بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركته
أما بعد، أخواتي و أبناء عمومتي الأعزاء، إن واقع أمتنا الإسلامية في حالة لا نحسد عليه، إن كان هناك ركب للأمم فإن مكان أمتنا للأسف في مؤخرته، إن لم نقل بأنها ليست حتى من الراكبات.
جميل أن نهتم بتعريف الأنساب و صلة الرحم، لكن لا نجعله هدفا لنا في حد ذاته. و إنما ليكون هدفنا نحن الأدارسة التفكير و البحث عن السبل و الكيفية لترك بصماتنا في هذه الحياة كما فعل أسلافنا.
فلنجعل التاريخ يذكرنا بعد مرور نصب من الزمن، و يقول في سنة 1429 هـ كانت هناك مجموعة من أحفاد النبي عليه الصلاة و السلام قد استغلوا نسبهم الشريف في مصلحة الأمة الإسلامية و ليس في مصلحتهم الشخصية. و كانوا قدوة، و بأعمالهم صنعوا ما لم يستطيع صنعه غيرهم.
ليس من لقب نفسه بالشريف، يكون حتما شريفا و لو حتى كان من سلالة الرسول صلى الله عليه و سلم و لكن الشريف هو ذلك المسلم التقي الصالح لأمته، كما قال جدنا علي كرم الله وجهه:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
فليس يغني الحسيب نسبته بلا لسانٍ له ولا أدب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي
مسؤوليتنا كبيرة و واجبنا أكبر، فنحن لسنا كعامة الناس، فلنسأل أنفسنا ما هي مهمتنا في هذه الحياة و في هذا العصر بذات؟ عصر الانحطاط و الهزائم.
لنجعل لحياتنا حصيلة، ما هي درجة مساهمتنا في الحضارة الإنسانية؟ لا شيء.
صحيحا، ان الله رزقنا و جعلنا من بين الأمم الغنية، و لكن ماذا كان رد فعلنا؟ أصبحنا أمتا تأكل مما لا تزرع و تلبس مما لا تنسج، أصبحنا متطفلين على الإنسانية. نعم إنه حال واقعنا، إن لم ندرك أنفسنا فإننا من مهلكين حتما.
لو مددنا بصرنا عبر الزمن، 20 سنة مستقبلا، يكون مصدر رزقنا قد نفد (البترول) و ترانا أصبحنا تائهين و متوحشين، النفس و المال و العرض مباح، القوي يأكل الضعيف، باختصار عصر الجاهلية من جديد. لماذا؟ ببساطة لأننا لم نعد أنفسنا لهذا اليوم.
سؤال يطرح نفسه بنفسه كيف يمكننا تجنب ذلك المصير؟
الجواب حسب رأي المتواضع، يكون في الإنسان، يجب أن نصب جل اهتمامنا على تكوينه و إعداده لمواجهة مصيرنا.
أبناء عمومتي الأدارسة الأعزاء، لنحدد لأنفسنا مهام، فلنجعل مخطط على مدى 20 سنة و يشمل مشروعان:
أ/ المشروع الأول :إعداد جيل من العلماء لخدمة الأمة الإسلامية.
ب/ المشروع الثاني :استعداد الأمة الإسلامية إلى ما بعد البترول.
أ/ إعداد جيل من العلماء لخدمة الأمة الإسلامية:
تعجبني هذه الأبيات الشعرية لجدنا علي كرم الله وجهه :
العلم زين فكن للعلم مكتسباً وَكُنْ لَهُ طالبا ما عشْتَ مُقْتَبِسا
اركن إليه وثق بالله واغنَ به وكن حليماً رزين العقل محترسا
لا تأثمن فاما كنت منهمكا في العلم يوما و إما كنت منغمسا
وَكُنْ فَتًى ماسكا مَحْضَ التُّقى ورعا للدِّيْنِ مُغْتَنِما لِلْعِلْمِ مُفْتَرسا
فمن تخلقَ بالآداب ظلَّ بها رَئِيْسَ قَوْمٍ إِذَا ما فارق الرؤسا
و اعلم هديت بأن العلم خير صفا أضحى لطالبه من فضله سلسا
طلب العلم، هو مفتاح النجاح. ليكن هذا الديوان منبر يخرج منه جيل من العلماء، فلنجعل همنا في طلب العلم.
العلم، كيف لنا أن نصل إليه؟ و كيف نكوَن نخبة من العلماء؟ التي بها نبني مجد أمتنا.
فلنبدأ بوضع الأساس لبنائنا، و هذا يكون على مستوى كل عضو من أعضاء الأسرة الكبيرة ''الأدارسة'' و منطقة تواجده و إمكانياته. و نفتح باب في هذا الديوان و نسمه ''إعداد جيل من العلماء لخدمة الأمة الإسلامية ''.
أهدافه:
• اعداد جيل من العلماء في مختلف العلوم الدينية و الدنيوية، و حبذا لو يكون الأدارسة من بين هذا الجيل.
• المدة الزمنية لإعداد هذا الجيل نجعلها لا تتعد 20 سنة.
• تطبيق على الواقع بما توصل إليه علماءنا وذلك بعد عملية تصفية للمواضع و ترك إلا الأهم أو ترتيب حسب الأولويات.
طريقة العمل:
1/الرصد:
- رصد معلومات حول المدارس أو الثانويات أو الجامعات ذات كفاءة عالية؛
- رصد النشء ذو مستوى عال و له شغف في طلب العلم و هو لا حول و قوة له. نبدأ بأبنائنا أو أبناء أخواتنا أو أبناء أرحامنا أو جيراننا أو أبناء بلدتنا إلى غير ذلك؛
- رصد مجال تطبيق على واقع أمتنا (الطاقة، المياه، الزراعة، الصناعة، .........)؛
- رصد الأشخاص أو هيئات ذوي قدرة على تكفل بالطلبة العلم؛
- رصد نوعية المساعدات:
تكفل الكامل بالطالب (الإيواء، دفع مستحقات الدراسة، توفير الكتب، توفير أدوات المدرسية،..........)؛
التكفل الجزئي بالطالب؛
التكفل بأبحاث التخرج في الميادين ألتي تعود بالفائدة على الأمة.
2/ التنسيق في ما بين مختلف هذه النقاط.
3/ متابعة الطالب من الطور الأول إلى أخر مرحلة من التعليم و إذا افترضنا بان هناك نهاية في طلب العلم.
4/ تجسيد الأبحاث على الواقع المعاش.
ب/ استعداد الأمة الإسلامية إلى ما بعد البترول:
نعلم جميعا بان الله قد أكرمنا و أنعم علينا نحن المسلمين بخيراته و من ذلك البترول، و هو للأسف في طريق الزوال، و كما نعلم كذلك بإن الأمة الإسلامية ستواجه بعد بضع سنوات مشكلة توفير الطاقة. فما هو البديل؟ هل نحن مستعدون لمواجهة مصيرنا؟
فمن رحمات الله علينا و نعامه، أنه أوجدنا في منطقة أكثر مناطق من العالم حيث الشمس متوفرة على طول السنة و بكثافة كثيرة، الشمس إن كانت في الماضي نقمة فهي في الحاضر نعمة. بحيث تمثل اليوم الطاقة البديلة لما بعد البترول في مختلف تطبيقاتها.
لا تستعمل الطاقة الشمسية في الأماكن المعزولة فقط ( أماكن لا توجد بها الشبكة الكهربائية).
عكس ذلك، فإننا نجدها في كل مكان ( المدن، الطرقات، مساكن ريفية، جماعية أو فردية، الاتصالات، إشارات البحرية، مطارات، موانئ، مضخات المياه، التسخين المياه، التبريد، تحليه المياه).
الطاقة الشمسية هي التكنولوجية الجديدة التي باستغلالها يتم تهيئة المحيط و حماية البيئة و بها نواجه :
- نهاية الحتمية للبترول؛
- الطلب المتزايد لاحتياجاتنا للطاقية؛
- النمو الديموغرافي و الاقتصادي؛
- مكافحة التلوث و التصحر و فقدان الغابات.
الطاقة الشمسية هي :
- منبع لا ينفذ؛
- غير ملوثة؛
- اقتصادية؛
- متجددة، محلية، غير مركزية؛
- تتلاءم بسهولة مع المبنى أو المنشآت التي ترّكب فيها.
معطيات المتوفرة في الوطن العربي و الإسلامي هي:
- مساحات شاسعة من الأراضي؛
- عرض السنوي ''الشمسي الحراري'' يقدر بـ 169,44 بليون وات ساعي/سنة؛
- عرض السنوي ''الشمسي الضوء الفولطي'' يقدر بـ 13,9 بليون وات ساعي/سنة؛
- عامل بشري (الأدمغة)، نبدأ بالمتوفر انتظارا الجيل الصاعد و بما يحمل معه من العلم؛
- حاليا الموارد المالية.
و أقترح ان نستقطب جميع الأفكار و النظريات و الخبرات و الاقتراحات و الحلول في باب من هذا الديوان و يكون تحت إسم ''استعداد الأمة الإسلامية إلى ما بعد البترول''.
الوقت يدهمنا بسرعة و نحن قاعدون و نائمون لا نتحرك لاستعداد لمواجهة مصيرنا المحتوم (الزوال). نعم انه مصير المحتوم إن لم نعد و نتحصن فانه سيدهمنا و نمحى من هذه المعمورة. و الحمد لله فلازال هناك أمامنا بعض من الوقت، لنغتنمه قبل فوات الأوان.
و ختاما، لنحدد لأنفسنا سنة 1449 هـ تاريخ الوصول، انشأ الله، بهذان المشروعان إلى ما نصبو إليه. و هكذا نحن الأدارسة يكون مرورنا على هذا الكوكب إيجابيا و ليس كمرور عابر سبيل. و بأعمالنا نكون قد شاركنا في بناء الحضارة الإنسانية.