالثاً في القدس.
والذين عاصروا هذه المكاتب الثلاثة يذكرون نجاحها، اذ لجأ الاستاذ العلمي في توجيهها الى خطة حكيمة هي الاتصال بما يسمونهم (الرجال – المفاتيح) ككبار موظفي الخارجية والساسة والصحفيين، باعتبار أن التأثير في هذه الفئات اختصار للشوط الذي سبقتنا اليه الدعاية الصهيونية.
هناك اجماع كلي على أن الاستاذ العلمي شخصية فذة، وهبها الله قدراً موفوراً من الاخلاص والعلم والذكاء ورجاحة العقل. و(الوطنية) – في مفهومه – تفكير وادراك وعمل ... لا كلام وشقشقة وثرثرة.
من آثاره العلمية:
عز على الاستاذ العلمي أن تزدرد الصهيونية العالمية (فلسطين) قلب العالم العربي وتشرد شعبها وتطمس معالم العروبة والاسلام فيها، فهب – وهو الحكيم الرصين – الى معالجة الكارثة الاولى التي عصفت بالعرب عام 1948 بوضع كتاب قيم أسماه (عبرة فلسطين). ولنفاسة الموضوعات التي عالجها الاستاذ العلمي أقبل المثقفون العرب على دراسته ، ونجم عن هذا الاقبال طبع الكتاب ثلاث طبعات في عام 1949.
نموذج من نثره:
مرت معركة فلسطين في دورين : ففي الدور الأول كان عبء الدفاع ملقى على عاتق الفلسطينيين. وفي الدور الثاني تناولته الجيوش العربية ، لكن العرب لم يحسنوا الدفاع عن فلسطين في كلا الدورين.
في الدور الاول كانت مواطن الضعف الأساسية في الدفاع العربي، أنا كنا على غير أهبة وان لم نؤخذ على غرة، وكان اليهود على أهبة كامله. وإنا سرنا في المعركة على مقياس الثورات السابقة، وسار اليهود فيها على مقياس الحرب الشاملة. وإنا ادرناها على طريقة موضعية دون وحدة ودون شمول ودون قيادة عامة، فكان دفاعنا مفككا، وأمرنا فوضى، كل بلد يحارب وحده، ولم يدخل المعركة الا أبناء المناطق المجاورة لليهود، وأدارها اليهود بنظام موحد وقيادة موحدة وتجنيد عام. وأن سلاحنا كان رديئا وناقصا وكان سلاح اليهود حسناً قوياً. وأن أهدافنا في المعركة كانت مضطربة متباينة، وكان هدف اليهود كسب المعركة.
هذه الثغرات نفسها كانت مواطن الضعف في دفاعنا في الدور الثاني، دور الجيوش العربية: التفكك وفقدان القيادة الموحدة والارتجال وتباين الاهداف، وزاد عليها التخاذل وعدم الجد في الحرب.
وكما أننا لم نحسن العمل في الميدان العسكري، كذلك لم نحسنه في الميدان السياسي، كانت أعمالنا مرتجلة، وكانت تصرفاتنا سلسلة من الاخطاء الكبيرة، ولم يكن لنا هدف واضح ولا خطة معينة، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا وذاك أن حلت بنا الكارثة وأضعنا فلسطين.
وانما كانت هذا الثغرات انعكاساً لحالة الأمة العربية والنظم القائمة فيها، فهي في نظامها السياسي مفككة يقوم نظامها على التجزئة، وقد انعكس ذلك على صفوفها في المعركة، فكان هذا التفكك والتخاذل. ثم أن زمامها في أيدي حكومات عاجزة تنقصها الكفاية، والأمه نفسها لا تزال ضعيفة الوعي والنمو).
لعل خير تكريم لاقاه المرحوم موسى العلمي بعد وفاته هو الكتاب الذي كتبه الاستاذ الكبير ناصر الدين النشاشيبي عنه تحت عنوان (آخر العمالقة في فلسطين / موسى العلمي) – الباحث.
بدوي توفيق العلمي:
يقول المرحوم يعقوب العودات (البدوي الملثم) في كتابه القّيم: من أعلام الفكر والادب في فلسطين: (كانت الحكمة التي آمن بها (بدوي العلمي) وظل يتغنى بها:
"يقولون لي: اذا رأيت عبداً نائما فلا توقظه لئلا يحلم بالحرية، وأقول لهم: "اذا رأيت عبداً نائماً ايقظته. وحدثته عن الحرية".
ولد (بدوي ) في مدينة (اللد) بفلسطين، وأكمل دراسته الابتدائية في مسقط رأسه والاعدادية في سلطاني القدس، وفي سنة 1921 التحق ب (دار المعلمين) في بيت المقدس. في عهد رئيسها المرحوم الدكتور خليل طوطح، ونال شهادتها سنة 1924 وعين معلما في معارف فلسطين. ودرّس في مدارس اجزم وطبريا وكفركنا، والخيرية (من أعمال يافا) وصرفند ودير طريف (من أعمال اللد) وغزة، وفي سنة 1951 انتسب الى (معهد الصحافة العالي) بمصر ونال دبلوم الصحافة سنة 1954.
وفي النكبة الفلسطينية الأولى واصل عمله في مدرسة الامام الشافعي بغزة، وفي سنة 1956 كف عن التدريس ونزح الى عمان (بالاردن) وعمل فترة قصيرة مدرساً في احدى المدارس الاميرية. وهي مدرسة سعيد بن العاص في جبل اللويبده.
وفي 14/6/1958 فاضت روح هذا المربي الغيور ونقل جثمانه الى بيت المقدس ودفن في مقبرة باب الساهرة بالقدس العربية.
كتب الفقيد عشرات المقالات في التوعية والتوجيه، ونشر بعضها في الصحف العربية التي صدرت في غزة بعد حلول النكبة الاولى (كالرقيب) لصاحبها عبد الله العلمي و (غزة) لصاحبها فهمي ابو شعبان و (العودة) لصاحبها سعد فرح، وفي أغلب هذه المقالات صوّر (بدوي) هول المأساه العربية الاولى بفلسطين وما فعلت في شعبه من ذل وتشريد وتعذيب وتسهيد.
تميز (بدوي) بالحس المرهف والنكته اللاذعه، وعاش المأساة العربية في فلسطين بآلامها وتباريحها، وجاء شعره معبراً عن احاسيس الشاعر وخلجات قلبه.
ومن شعره في هذه الحقبة الفاحمة السوداء قوله:
دعوا قلبي، فإن القلب ذابا ولا تسلوه عن خطب خطابا
وما في العين من دمع سخين اخط به الى قومي الجوابا
أثار الوجد في قلبي لهيبا وفي العينين من دمعي التهابا
ضياء البدر أحسبه ظلاما ونور الشمس أحسبه سحابا
وقيض الله لشاعرنا أن تكتحل عيناه بيوم جلاء الانكليز عن مصر فخاطب كنانة الله بقوله :
بشراك يا مصر جاء النصر فابتسمي ومجدي الجيش حامي النيل والهرمِ
تقوده الأسد والأعداء شاهدة والشرق ينظر اعجابا بذي الهمم
سبعون عاماً قضتها مصر دائبة على الكفاح فلم تغفل ولم تنم
ويختمها بقوله:
هذي فلسطين تشكو من مصائبها فاعطف عليها وخذ بالثأر وانتقم
يثيبك الله عنها خير ما كتبت يد الجلالة فوق اللوح بالقلم
هذا وسوف يقوم كاتب هذا البحث، مهدي فكري العلمي حفيد المرحوم بدوي توفيق العلمي بنشر كتاب يتضمن الآثار الكاملة (شعراً ونثراً) والتي خلفها المرحوم بدوي العلمي.
وأبناء وبنات المرحوم بدوي العلمي هم فكري وأكرم ومحمد ظافر وعصام والمرحومة زهراء ونهى وغاده.
سماحة الشيخ سعد الدين العلمي:
يؤخذ من كلمة القاها المرحوم الدكتور كامل العسلي في حفل تأبين المرحوم سماحة الشيخ سعد الدين العلمي مفتي القدس/ رئيس الهيئة الاسلامية والذي أقامته الهيئات المقدسية في الاردن بتاريخ 27 رمضان 1413هـ الموافق 21 آذار 1993م في قاعة المؤتمرات في المركز الثقافي الملكي في عمان – المملكة الاردنية الهاشمية ما يلي:
(الشيخ سعد الدين العلمي رجل كبير ارتبط اسمه في ربع القرن الاخير أوثق ارتباط في القدس والدفاع عنها ضد الغزوه الصهيونية الشاملة. التي ترمي الى تهويد المدينة. وقد عمل الشيخ سعد الدين في الحياة العامة زهاء ستين سنة تقلب فيها في وظائف التدريس والقضاء والافتاء وغيرها. وأشرق اسمه في ربع القرن الاخير، وهو في العقدين السابع والثامن من عمره، في الدفاع عن المسجد الاقصى حتى ارتبط اسمه بالمسجد المنيف الذي با