بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن جل ثناؤه , القائل في ما معناه ( من اهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ) واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة عبد موقن , وحد الله وعبده و اشهد ان سيدنا محمد رسول الله القائل ( خصلتان من الخير ليس فوقهما خصلة حسن الظن بالله وحسن الظن بعباد الله ) والقائل ( المسلم من سلم الناس من لسانه ) صلى الله عليه واله واصحابه الكرام البررة ذوي القلوب السليمة من الحيد وما في معناه , ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
اما بعد الى جناب المؤرخ النبيل السيد عبد الله حمادي عليكم جزيل السلام فقد كنت قد وقفت على جزء من تاريخكم المسمى " حاضرة القنادسة وزاويتها الزيانية الشاذلية " فشكرت صنيعكم من جهة وانتقدته من جهة اخرى .
لا تظن ايها الاخ ان لي اطلاعا اكثر مما لكم , الا من ناحية واحدة فلي الحق ان نراجعكم فيها , ونستفسركم من اجلها , تبعا لما تحقق عندي من كونكم سرحتم القلم فيها طبق غرضكم , وجريتم في تمحيصها تحث تاثير عاطفتكم وشان المؤرخ مثلكم ان يكون رزينا في العقل , امينا في النقل , فاذا كتب في شيء من الاشياء , يستخرج لب الحقائق , ويتتبع ذكر الواقع , ولو كلفه ذلك ما كلفه , وجميع هذا ما كنت او بالاحرى ما كنا نحن ذرية العارف بالله سيدي امحمد ابن ابي زيان نظنه فيكم , ولكن لما وقفت على الفقرات التي تتكلم عن تاسيس القنادسة ونسب الشيخ ابن ابي زيان قدس الله سره الشريف فاستبان لي من خلاله نقيد ما كنت اعتقده , وتحققت انكم كتبتم في هذا الفصل بقلم غير قلم المؤرخ النزيه , الامر الذي يعرب على ان لكم في باطنكم عن الزاوية القندوسية واصحابها شيئا , ولولا ذلك لما قلتم في الصفحة 73 او 74 ما قلتموه ورميتهم بالزور و البهتان والكذب من اجل حطام الدنيا , ولما التجاتم الى وثائق مؤلفها مجهول وبنيت و اسست عليها سفرك هذا , انكم نقلتم عن ابن عساكر الشفشاوني في كتابه " دوحة الناشر " نقلا لا يتفق مع الامانة وشان المؤرخ ان يكون امينا , وذلك انكم اقتصرتم وقلتم بانه لو كانت لعبد الله الغزواني نسبة لذكرها صاحب الدوحة , وتركتم ما ذكره وقال " ومن الناس من يجعله علويا " فلو انك استجلبت قول ابن عساكر من اوله الى اخره في كلامه عن سيدي عبد الله الغزواني , لكنت قد احسنت للتاريخ ولنفسك ايضا , ولكنك اقتصرت على ما يوافق نهجك , ويعضد صنيعك , لتطعن في انساب الناس فهيهات هيهات لان الناقد بصير .
سامحك الله وليس بعجيب ان يقوم من يطعن في انساب اولياء الله ويشكك في انسابهم , لعلمي ان الديار ليست بخاوية على عروشها, غير اني لم ادر هل الطاعنين يقصدون شخصا بعينه ام لا ؟ واذا كان كذلك , يخشى ان يكون ممن يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله ( اقصد من شاركوك في الطعن في النسبة الشريفة للشيخ وتنسبونه الى شخص اخر لم ولن نقر بالانتساب اليه سوى اعترافنا له بنه من اولياء الله الصالحين ) وان كان في زعمك وزعمهم صيانة التاريخ , فليس ذلك مسلككم , وعليه فينبغي لكم ان تقصدوا الامر من اصله , بمعنى تقومو معارضين لمعطيات وعلم الانساب , وحينئذ ستجدون في كلام من مضى كاليعقوبي والتازي وحشلاف ما يغنيكم عما تجدونه في كلامنا , وكلام احبابنا و اتباعنا , لان جميع ما يتضمنه كلامنا لا يعدل بكلمة صدرت عن احدهم , والوثائق بايدينا اعدل شاهد لكن عند من يؤذن بالانصاف , طالما الكل مسلم لذلك الا شرذمة قليلة من المنكرين الحاسدين ذوي العقول الضيقة الافق اصحاب هذه الوثائق التي اعتمدت عليها وشان هذه الوثائق شان الحبال التي خيل انها تسعى , ولنا الوثائق التي تكذب ما جاءت به هذه الصحف المسرطنه للتاريخ .
وانا الى الان لم يبلغنا من تجاسر على اصولنا و اعرافنا و تاريخنا و اسلافنا ممن يستحق الذكر , غير ما بلغنا من هذا الكتاب , ومع ذلك فلم نسمع عن الاعيان الاعلام الا المزيد من الثناء جزاهم الله .
هل يعوقنا ما كتبته ايدي الزيغ و الضلال , عما نعرفه من تاريخ زاويتنا و اسلافنا ؟ كلا وما زالت طريقة جهلة قريش كامنة في بعض الافراد يظهرونها تارة و يخفونها اخرى , ولكنها تجارة كاسدة , وخيمة تقضي بصاحبها الى سوء الخاتمة حفظنا الله و المسلمين , ولهذا كان الواجب على العاقل , ان ينزه لسانه عن اعراض الناس , وبالاخص الاشراف , فان الله يغار على ال بيت النبي و لو كانوا كاذبين كما يدعي صاحب الكتاب و الله اننا لصادقون , فمن شاء فليقبل ومن شاء فليدبر " فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ" " فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ " ونسبة الشرف في اصحاب الزاوية الزيانية القندوسية لن تزال ظاهرة على الحق , ولو عارضهم العالم اجمع , وهم معروفون كل واحد باسمه ولا يمكن ان تلصق او تنسب اليهم احد واني لغني عن التطويل و اقامة الحجة واستجلاب الدليل وانا لا استعظم ما قلته فينا لانه حقير بالنسبة لما قيل في اسلافنا و السلام عليكم ورحمة الله واذكرك بقوله تعالى " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم إِنَّ السَّمْع وَالْبَصَر وَالْفُؤَاد كُلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " .