الولي الصالح سيدي محمد الحاج البقالي،

[وائل الريفي]

بعد فترة توقف دامت أزيد من ثلاثين سنة : مدينة طنجة تحيي موسم الولي الصالح سيدي بوعراقية

الخميس 01-03-2012 09:58 مساء

منقول

استأنف سكان طنجة إحياء موسم الولي الصالح سيدي بوعراقية يوم الأحد (12 فبراير 2012 ) بعد فترة توقف دامت أزيد من ثلاثين سنة، ويأتي إحياء هذا الموسم الديني بمبادرة والي المدينة الذي اقتنع بفكرة تنظيم هذا الموسم الذي يتم في اليوم السابع لعيد المولد النبوي.

وربما رأى الوالي ( حصاد ) في طنجة مدينة لا تهتم كثيرا بالتقاليد البعيدة، فارتأى أن يجعل منها مدينة شبيهة بمراكش التي تغرق في بحر السبعة رجال، أو مدينة سلا التي تحتفي كل عام بموسم الشموع، فجاءت فكرة طنجة لكي تعود بالمدينة إلى بعض تاريخها، على الرغم من أن الكثيرين ينظرون إلى هذه الاحتفالات والمواسم كونها تكرس بعض الوثنية وتجعل الناس يعتقدون بان هؤلاء الأولياء الذين ذهبوا إلى رحمة الله يتوفرون على كرامات ومعجزات تتداخل مع قدرة الله عز وجل، فيصبح ذلك من الشرك الواضح.

أهالي طنجة متشبتون بوليهم بوعراقية :

يقول أغلب مناصري هذا الاحتفال الديني إنه تقدير منهم للدور الجهادي الذي قام به الشريف سيدي محمد الحاج بوعراقية ضمن جيش المجاهدين الذين حرروا طنجة من الإحتلال الأجنبي على عهد السلطان مولاي اسماعيل، فتحررت مدينة طنجة بفضل بطولاتهم وشجاعتهم ، ثم شرع السكان في إقامة مهرجان كبير لإحياء ذكرى التحرير من جهة، والاعتراف بالفضل الجهادي لآل البيت الطيبين الطاهرين. .

وبعد فترة توقف دامت أزيد من ثلاثين سنة، حيث كانت آخر تظاهرة نظمت سنة 1972 بزاوية ضريح سيدي بوعراقية، بادرت سلطات المدينة إلى إحياء هذا الاحتفال وتشجيعه، واشترك في ذلك عدة هيئات وجمعيات رسمية ومدنية منها ولاية طنجة تطوان و الجماعة الحضرية لطنجة والغرفة التجارية والفلاحية والصناعة التقليدية ومندوبية الصحة.

عادات وتقاليد " سابع المولد "

يتميز برنامج الاحتفال بانطلاق موكب الهدايا من ساحة الأمم بشارع محمد الخامس وسط مدينة طنجة ويتوجه إلى ضريح الولي سيدي بوعراقية بشارع الحسن الثاني، حيث ينطلق الموكب بهدايا متنوعة تضم أطباقا ذهبية وفضية من طراز تقليدي وعصري، وهدية عبارة عن مجموعة من الثيران المعدة للذبح مخصصة لفقراء الضريح، وفلكلور من الدقة المراكشية وكناوة والفرقة النحاسية التابعة للكشاف الملكي و"البواردية"، وهم رماة ببنادق وملابس تقليدية، بالإضافة إلى طلبة المدارس القرآنية.

ولدى وصول الموكب إلى ضريح سيدي بوعراقية وأداء صلاة المغرب، يقام حفل ديني كبير بالمناسبة يتخلل ابتهالات دينية وسماع ومديح، وفي اليوم الموالي من الاحتفال يتم ختان الأطفال بكل من مستشفى القرطبي ومستشفى محمد الخامس مع توزيع هدايا وألبسة بالمناسبة.

نبذة عن حياة الولي الصالح بوعراقية

ولد الولي الصالح سيدي محمد الحاج البقالي، المعروف بأبي العراقية الخضراء، أو بوعراقية، بقبيلة بني حسان بدائرة تطوان في أواسط القرن الحادي عشر الهجري في بيت علم وشرف ودين، وتوفي سنة 1130 هجرية، بمنزله الكائن قرب المسجد المعروف بالجامع الجديد، ودفن بغرسته بالمكان المعروف بقبة السلاطين، ولم يخلف سوى بنت واحدة هي رقية الغزواني. .

وكان لهذا الولي الصالح أخ من أبيه يسمى سيدي قاسم، ونسبه هو محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المعروف بذي القبرين بن الشيخ علي الحاج...وأن نسبه ينتهي إلى سيدي حمزة بن إدريس الثاني، ويروي المؤرخون أن أصل جد الشرفاء البقاليين من الساقية الحمراء، ثم استقروا في فاس ومنها رحلوا إلى قبيلة اغزاوة بناحية شفشاون.

وكان سيدي بوعراقية عالما كبيرا ذائع الصيت، ورعا نقيا زهدا ووليا صالحا ومجاهدا، وله عدة كرامات مازال أهل طنجة يروونها عنه، وقد أطلق عليه لقب ضامن البلاد، لأنه كان يضمن سلامتها ضد الغزاة والمحتلين عر الجهاد في سبيل الله وليس في جمع التبرعات.

و أماجهاد سيدي بوعراقية بمدينة طنجة فتعود لما كلف السلطان مولاي اسماعيل المجاهد علي الريفي وولده القائد أحمد بمحاصرة مدينة طنجة وتحرريها من يد الإنجليز، فانضم هو وشقيقه سيدي الغزواني إلى المجاهدين المذكورين، واقتسما السلطة مع القائد علي الريفي، فتولى هذا الأخير السلطة الزمنية، أي القيادة العسكرية، بينما تولى هو السلطة الروحية، وبذلك بحث المجاهدين على الجهاد ونشر التعاليم الإسلامية بينهم، وقد خاضوا ضد الإنجليز معارك طاحنة كان النصر فيها حليفهم. .

وبعد أن استقرت الأوضاع بالمدينة، زوج القائد علي الريفي ابنته نحلة لسيدي الغزواني نحلة، سعيا في توطيد العلاقة بين العائلتين ، بينما انكب سيدي بوعراقية على تدريس العلم ونشر التعاليم الإسلامية، وكانت له خلوة خارج أسوار طنجة حيث يوجد ضريحه حاليا، يتعبد فيها واتخذها مكانا للزهد والتصوف بعد أن حبس جميع أملاكه.

واليوم يتم إحياء هذا الحفل الديني الذي يتزامن مع ذكرى سابع المولد النبوي الذي يرمز إلى الشمائل المحمدية التي جسدتها شخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه من قيم إنسانية سامية.

يتمسح بجدرانه المسؤولون :

في شهر رمضان، يستقطب ضريح سيدي بوعراقية العديد من الزوار من مختلف المدن المجاورة لطنجة، وخصوصا في العشر الأواخر من رمضان والتي تصادف ليلة القدر المباركة، حيث ينظم حفل ديني كبير يشارك فيه العديد من فرق الأنشودة الإسلامية والصوفية مع ابتهالات ومقامات صوفية. وبعد أداء صلاة التراويح حيث يستمر الحفل الديني إلى طلوع الفجر.

الغريب أن كل مسؤول يلتحق بطنجة كيف ما كانت مرتبته في أي قطاع، إلا ويقوم بزيارة ضريح سيدي بوعراقية أملا في أن يظل في منصبه لفترة طويلة، وتأتي هذه المبادرة وصية من زملائه الذين تعاقبوا على تسيير المهام بالمدينة والذين أصبحوا يتمسحون بجدران الضريح أكثر مما يتمسح به الناس العاديون.

والعانسات بدورهم بحثا عن أزواج

من عادات الوافدات على ضريح سيدي بوعراقية من مختلف الأحياء الشعبية بالمدينة، في هذه المناسبة أو في ليلة القدر، هو الدعاء الصالح للوالدين والأجداد بطول العمر والصحة والعافية، كما تكون فرصة للعانسات اللاتي فاتهن قطار الحياة الزوجية لزيارة الضريح مرفقين ببعض الملابس المستعملة وقطع من شعورهن والشموع ويقفن أمام الضريح في خشوع وتوسل عسى أن تكون زيارتهن مباركة وتفتح لهن باب الأمل من أجل الحصول على أزواج في اقرب الأوقات، والغريب أن فتيات جميلات في عمر الزهور يزرن الضريح أيضا رغم أن فرصهن في الزواج كبيرة ولسن في حاجة لطلب وساطة سيدي بوعراقية.

وتقول (سعاد/.ن،38 سنة) ، مستخدمة، وهي من حي بئر الشفاء الهامشي ، إنني مدمنة على زيارة ضريح سيدي بوعراقية كل يوم جمعة بعد صلاة العصر، والهدف من زيارتي للضريح هو الدعاء من أجل الحصول على زوج مثالي، بحيث سبق وأن أخبرتني إحدى صديقاتي بحي بني مكادة على أنها تزوجت عن طريق سيدي بوعراقية، حينما كانت في طريقها كالعادة لزيارة الضريح وصادفها شاب وسيم عبر لها عن إعجابه بها وله نية الزواج ببنت الناس، وشاءت الأقدار أن يتزوجا .

وتضيف سعاد " أنا اليوم أجرب حظي عسى أن أكون محظوظة وأتزوج ولد الناس، ولن أتخلى عن زيارة الضريح كل أسبوع لأنني أعتبرها عادة وتقاليد عاميتنا ورثناها من أجدادنا وآبائنا.

اختلاف في الآراء

إذا كانت سعاد تؤمن بزيارة ضريح سيدي بوعراقية من أجل الزواج، فإن بعض الفتيات يعتبرن أن ذلك مجرد شعوذة وتخلف عقدي وحضاري وثقافي. وتقول ( سارة / ف)، وهي طالبة في العشرين من عمرها وتسكن في حي "السوريين" الراقي، إنها لا تؤمن بمثل هذه الخرافات ولم يسبق لها أن زارت ضريح بوعراقية من أجل التوسل في البحث عن العريس، ولن تزوره في يوم من الأيام لأن ذلك دجل وشعوذة وشرك بالله وتخلف بكل المقاييس. واعتبرت سارة أن الزواج غالبا ما يأتي عن طريق الصدف والأقدار، وليس عن طريق زيارة الأضرحة.

ضريح محمد الحاج وشقيقة سيدي الحاج الغزواني ويوجد في عليه اللوحة الهامة تذكراسم القائد المجاهد علي بن عبد الله الريفي واسم ابنه الباشا احمد الحمامي وهذه اللوحة يزيد عمرها أكثر من 250عام وكما تدل هذه الصورة على المصاهرة بين عائلة المجاهدين الريفيين أولاد الريفي وعائلة البقاليين أبناء سيدي علال الحاج ونجله سيدي محمد الحاج صهر القائد علي بن عبد الله الريفي التمسماني

زوج بنت القائد علي الريفي المعروف بأبي القبرين الأغصاوي الحسني الذي شب منذ نعومة أظفاره بكريهة للأعداء فبرز لهم بالمرصا

ولما كلف السلطان مولاي إسماعيل المجاهد الكبير علي الريفي بالجهاد واسترجاع مدينة طنجة من الاحتلال الإنجليزي٬ انضم الولي "أبو العراقية" إلى صفوف المجاهدين٬ وكان القائد الروحي للجيش٬ كان يحث الجيش للجهاد ويسعى لنشر التعاليم الإسلامية في صفوفه الحماسة٬ كما خاض الريفيون بقيادة المجاهد علي حروبا طاحنة توجت بنصر كاسح وبطرد المحتلين من الثغور المحتلة .

وبعد أن استقرت الأوضاع بمدينة طنجة ، زوج القائد علي الريفي ابنته الآنسة نحلة للسيد محمد الحاج الغزواني البقالي ، سعيا في توطيد العلاقة الحميمة بين العائلتين