الحمد لله مزجي السحاب الثقال مرسل الرياح لواقحا بفضله، ليصيب بها من يشاء من عباده منزل الغيث الطيب ليحي به الأرض بعد موتها، فيخرج منها حبا وأبا وعصفا وزيتونا ونخلا ، لنأكل من ثمره ولنشكره على رزقه ونعمائه ، خلق الإنسان فأحسن خلقه وصوره فأحسن صورتهوهداه النجدين ولسانا وشفتين وكان كل ذلك عنه مسؤولاوحمله من بين كل خلقه بالأمانة لقوله عز وجل إِنَّا عَرَضْنَا ٱلاْمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَـٰنُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً لّيُعَذّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَـٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [الأحزاب:72ـ73].
واستخلفه في الأرض بقوله جل وعلا للملائكة ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)) البقرة آية ـ 30 ، فأمره بالعدل والإحسان و التقوى والإيمان، والوفاء بالعهود بقوله تعالى شأنه وتقدس ملكه (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) آية ـ (91) سورة النحل وأمره بإتباع سبله وتوحيده ، وتنزيهه عن الشريك والند والصاحبة والولد ، وتمجيده هو الواحد القهار، سبحانه تعالى عما قالوا علوا كبيراً هو الله أحد ، الفرد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد
بعث رسله بالحق مبشرين ومنذرين بين يدي يوم عظيم حين تذهل كل مرضعة عما أرضعت ،وتدب الندامة في كل نفس أسرفت ، فلا ينفع حينها ندامة إلا لمن كان قد تحرى في دنياه السلامة ، فآمن وصدق و صلى وأنفق ، واتبع الرسل واستمع لكلمات الله فامتثل.
ثم الحمد لله حمداً كثيراً ملء السموات والأرض أن جعلنا من أمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وإختصنا من دون الأمم بالقرآن و جعل ديننا خاتم الأديان ، بل هو الدين عند الله لقوله جل شأنه (إن الدين عند الله الإسلام) من آمن به فقد نجا ومن كفر فقد ضل واعتدى.
ثم الحمد لله الذي خص سيدنا محمد بالشفاعة يوم الزحام وأعطاه الوسيلة والفضيلةحين تنقطع الأرحام إلا رحمه وسببه ، وحين لا تنفع السنن إلا سنته ، صلى الله تعالىعليه وسلمعدد معلوماته ومداد كلماته وعلى آله الأطهار الأخيار وعلى صحابته الغر المحجلين الأبرار.
أما بعد فقد أثمر العذق النبوي الأسنى ، من سلالة سيدنا الحسن بن سيدنا علي وفاطمة الزهراء البتول بنت سيدنا ومولانا رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم ، ثمرة مباركة وبذرة زكية ، شاء الله أن يكون موطنها بلاد المغرب الأقصى حملها سيدنا ومولانا إدريس فغرسها في بلدة طيبة ، فأنبتت نباتا طيباً وشجرة نورانيةأصلها تابث وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، نبوية سنية ، تفرعت منها فروع ندية كالشعبة العمرانية الزكية ، من أبناء سيدنا عمران بن صفوان التي إستقرت ببلاد جبالة فتفرعت منها أسر عديدة ، كساداتنا الخماملة ، ثم هاجر جدهم سيدي عبد الله الخمالي المعروف بالرصاع مجاهداً في سبيل الله من قبيلة الخطوط ببني كرفط ، فلما أظفره الله ونصره بنصر جنده وإعزاز دينه وتمكين حزبه ودحر أعداءه في معركة وادي المخازن ، فنزل بلاد الخلط وساكن أهلها ذوي النخوة والدين وأهل العروبة والشجاعة والكرم و الركن المتين ، فصاهرهم ليصل بهم الرحم ، ويفشي فيهم حب العلم و الإيمان ، ويعلم أبنائهم القرآن فتولى قضاء قبيلتهم ، بظهير المولى أحمد المنصور الذهبي السلطان السعدي ، إحقاقا للحق ودفعا للمظالم وإنصافا للضعيف و ردعا للمتطاول على حقوق الغير دون موجب شرعي ، ثم تسلسل في ذريته لما عرف عنهم من تحملهم لعبء القيام بمهامه والدفاع عن حرمته ، وعفاف الذمة وسلامة النية وصفاء الطوية ، فمن أولئك البدور المضيئة والكواكب المنيرة سيدي مبارك بن محمد العربي بن أبي العباس محمد الطالب بن محمد المفضل ، القاضي الفاضل و الذكي الألمعي الواصل ، العلامة الرباني سليل الدوحة النبوية ، الشريف الإدريسي ، العمراني الحسني الأويسي ، الخمالي نسباً وحسباً، الخلطي منشأً ومولداً والقصري داراً ومدفناً.
العارف الذاكر والعابد الشاكر ، الحافظ لكتاب الله ، المعتني بالسنة ، المحارب للبدعة ، الداعية المصلح ، الأصولي المحقق والعلامة المدقق ، صاحب الفتاوى النافعة و الأحكام المقنعة ، المنافح عن الدين والمجاهد في سبيل الله ، المقاوم الفذ والسياسي المحنك الجهبذ ، ذو التربية العالية والأخلاق المثالية ، قاضي الخلط والطليق وبداوة وجبل الحبيب وأصيلة وأحوازها وشفشاون وجبالها وشيخ أسرة الخماملة وإمامها، الصابر على الحق والمنافح عليه ، الداعي إلى الخير والدال عليه ، أبو علال وعبد السلام ، شمس الشمائل وأصل الفضائل، الأزهر العاطر و العلم الظاهر الأشعري المالكي ، المحب التيجاني وارث المجد السّني و العلم الرباني اللدني ، قال فيه الفقيه العلامة سيدي محمد بن محمد الحسني العلمي نائب قاضي شفشاون في مطلع شهادته بخصوص ظهيري المولى الحسن الأول والمولى عبد العزيز اللذين تضمنا شهادة الولي الصالح سيدي عبد السلام بن سيدي علي بن ريسون الحسني العلمي اليونسي في الخماملة
(…ألا وهو الفقيه النزيه الأوحد العلامة القدوة الأمجد ، القاضي الهمام الأسعد الشريف الوجيه المحترم الأمجد ، المحرز لأنواع المحاسن والكوامل، الحائز قصب السبق في ميدان الفضائل والفواضل أعني سيدي مبارك بن سيدي العربي الخمالي الحسني ، أدام الله سيادته وأكد مجادته …)
رحمه الله وجزاه خيرا على همته وأدخله فسيح جنته وغفرالله له ماتقدم وتأخرمن ذنوبه ونفعنا الله ببركته ،اللهم أمين