من مشاهير و أعلام الأدارسة بالسودان الشيخ مدثر البوشي
يعتبر الشيخ مدثر على البوشى الأزهري الإدريسي العلوانى الحسنى ، من الرموز الوطنية السودانية المعروفة ، وهو من أوائل خريجي كلية غردون التي تطورت فيما بعد لتصبح جامعة الخرطوم
وأصبح - وزيرا للعدل في أول وزارة وطنية بعد استقلال السودان في 1956 م.
قدم جده محمد البوشي من المغرب لنشر الاسلام في افريقيا تزوج من أسرة مغاربية في السودان و أنجب ابنه علي كما تزوج من عدد آخر من النساء أنجب من بعضهن ولم ينجب من الأخريات .
عند دراسة ابنه الشيخ علي البوشي بالأزهر التقى بالشيخ الباقر بن الشيخ اسماعيل الولي و قد جمعت بينهما دراسة و علاقة فتزوج الشيخ علي البوشي من السيدة نفيسة بنت الشيخ الباقر ، وانجب منها الشيخ مدثر البوشي و مصطفى و أخواتهما..
تزوج الشيخ مدثر من زينب أحمد البوشي و أنجب علي و اسماعيل و و فاطمة و سكينة و آمنة و نفيسة و زليخة .. ثم تزوج حاجة هانم و أنجب أسماء و الفاتح..
هو مدثر بن علي بن محمد بن أحمد البوشي الكبير بن السيد عيسى بن أحمد بن عيسى بن ابراهيم العلواني .. و لأسرته مقامات و مساجد في بسيون بمصر و بودمدني بالسودان ، حيث يحمل المسجد القديم بالحي الاول بمدني اسم البوشي ..
الشيخ مدثر البوشي كان من رفاق السيد حسن شريف في الحركة الوطنية و عضوا بالجمعية السرية ( للواء الأبيض ) عندما كان حسن شريف وكيلاً للبوستة والتلغراف ببركات بمديرية الجزيرة ، حيث كانا يحضران للاجتماع به من مدني على الحمير. والمعروف أنه جاء بعض الجنود لحسن شريف يوما للقبض عليه في مكتبه ببركات، فاستعمل ذكاءه الخاص لتعطيل تنفيذ القبض عليه بحجة تبعيته من الناحية الوظيفية لمدير عام البوستة وليس السكرتير الإداري، فلا يستطيع ترك العهدة والمستندات والخزينة قبل أن يصله هذا الأمر من مدير عام البوستة. وكان في ذلك الوقت قد أرسل «فراش المكتب» بمفتاح منزله للسيد/ مدثر البوشي ليأخذ كافة المستندات وكشوف أسماء الأعضاء، لأنه يعلم بأن منزله سيخضع للتفتيش بعدالمكتب. وبهذا التصرف حافظ على سرية جميع أعضاء الجمعية غير المعروفين للمخابرات البريطانية.
عرف الشيخ البوشي بشجاعته في مواجهة المستعمر ، و كان يستخدم براعته في كتابة الشعر في ذلك
، ويصف الأستاذ حسن نجيله في كتابه "ملامح من المجتمع السوداني" الشيخ البوشي فيقول فيه: "لهفي على هذا الفتى ذو الجلباب الأبيض والعمامة المكورة، وهو يريد أن يغزو المنبر فتمنعه المخابرات البريطانية، ولكنه وسط الهتاف والضجيج يجد طريقه إلى المنبر فيشدو بقصيدته المشهورة:
أرى ما أرى مذ ساد في الناس واهن
أرى زهرة الدنيا وشرخ شبابها * تبدل بؤساً أعقبته المغارم
أرى الحق يبدو للأنام ويختفي * ولم يبق من بين العشائر حازم
هذه القصيدة التي جاوزت الستين بيتاً- وكانت في ليلة المولد النبوي الشريف في أمدرمان عام 1923م- "الإنجليز انزعجوا من هذه القصيدة، وترجمها أحد المستشرقين في وزارة المعارف، وكتب عن هذه القصيدة أنها ستكون نواة للثورة، ولو أنها قيلت في شعب مسلح لشق عصا الطاعة في الحال" وهذا الكلام مكتوب في ملف خدمته في دار الوثائق، وعندما ألقى هذه القصيدة أحس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من قصائده:كفكف دموعك
كَفْكِفْ دموعك لا تبكي على الزمنِ
فأيُّ مُستَضْعَفٍ في الأرض لم يَهُنِ؟
إن كنت ذا شَجنٍ صحَّتْ عزيمتُه
فأنتَ عن مثل فعل الغانيات غني
دع البكاء لربّات الحُجول وخذ
بيض الصّفائح واكشف ظلْمَةَ الدّجن
قد يصدر الحِلْمِ ممَّنْ ليس يألفُه
وقد يُتَوَّجُ ربُّ الحِلْم بالأفن
تَخِذْتَ فخْرَكَ ذكرَ الماضيات ولم
تعبأ بما دَنَّسَ الأعراض من دَرَن
الدهرُ قابلةٌ تجري على يدها
ولائدُ الكون من قبلِ ابنِ ذي يَزَن
لو شكَّ قلبَكَ ماضي الحدِّ كان به
أولَى من الخوض في بحرٍ من الفِتَن
عاقرتَ بنتَ كرومٍ وافتَتَنْتَ بها
وأنت في سِنَةٍ موصولةِ الوَسَن
أخلفتَ منك ولاءً للفتاة ولو
فطنْتَ أيقنْتَ أن الودّ لم يكن
ما لا يُنيلك خيرًا لا تهمَّ به
فالكرمُ لولا جَنا العنقود لم يَمُن
سِيّانِ عند لئيمٍ أن تكرِّمَه
أو لا فأمسكْ عن الإيقاع في الغَبَن
ما جدَّ جدّك إلا خاب سعيُك هل
تقوم وحدةُ أقوامٍ على الإحَن؟
يا خاطبَ المجد إن المجدَ ممتنعٌ
إن كنتَ تطلبه عفوًا بلا ثمن
ويا مريدَ العُلا إن كنت سائلَه
مهِّدْ وسائلَه في السِّر والعَلَن
فالعُصْمُ إن لم تفاجَأْ في معاقلها
ما استنزلتْها أغاريدٌ على فَنَن
والأسدُ إن لم تفاجَأ في مرابضها
لم تستطب قَفَصًا في معرض المدن
ما بالُ آبائكم دان الزمان لهم
وأنتُمُ خَلَفٌ دِنْتم إلى الزمن؟
ما بال آبائكم كانوا على سَنَنٍ
وأنتمُ اليومَ أصبحتم على سنن؟
فاستخبروا صامتًا أعيا الفصيحَ ولم
يكتمْكُمُ السرَّ عن ماضٍ ولم يَصُن
إن قيل ما العُرْبُ أطرى الناس كلهم
وثار كلُّ خطيبٍ مدرهٍ لَسِن
ما عذرُكم إن سُئلتم عن تراثهمُ
فأيُّ مستحدَثٍ بالذكر مقْتَرن
صِبْغُ الإله لهم من طبعهم جللاً
تُزري بما شِيدَ من بُرجٍ ومن فَدَن
فليت سكانَ بطن الأرض لو نُشِروا
وليت من فوقها في رحمةِ الكَفَن
عشقْتُمُ رتبًا أمهارها كَذِبٌ
قدِ استقام بلبْسِ الصوف والردن