تحفة الإخوان ببعض مناقب شرفاء وزان (Text)
تحفة الإخوان ببعض مناقب شرفاء وزان
للشيخ الفقيه العلامة المحقق الدراكة الفهامة الشريف الأجل الفاضل الأكمل سيدي حمدون بن سيدي محمد الطاهري الجوطي الحسني الفاسي (ت 1191هـ
أخي في الله أود أن تجد في هذا الكتاب ما يشد فؤادك ويقوي إيمانك، ويزيدك ثقة بالله تعالى بأنه هو صاحب الفضل، يجعل لعباده مراتب فيقرب من يقرب ويبعد من يبعد.فنعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونرجوه سبحانه وتعالى أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، نهتدي بهديه، ونتبع سنة رسوله محمد خير الأنام عليه الصلاة وأزكى السلام في كل العصور والدوام، وجعلنا على قدم هؤلاء الصالحين الذين أطاعوا الله ورسوله ففازوا برضى الرحمان، وجنة الحنان المنان، وابتعدوا عن هوى النفس وضلال الشيطان.
وقبل أن تبدأ أخي بقراءة هذا الكتاب، عليك بتقوى الله أولا، وبتزكية النفس وتطهير القلب من الكبر والأنانية ثانيا، لأن ذلك من فعل الشيطان، ثم تستحضر عظمة وقدرة الله تعالى أمامك، وإذا فعلت هذا فكن على يقين بأن قراءة هذا الكتاب سترفع من درجة تقواك، وربما ستتسلق إلى مرتبة كبرى من الهداية، وقد تتجاوز مرتبة عليا من الإيمان، وربما تصل إلى درجة الإحسان.
واعلم يا أخي أني بتوفيق من الله تعالى لما أزاح نار الغفلة والجهل عن قلبي، وعندما وقع هذا الكتاب المخطوط بين يدي في أواخر سنة 1416هـ ، فكرت أن أكتبه بالطريقة الحديثة ثم إدخاله إلى عالم الإعلاميات من أجل تسهيل طريقة قراءته، لأن أصل طبعة المخطوط حجرية، ومن الصعب على أي قارئ فهم حروفه ومعانيه، هذا بالإضافة أن يكون رهن إشارة الطلبة والمهتمين بهذا الميدان الثقافي، ثم يكون في حوزة أكثر ما يمكن من القراء للتعرف على هذا الأصل الفاخر بشكل موثوق لا يعتمد على الرواية أو القصة. وربما يأتي آت من يدخل هذا النوع من المخطوطات إلى شبكة الأنترنيت، فيكون بذلك رهن إشارة كل مسلم باحث في هذا الميدان من تاريخ الإسلام والمسلمين، الذين عرفوا الله حق معرفته من شدة ورعهم وتقواهم على مرور الأزمنة والعصور.
ولقد أعدت قراءة هذا المخطوط أكثر من مرة، من أجل التمعن والتأكد وإعادة تصحيح بعض الكلمات أو الحروف، وكنت كلما أعيد قراءته إلا وأكتشف فيه أشياء جديدة لم أنتبه إليها في القراءة السابقة، فاستمعت فيه من خير الأذكار وغرائب الأسرار للأولين الأبرار، الذين زهدوا في هذه الدنيا الفانية، وأحسنـوا العمل لله تعالى في الديـن والدنيـا، فأعطاهم الله عز وجل العز في الدنيا والآخرة، وأشهر ذكرهم بخير ذكر في حياتهم وبعد مماتهم، وذلك فضل الله تعالى يوتيه من يشاء سبحانه. ومن بين هؤلاء الفضلاء الكبار الذين تكرم الله عليهم بخير هذا الجزاء، الشيخ الهمام القطب المنير مولاي عبد الله الشريف نفعنا الله ببركته، حيث كان رحمه الله ممن جمع الله لهم بين نسبة الطين والدين. وكان قد اجتهد رحمه الله في البحث عن شيخ عارف يكون ولي زمانه، فهداه الله تعالى إليه فأخذ عنه ذلك العلم الذي لا يعرفه إلا من خلصت نيته لله تعالى، ولا يصل إليه إلا صفية وخاصة عباده، وهذا ما يؤكد أن هذا السر الرباني والمقام القطباني الموهوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتوارث من معلم إلى معلم ومن مربي إلى مربي ومن شيخ إلى شيخ، وليس كما يعتقد البعض أنه من التزم ببعض الفرائض والسنن أنه سيصل لدرجة هؤلاء الأخيار، بل عليه أن لا يتزاحم في مراتبهم ومقامهم لأن لهم الولاية الكاملة بنور العلم الظاهر والباطن المستمد من نور رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومولاي عبد الله الشريف هذارضي الله عنه، أخذ عنه الكثير من المريدين والسالكين إلى طريق الصلاح والإحسان، فشاءت رحمته تعالى أن يرث من علمه الكامل ستة أقطاب آخرين كلهم من ذريته، فكانوا رضي الله عنهم أي عصر هؤلاء الرجال السبعة، مهتمين بأمور دينهم ودنياهم، سالكين بمن اتبعهم إلى طريق الخير والهداية الربانية، فأصبحت بركاتهم في كل البلدان مشهورة، وعلى كل الألسن مذكورة، حتى وصلت إلى أرض السنغال غربا والعراق شرقا، فصارت دارهم دار وزان بلد التين والزيتون اللذان أقسم الله بهما في كتابه العزيز الحكيم، مقصدا للمريدين والسالكين والعلماء والزائرين من كل البلدان، للأخذ عنهم أو التبرك منهم، حتى عرفت هذه البقعة المباركة في ظلهم خيرا كثيرا وإشعاعا نورانيا ربانيا يقل نظيره، والله تعالى يقول: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾.
وبما أن القطبانية انتقلت من هذه الأرض المباركة، إلى أرض أخرى وفضلاء آخرين ، رحل ذلك النور الرباني وتلك النعم التي عمرت طويلا في هذا البلد الطيب المبارك، وذلك بسبب عدم اتباع السلف الصالح، وطغيان حب الدنيا على الدين، فحق عليهم كلام الله في هذه الآيات المباركات من كتاب الله العزيز الحكيم، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ ضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ مُطْمَئِنَّةً يَاتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ .
فهذه المدينة أسست على تقوى من الله تعالى، وعرفت مجدها في ظل هذه التقوى ، ولن تعرف إقلاعا آخر إلا باتباع طريق الهدى، عوض الإتهامات والإتهامات المضادة التي لا تنفع مع الحق شيئا ﴿ وَلاَ يُغَيِّرُ الله مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأََنْفُسِهِم ﴾.
وإن كانت بلاد أخرى تفتخر بثرائها وعظمة حضاراتها ومجد تاريخها، فإن هذه الأرض رحمها الله تعالى بألطافه الربانية وعنايته الإلهية، وشرّفها ببضعة وعثرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وجعل الصالحين منهم كنوزا تحت ترابها وبارك فيها بأرواحهم الطاهرة الزكية، وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى في إشارة وبشارة الشيخ العارف بالله مولاي عبد الله الشريف رضي الله عنه، وهو سر لا يعلم أمره إلا كل صاحب عقل رشيد وفهم بليغ، يدرك به رحمة الله تعالى على ذرية حبيبه صلى الله عليه وسلم وعلى الصالحين منهم خاصة، وعلى الأرض التي بارك لهم فيها والتي ستظل بحول الله تعالى تمثل الوجه الحقيقي لحالة الإسلام والمسلمين على مرور العصور والأوان.
وأخيرا أقول لجميع من يهمهم أو لا يهمهم، أمر هؤلاء النخبة والصفوة من البشر وهذا النوع من العلوم، أقول بأن الله تعالى أعز المسلمين بعزتهم للإسلام ونصرهم بنصرتهم للإسلام، والذي نصر المسلمين وهم مستضعفين على أطراف الدولة الرومانية الكافرة والفارسية المجوسية، لقادر أن ينصرنا ونحن في عصر حرب النجوم والصواريخ العابرة للقارات.
ثم أود الإشارة إلى ارتياب بعض القراء، في مدى مصداقية بعض الكرامات والبركات لأولياء الله الصالحين، أقول بأننا كما نؤمن بما لا نراه علميا علينا أن نؤمن بما لا نراه غيبيا، إلا وسيكون إيماننا ضعيف ، أو اننا نحب أن ننكر ما وهبه الله تعالى لهؤلاء ما لم نصله نحن حتى باعتقادنا. وهناك حتى وإن آمن وصدّق بهذه الأمور الغيبية ، سينفي وجودها في زماننا الحاضر وهذا اعتقاد باطل، لأن الله تعالى يخلق أولياء زمانهم على حسب أهل ذلك الزمان، ثم إن الأحاديث النبوية تؤكد على استمرار نوره صلى الله عليه وسلم إلى ما شاء رب العالمين ، يفرقه على خاصة عباد الله تعالى﴿ وَمَا اَرْسَلْنَاكَ إلاََّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ فرحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضرة في كل عالم يصيب الله بها من يشاء من عباده.
فاستفد أخي القارئ بقراءة هذا الكتاب المبارك وحاول أن تقتدي بطرق هؤلاء الأولياء الصالحين وتقتفي بآثارهم النيرة، لتكن من الفائزين برضا الرحمان في الدنيا والآخرة، والسلام على من اتبع الهدى ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِه ﴾ صدق الله العظيم.
مصطفي الطاهري التُّهامي الوزاني
موقع مدينة وزان
http://tahrimustapha.voila.net/touhfa.html
تحفة الإخوان ببعض مناقب شرفاء وزان , حمدون بن محمد الشريف الطاهري الحسني الجوطي الفاسي
﴿309 ص﴾.
http://www.4shared.com/document/NES9...________.html?
المكتبة الإلكترونية المغربية